(٨)

1.3K 93 8
                                    

وقف هشام بتلقائية وسط نظرات مراد المبهمة المنكبة عليه وقال بحبور: تشرفت بمعرفتكم،عن إذنكم " ليغادر مع إليسا ..
تمتمت نور بانبهار: أيعقل أنها إليسا....يا إلهي كم تغيرت!
فأعقبت جمانة : وازدادت جمالاً  وقوة! "
تناول مراد جاكيت بذلته وغادر بصمت وقد شعرَ باختناقٍ رهيب بصدره وسط نظراتهم ولم يعلق أحدهم بحرفٍ آخر ..

وصلت إليسا ناحية سيارتها وألقت السلام على هشام واستقلت سيارتها لكنه سارع وفتح الباب الآخر وجلس على المقعد وسط استغراب اليسا من تصرفه فقال بهدوءٍ وهو يلمح مُراد خارجاً من باب المطعم: بإمكانك إيصالي أليس كذلك تعرفين أني لا أملكُ سيارة .
شعرت بالحرج منه ولم تتنبه هي على مراد الذي تعلقت عينيه عليهما بشرود... هو نفسه لايدري
سبباً مقنعاً لهذا الضيق الذي تملك منه بعد هذه السنوات! وربما كوننا لا ندرك قيمة من حولنا إلا حين نفتقدهم.

شغلت إليسا سيارتها وانطلقت مارةً من أمام مراد حتى تنبهت عليه أخيراً لتشيح بنظراتها عنه فوراً وتقبض على المقود بتجاهل مبالغ فيه..لاحت ابتسامةٌ منهكةٌ ثغر مراد ورمى جاكيت بذلته على كتفه ومشى بخطواتٍ قاسيةٍ حتى قادته قدماه ناحية الحديقة القريبة من المطعم تهادى على المقعد وهو يشعر بضيقٍ شديد أرجع جذعه إلى الخلف وعادت كلمات إليسا تطرق ذاكرته بعنف هذه الصغيرة علمته درساً قاسياً وما زالت حتى اللحظة تعطيهِ دروساً بالحياة !

توقفي إليسا"قالها هشام بعدما لاحظ اضطرابها الشديد لتتطلع به بضياع فعاود الحديث: سأقود أنا" استسلمت له وخرجت ليتبادلا المقاعد
فارتمت على الكرسي..  لم يشغل هشام السيارة بل جلس يراقبها بصمت حتى سألها أخيراً بصوت غامض: هل ما زلت تكنين له المشاعر؟
حدقت فيه وأجابت ساخرة: نحن نتحدث عن ثمانية سنوات.
- تعابير وجهك تتحدث بوضوح إليسا .
- من الصعب أن يتقابل المرء مع ماضيه..بالأخص ماضيه السيء.
تنهد هشام وقال بعد فترة : دليني على العنوان
هزت رأسها بإيجاب وأملته العنوان وأغمضت عينيها بعدها، .توقفت السيارة بعد مضي نصف ساعة أمام الفيلا ترجلا من السيارة وتوقفا على أعتاب البوابة الحديدية فقالت
-شكراً لك "
تبسم مجيباً بصدق: بل أنا من أشكركِ"
صمت محاولاً استجماع كلماته من جديد ومع أنه راغبٌ وبشدة التعرف عليها أكثر، على ذلك الماضي الذي تتأثر كلما طرق ذاكرتها، على زوجها السابق الذي يلوعها عذاباً في كل مرةٍ يتقابلان لكن ابتلع حروفه حينما هربت من أمامه لتحتمي بمنزلها من صقيع الذكريات ..

*******

استمع مراد لحركة خفيفة من خلف مقعده  استدار بتلقائيةٍ ليرى تلك الفتاة التي تجلس على   أسفل الشجرة خلفه، ضيق عينيه أكثر حين تنبه عليها ..عينيها دامعتين...بل تبكي بصمت،
نهض عن مقعده متوجهاً ناحيتها وتنحنح قليلاً وتسائل: هل أنتِ بخير يا آنسة؟ أتحتاجين إلى مساعدة؟

رفعت رأسها ناحيته ومسحت دموعها نافيةً وهي تنهض من مكانها: لا..شكراً لك " ومشت من أمامه بغير اتزان.
قطب ما بين حاجبيه وتسائل وهو يسير خلفها: أمتأكدة ؟ لا تبدين بخير.
توقفت واستدارت ناحيته وهمست بغير اتزان : أخبرتك أني بخير ألا تفهم !!
-كما تشائين كنت أريد المساعدة فقط"
استندت على الشجرة التي بجانبها وقد هاجمها دوار مفاجئ فقال مراد بحزم:
اسمحي لي بإيصالكِ  تبدين متعبة، ووجهكِ شاحب"
صمتت تحدق فيه وبعدها هزت رأسها موافقةً فهي لازالت تشعر بدوارٍ شديد: يبدو أن ضغطي قد انخفض"
تمشيا ناحية سيارته التي ركنها بجانب المطعم ليستقلها وتمتم بينه وبين نفسه  : وأنا ضغطي قد ارتفع اليوم جداً !!

لحن الحب ((جنوني بعينيك انتحار 2 ))حيث تعيش القصص. اكتشف الآن