(٣)

1.6K 65 4
                                    


ترجلت من سيارته السوداء متجهةً للداخل فناداها بصوتٍ قوي : عسل.. انتظري "
توقفت واستدارت ناحية مراد فقال بحنو :
- لنتمشى بالحديقة قليلاً.. هيا الجو جميل " تلكأت لبرهةٍ قبل أن تسير بجانب أخيها بصمتٍ مطبقٍ من كليهما حتى استدارت ناحيته متسائلة :
-أستصمت كثيراً.. أطلق ما بجعبتك من عتابٍ وملام ودعني أذهب في طريقي"

تطلع مراد داخل عيني شقيقته الحادتين كعيني ذئب! كانتا تشابهان نظرة عينيه القاسية كثيرا!  أجاب وهو يمسح بإبهامه ما بين حاجبيها لإزالة تلك التقطيبة :
-تدركين أن دور الفتاة الشريرة لا يليق بكِ، فلا تتمادي بذلك .

لاحت ابتسامةٌ ساخرةٌ على شفاهها ليتسائل بعدها بعتاب: لما تفعلين ذلك.. لقد آذيتِ صديقتكِ كثيراً أتدركين خطر الفعل الذي أقدمتي على ممارسته وهذه الأفعال نهايتها سجن الأحداث لو تدركين .

تطلعت فيه بحدة وهتفت : هي السبب.
تستحق الحرق لكني رحمتها هذه المرة "

- عسل!! ما هذا الكلام؟ إن تطاولت معك أو تعرضت لك بإمكانك ابلاغ معلمتك لا أن تبرحيها ضرباً !!"

تعالت ضحكات الاستهزاء منها مجيبة :
- أخبر المعلمة!! ما رأيك أن أهرول ناحيتها باكيةً كذلك وأنا أمسح مخاطي بقميصها!

-لا إضربيها وتصرفي من رأسك كي تطردي من هذه المدرسةِ كذلك "

-سأضربها وأضرب كل من يتجرأ على المساس بي بكلمة "

وتركته وغادرت إلى الداخل وسط دخوله ذهوله من هذه الصغيرة الشرسة ! واتجه ناحية سيارته مجدداً للذهاب إلى الشركة حيث قابل آدم أمام البوابة ليومئ له ملقياً السلام باقتضاب تنبه آدم لتعابير وجهه المتجهم فلحق به حتى استقل مراد المصعد ليتسائل آدم بقلق : - هل كل شيءٍ على ما يرام؟

-لا شيء على ما يرام أبداً بحياتي " نطقها بغضبٍ وخرج بعدما بفتح باب المصعد ليتجه ناحية مكتبه الذي كان مكتب آدم سابقاً قبل توليه منصب الإدارة وما كاد يلحق به حتى قالت السكرتيرة رشا برصانة:
- استاذ آدم المهندسين بانتظارك للبدء بالاجتماع"

أومئ لها واتجه إلى مكتبه بينما دلف مراد إلى مكتبه ليرمي جاكيت بذلته على الكرسي الجلدي ويجلس على حافة المكتب وهو يقلب تلك البطاقة التي سلمتها له مديرة المدرسة، هل تحتاج عسل حقاً استشارةً نفسية! تسائل بقلقٍ فعل وصلت الأمور إلى هذا الحد!
طرقت رشا الباب لتقول بارتباك:
- الاجتماع بدء مراد بك" تنبه لها ليعتدل واقفاً وأومئ لها :حسناً، أنا قادم .
واتجه ناحية الباب لترمقه رشا وتتنهد تنهيدةً طويلة بعدما سار بجانبها حتى باب مكتب آدم "

               *******

وسكن الليل لتعانق نجوم السماء التماع عينيه الحالكتين، حدق بالبدر المكتمل من شرفته والنسائم الندية تلامس وجنتيه ببرودةٍ محببة يقولون أن الزمن يشفى جراح الأشرار والطيبين على حد سواء، لكن جراحه لم تشفى، ظلت محفورةً بداخل صدره كنفشٍ سوداوي ٌطيلة سنوات، لو لم يجري ما جرى بتلك المشئومة حينما وقعت إليسا وبسببه، بسبب إهماله ومجونة كما اتهمه الجميع وكما اتهم نفسه لكان طفله الآن يبلغ من العمر ثمانية سنوات ! سيكون حينها كأي أبٍ محبٍ يحتضن عائلته لتنعم بأمان ولربما كان لديه طفلٌ ثانٍ أو ثالث ....ثمان سنوات  أي أنه الآن في بداية الأربعين من عمره ولم يؤسس بعد لنفسه أسرةً مستقلة بل خسر أسرته ونفسه وحياته

لحن الحب ((جنوني بعينيك انتحار 2 ))حيث تعيش القصص. اكتشف الآن