(١)

4.1K 87 14
                                    

أأنتظرك؟
-افعل ما يحلو لك "
نطقتها إليسا بثقة وهي ترفع رأسها بشموخ تجاه زوجها السابق.أما هو فتاه في هذه التفاصيل التي أينعت وازدهرت وازدادت فتنة ورونقاً ...
شل تفكيره هذه اللحظة والصغير ابن جمانة  ما يزال غافيا ًعلى كتفه ولم يستطع أن يزيح ببصره عن تلك العينين الكحيلتين الحادتين، فكم تغيرت صغيرته ! كم أضحت مغايرة ً عن تلك الشابة الخجولة التي كانت الملتصقة به على الدوام ! بل أضحت نسخةً مؤنثةً عنه، تلك القوة والصلابة لم يرهم سابقاً، ماذا فعلت بك الأيام يا إليسا! بل ماذا فعلت أنا بك !؟ تساءل مراد بسره وهو يطالعها بانبهار أما هي فكانت كمن عادت بالزمن إلى الوراء....أضحت وجها لوجه مع أسوء كوابيسها رغم جمودها الظاهر إلا أنه كانت ترتجف على قدر الألم الذي سببه لها قبل رحيله..

انتشل مراد من شروده صوت صفارات سيارات الإسعاف التي دوت بالخارج ليهرع الطاقم الطبي بحالة استنفار وبينهما وحش الشوكولاه (اليسا) ذلك اللقب الذي لا يعرف كيف طرأ على باله فجأة!
هرولت إليسا ناحية سرير النقل تتفحص حالة المريض  فقال أحد رجال الإسعاف بمهنية : أعراض سكتة قلبية " عانى من الإجهاد البدني .. كان يمارس تمريناته الرياضية حتى سقط فجأةً متألماً وعانى صعوبة في التنفس "
هرعت اليسا تجاهه كونها تعمل بقسم الطوارئ !لكن كيف ومتى وأنى لها هذه القوة والصلابة التي تطل من حدقتيها وهي كانت تخاف وتجهش بالبكاء إن رأت نقطة دماءٍ على إصبعها والآن هي طبيبة !
عقله لم يستوعب بعد أنها أضحت طبيبة!
صدر صراخٌ وبكاء من زوجة المريض الراقد على السرير التي دلفت لتوها فدفعها الممرض بعيداً حينما قال الطبيب الذي حضر  ووقف قبالة اليسا: النبض يتباطأ جهاز الصدمات الكهربائية بسرعة "  فاتجه مباشرةً لإحضاره بينما شرع الطبيب هشام بعمل مساجٍ للقلب في محاولةٍ منه لإنعاش قلب المريض وزوجته ما زالت تصرخ من بعيد, تناولت اليسا جهاز الصدمات ليبتعد هشام مفسحاً المجال لها وهتفت : هيا افتح .. واحد ..اثنان.. ثلاثة "
تلاحقت أنفاسها وهي تنظر للشاب الراقد على السرير وقالت بثقة : لن تموت اليوم... أتفهم...لن تكسر قلب زوجتك..."
كانت ترجو الله سبحانه أن ينجيه، تطلعت بهشام وهتفت بقوة : سأبدأ مجدداً واحد.. اثنان .. ثلاثة.." لينتفض جسد الشاب وتعاود نبضاته بالعودة لطبيعتها بشكل تدريجي، أدمعت عيناها وتنفست الصعداء وأرجعت الجهاز لمكانه  فربت الدكتور هشام على كتفها باسماً بتشجيع : أحسنتِ إليسا " ودفع بالسرير من فوره ليتحرك به للقيام بالإجراءات التالية ..

لم يتنبه مراد على شيءٍ حوله وهو يراقبها، بصدمةٍ وتفاجئ ..يراقب ذلك الطبيب الذي تجرأ على التحديق بها بهذه الطريقة الغريبة ولم ينتبه أ
على صياح الممرضة ..حتى دفعته بغلظة قائلة :
-ما بك أيها الرجل قلت ابتعد عن الطريق !
رفع حاجبيه وأومئ لها بارتباك قبل أن يهرب من قسم الإسعاف عائداً إلى المنزل ..
عائداً إلى مكان ماعاد ينتمي إليه...مكان أضحى فارغ فجأة...مقيت كئيب بعد رحيله واختلاف شخصيات ساكنيه....فيت سنوات امر ليس بالهين أبدأ..
في اليوم التالي مباشرةً حين رآها لأول مرة لم يستطع صبراً على معرفة ما حل بها وهذا التغير الذي طرأ على شخصيتها وحياتها.. اتجه ناحية المستشفى مجهزاً باقة زهور  ربما يحاول التعويض عما ألحقه بها سابقاً من ضرر فهو وبعد الطلاق هرب فوراً من الجميع ومنها، توجه ناحية قسم الطوارئ لتجيبه الممرضة بهدوء :
- ليست هنا... انتقلت " ببساطةٍ نطقتها ليهتف وهو يضرب بكفه على الطاولة :
كيف انتقلت والبارحة ليلاً كانت هنا !!"

لحن الحب ((جنوني بعينيك انتحار 2 ))حيث تعيش القصص. اكتشف الآن