الحروف تموت حين تقال ...
لكن ألا تدركون أن تلك الحروفَ ذاتها وعلى الرغمِ من بساطتها في كثيرٍ من الأحيانِ تقومُ بإنعاشِ قلبٍ وأده الإنهاكُ والحزن! كلمةٌ ننطقها بصدق تُشفي أوجاع الروحِ، وكلمةٌ أخرى قاسيةٌ ربما ننطقها كذلك لمن نُحِب وحتى ولو دون قصد فنودي بقلبه إلى التهلكة، فرفقاً بقلوبِ أحبائكم، رفقاً بمشاعرهم لأن ذلك الجرح الذي تسببونه لن يداوى بسهولة..كانت عسل قوية... وعلى الرغم من سنواتِ عمرها التي لم تتجاوز الستة عشر إلا أنها تريدُ أن تثبت لنفسها وللجميع أنها قويةً وضد الصدمات ! ربما بعد ابتعاد أخيها الوحيد مراد منذُ سنوات عنهم وسفره الطويل وتزوج نور وآدم وانشغالِ والديها بحزنهم على ما حل بأسرتهم ظلت تلكَ الصغيرةُ تكبرُ فيما بينهم، وربما على هامش حياتهم فالأولويةُ دائماً للغائبين وللماضي الذي لم يتنازل أحد عنه حتى اللحظة ...
تقربت بتلكَ الفترة من جمانة وكريم بزياراتٍ شبه يومية...تعلمت الملاكمة وبعدها التحقت بدوراتٍ للدفاع عن النفس والكارتيه التي أقامها كريم في ناديه الرياضي، قصت شعرها حينما بلغت الثالثة عشرَ من العمر وحينها فاجئت الجميع بما فعلت، حتى ألبستها الطفولية من حينها تغيرت تماماً وصارت أكثر غرابة وسوداوية وتعودت من حينها أن تمسحَ الحُزنَ من قلبها فقد نالَ منها لسنواتٍ طويلةٍ تجرعته من خلال نظرات والديها من الأطعمة وحتى الأثاثُ حولها كان كئيباً طيلة سنوات!حتى عاد مراد وتغير الكثيرُ ، ضحكةُ رضوان وعبير قد عادت مشرقةً كالسابق، حتى نور بدت أكثرَ إشراقاً وحيوية، كريم وموقفه السلبي وجمانة الخائفة من عودة مراد، والذي بدا واضحاً من نظراتها وتصرفاتها حينما يلتقيان، راقبت عسل الجميعَ وتصرفاتهم أما هي فلم يتغير شيءٌ فيها، لأنها ببساطةٍ بالكاد تذكرُ أفعال شقيقها الذي غابَ لست سنواتٍ كاملةٍ تتأملُ صوره فقط من خلال الألبوم الذي كانت تشاهده عبير كُلَ يوم !.
وقفت على شرفتها تتأملُ نجومَ السماء الصافية مساء هذا اليوم، وتغطت بوشاحٍ صوفيٍ يقيها برودة المساء بعدما قرأت رسالة فهد الأخيرة ( آسف ) ابتسمت بتهكمٍ ورمت الجهاز على فراشها وكأن ما جرى سيداويه ذلك الفهد بكلمة آسف! هل ستعيد كلمته الواهية ترميم قلبها الذي تشقق لكذبته هل ستبكي! البكاءُ والهروبُ للضعفاء، هذا ما كانت تردده دائماً حتى اللحظة لطالما بكت في الماضي وحيدةً على سريرها بعد شعورها بالفراغِ والوحدة بهذا السن الصغيرة ولم يزدها ذلك أو يداويها لكنها هذه اللحظة لعنت ضعفها وبكائها البارحة أمام فهد! فهو أخرُ من كانت تتمنى البكاء أمامه، مسحت عينيها بسرعةٍ كيلا تشهد على بكائها نجومُ السماءِ كذلك وأطلقت تنهيدةً عالية عندما طُرقَ البابُ ودلف مراد إلى الداخل لأنها لم تتناول العشاء برفقتهم كذلك هذا اليوم..
أطلَ بابتسامةٍ من باب الشرفة بينما تجاهلت وجوده ووضعت سماعات الأذن لتتظاهر بالاندماج بسماع الموسيقى بل ورفعت الصوت كيلا تستمع لصوته وهو يناديها، توقف خلفها وانتشل السماعتين قائلاً بعتاب: لمَ تتجاهليني؟
- ولمَ قد أتجاهلُ أخي العزيز ياترى؟!
أنت تقرأ
لحن الحب ((جنوني بعينيك انتحار 2 ))
Romanceالجزء الثاني .... من يراني من بعيد... لربما يؤمن بسعادتي....لا يدركون أني أبكي كل يوم.. والجرح الذي بداخلي ينزف دائماً وأبداً....أصبحت حياتي مجهولةً كلحنٍ أثيري مبعثر ..ويستمر الليل الطويل دون أن تشرق شمس الأمل...أضحت نيراني رماداً ومن بين الرماد خر...