(٢١)

1K 62 33
                                    

ضرب كفاً بكف ثم تبسم مراقباً إياها وهي تمشي في الرواق المؤدي لفصلها وشعيراتها القصيرة السوداء تتطاير لترتطم بهمجيةٍ ككلٍ شيءٍ بهذه الصغيرة، دلفت المديرة إلى مكتبها فاقترب منها وقرصها من وجنتيها مازحاً: أحلى خالة بالدنيا شكراً لكِ
دفعته بغيظ وهتفت : كف عن هذا يا ولد نحن بالمدرسة ..
تعالت قهقهاته ثم أفلت وجنتيها وابتعد قليلاً : حسناً آسف انجرفت بمشاعري قليلاً .
أردفت بجدية بعدما جلست خلف مكتبها : لم أسمح لك برؤيتها سوى كونها حالةٌ تريد علاجها وأنا أثق فيك...هذه الفتاة لولا طباعها الشرسة لكانت فعلاً مميزة، فهي متفوقةٌ بدراستها ولا أريد منها أن تُطرد من المدرسة والسنة القادمة ستقدم فحص الثانوية العامة.
سرح بالنافذة وهمس : سبحان من أبدع شراستها !
-نعم!!
- آه لا شيء خالتي تأخرتُ عن المستشفى ...عن اذنك.
وضع نظارته الشمسية السوداء ثم توقف أمام الباب قبل أن يخرج و قال ضاحكاً : لا تطرديها رجاءاً على الأقل هذه الفترة.
ثم أردف : ننظرك اليوم على العشاء خالتي أعرفكِ تحبين المحشي.
لتعدل المديرة من وضع نظارتها الطبية وتهز رأسها بيأسٍ منه وتحدث نفسها باسمة ...ما يزالُ مشاغباً كعادته !
                                                                                   ***********

أغلق أمير  المرش ولف جسده بمنشفةٍ وخرج إلى غرفته للاستعداد ليومٍ آخر بالمستشفى، طرق باب منزله وهو يغلق آ خر أزرار قميصه الأسود فتح واكتست ملامحه الضيق من والده الذي هتف فيه فور رؤيته.
- عشرُ أيامٍ وأنت مختفٍ هنا ولا نراك  !
فتح أمير الباب على مصراعه وخطى للداخل ليتبعه والده ثم أجاب :  أنتَ من طردني .
- وعدتني أن تحل القصة أن تأخذ بثأر شقيقتك لترتاح روحها...وما الذي فعلته هاه، مجردُ وعودٍ كاذبة !!
جلس أمام والده وأجاب :وما الذي كنت تريده أكثر مما فعلتُه بهما !
حدق فيه والده بنظرةٍ شيطانيةٍ وأجاب : وهل شجارهما أو طلاقهما سيحل المشكلةَ مثلاً سيعيد شقيقتكَ للحياة !!
أحنى رأسه بوجوم وهو يعتصر كفيه ببعضهما: -أتريدُ إراقةَ الدماء مثلاً!!ألا يوجدُ حدودٌ لانتقامك أبي!؟
- نعم..أريدُ إراقةَ الدماء كي ترتاح روحها .
نهض من على الكرسي وأشاح بوجهه عن والده قائلاً : لستُ مجرماً ولن أكون .
زم شفاهه بغضبٍ وهدر صوته: فلتحترق بجهنم .
استدار ناحيته مضيقاً ما بين حاجبيه: شكراً لك.. يبدو أن عائلتنا جميعها ستحترق بسبب أفعالك، ثم أنك منذُ سنواتٍ وأنت لا تهتمُ بنا فلا تدعِ الآن أنك ملتاعٌ لفقد ابنتك"
غادر مغلقاً الباب خلفه ليزم والده شفاهه بغضب ويهدر صوته... سأتصرفُ أنا إذن أيها العاق.

*********
ص

عد مراد بعد عدة ساعات إلى الملحق وصار يحدق حوله ويتفقد المنزل وما يلزمه من إصلاحات، أخرج الهاتف واتصل في آدم وقال بلهجة آمرة : لاقيني في المقهى، سأرسل لك العنوان ...ثم حدق  بالمدفأة الصغيرة وغادر .
عليه أن يصلح الكثير على ما يبدوا،
قابله آدم فعلاً وجلس يشرح له الموضوع ببساطة حتى وصل لنهاية حديثه حيث قال، طلبت اختك الطلاق، والآن تركتها تبيت في المنزل ولبضع ايام سأكون في الفندق إذا احتجتني مراد  اعذرني علي أن أربيها هذه الكلمة لن تنطقها بهذه السهولة علها ان تتحمل نتيجة سوء ظنها .
اطرق مراد برأسه متنهدا ثم ربت على كتفه وهو ينهض:  ربيها آدم، لكن لا تطل الخصام كثيراً، وكان من الأفضل أن تظل عندنا في هذه الفترة كي لا تبقى بمفردها.
هز آدم رأسه رافضاً: لا يعقل أن كل خصام بيننا ستترك فيه المنزل وتغادر صحيح؟
هز مراد رأسه باقتناع : صحيح، انتبه على نفسك وسأذهب لأراها الآن .
كاد أن يصل بوابة المقهى فناداه آدم وقال بلهفة: طمئني عنها.
ابتسم بحنان وأومأ له مغادرا، ليرى المجنونة الأخرى حين وصل و عيناها منتفختان من كثرة البكاء والمنزل بحالة فوضى عارمة كدليل أن نور قد قضت ليلة مريعة لكن عليها أن تتربى كما قال آدم، عليها ان تثق اولا وأخيراً بزوجها وألا تتهمه قبل أن تتأكد.
- ستظلين هنا حتى يرتاح كلاكما، سؤال اخير : تريدين الطلاق؟
شحب وجهها وهزت رأسها بنفي وقد تعالى نشيجها الباكي .فقرصها مراد من وجنتها :- إذا اغسلي وجهك ونظفي هذا المنزل  وكوني بانتظار زوجك، لن يطول به الوقت وسيعود، والمهم أن تكوني على استعداد لسماعه والوثوق فيه لن اخبرك حتماً من هو آدم اليس كذلك؟ .
أومأت له وهي تمسح دموعها فقبلها من جبينها وغادر ...سيكون يومه طويل ومهامه كثيرة على ما يبدوا خاصة بعد الاتصال الأخير الذي جاءه !

لحن الحب ((جنوني بعينيك انتحار 2 ))حيث تعيش القصص. اكتشف الآن