(١٩)

1K 61 14
                                    

عندما نتعرضُ لتلكَ اللطمة الموجعة ممن نُحِب وتشعرُ بذلك الشرخ الذي بدأ بالتوسع..ستتأكدُ حينها أن لا شيءَ سيعود لما كان عليه، سيتغيرُ الكثيرُ جداً..وأولهم الثقة، الشعورُ بالأمان الذي تلاشى، وذلك الألم الذي يتخذُ من القلب مسكناً له..مسكناً لن يغادره بسهولة.

أسبوعٌ لم يتغير فيه شيءٌ بالنسبةِ لنور التي اتخذت من السرير ملجأً ووسادتها التي روتها بدموعٍ ذرفتها صدمةً مما فعله آدم..صدمتها كانت عنيفة جداً وهو لم يدرِ كيفَ سيتصرف أو ما هو الخطئ الذي اقترفه !! أسبوعٌ وهو ويفكرُ بما فعل وهي تمتنعُ حتى عن النظرِ لوجهه، تراه حينما يحضر لمنزل خالته لمعرفة ما جرى...تراه وكأنها ترى شيطاناً بغيضاً، ولم يفهم أحدٌ من العائلةِ ما السبب... حتى جمانة صديقتها المقربة لم تحكي لها عما جرى وكأنها تهربُ فقط من الحديثِ بالأمر.. حتى دلال لم تفارقها لحظةً واحدة وكأن مجيئها بهذا الوقت لهذه العائلةً كان قدراً لا مفر منه، قدر سيكون لهُ تأثير كبير على حياتها فيما بعد ومراد ومن خلال آلام شقيقته..استطاعَ تمييز دلال الإنسانة الطيبة والمؤمنة وقد حركت بداخلِ صدره شعوراً لم يفهم كنهه أبداً صارَ المنزلُ على الرغم من أجواءه المشحونة ساكنٌ بطريقةٍ مبهمة وهو يتنفس روحا جديدة بين جدرانه!

صوتَ تلاوتها للقرآن الكريم بصوتٍ شبه هامس يسمعها حينما يمر بالقرب من غرفة شقيقته للولوج لغرفته استطاعَ مراد تمييزَ كلِ شيء عدا مسحةُ الحُزنِ التي ترتسمُ على محياها وتلك الدموع التي تذرفها كلما مر هشام على ذاكرتها ..أو حتى عندما يمرُ لعندهم للاطمئنان على صحة نور .

كان ببعض الاحيان يجتمع بإليسا بداخل هذا المنزل لكنهما يتجاهلان بعضهما منذُ ذلك اليوم حينما تركها ليلاً وعاد بمفرده طبعاً بعد أن اطمأن أنها استقلت السيارة برفقة مراد حيث كان يراقبها من بعيد وهي لم تكن تريدُ معرفة ما به يكفيها ساهر وإصراره على بيع الفيلا والمعمل وما عليها سوى الصمتُ على طمعِ شقيقها حتى وصلت لمرحلةٍ طلبت منه أن يفعل ما يريد ويذهب إلى غير رجعة...فقد ماتَ حتى هو بالنسبة لها بعدما فعل .
استيقظت اليسا صباحاً على صوت طرقات ساهر على باب غرفتها دلف إلى الداخل وقال بهدوء:
- سيأتي اليوم المحامي لإكمال كافة الإجراءات... وجدتُ مشترياً للمعمل.

هزت رأسها بلا مبالاة ثم غطت وجهها مجدداً باللحاف فغادر مغلقاً الباب خلفه، سمعت بعد دقائق صوت إغلاقه لباب المنزل فقذفت باللحاف بحنقٍ وتجهزت للذهابِ إلى المستشفى...
في تلك الفترة كانت عسل قد عادت للمنزل بعدما علمت ما جرى مع نور, ولا تصدق أن آدم من الممكن أن يؤذيها فعلاً حتى أنها اتصلت به لتستفهم ولم تحصل على نتيجة، بعدما اتصلت به عبير..ورضوان، لكن الجميع فعلاً لا يعلم السر ولا نور تريد الإفصاح عنه، كانت عسل قد عاودت الذهاب لمدرستها ولكن مع سائقٍ جديدٍ قام مراد بتعيينه، تتطلعُ فيه عسل لترى الاختلاف الفج بينه وبين فهد .. الدكتور فهد !! وتتمنى أن ترى أحاديثه من جديد و ضحكاته الجذابة، لم تنجذب له بعقل مراهقةٍ كونه شاباً وسيماً، بقدر ما جذبتها شخصيته وطريقة حديثه المريحة والمتفهمة، وهو لم يعد يتصل بها بعدما شرح لمراد ما الذي جرى وقد تيقنت عسل بأن كلَ شيءٍ قد انتهى عند هذه اللحظة، كانت له مجردَ حالةٍ للعلاج وسحقا للمشاعر.

لحن الحب ((جنوني بعينيك انتحار 2 ))حيث تعيش القصص. اكتشف الآن