الجزء الأول من الفصل الأخير

1.1K 59 15
                                    

وصل إلى المستشفى وهرع بعدها ليحملها وهي تنزف وتحول صراخها لمجرد أنينٍ متألم، وضعها على النقالة وهرول بها المسعفون إلى غرفة العمليات
ارتد إلى الوراء ليستند على الحائط بينما عبير تراقبه وهي تدعو الله بسرها أن ينجي دلال  تلك التي وما إن خطت لداخل الفيلا غيرت ابنها كلياً وصارَ أكثر إشراقاً وحيوية، انزلق  على المقعد وهو يخفي وجهه خلف كفيه ويحني جذعه للأمام يدعو الله .

تذكر هذه اللحظة قبلتهما الأولى، صباحه الأول معها، الأمان الذي شعره برفقتها منذُ زواجهما، التزاماته الدينية التي بدأت تتشكلُ من جديد على يديها، والآن يخاف الحرمان الاستقرار الذي عاشه برفقتها،  فرك جبينه بأصابعه وعاد صراخها من الداخل يعذب روحه  واختلط بصراخها قبل ساعاتٍ عندما زلت قدمها لترتطم بعنفٍ على أرض الحمام وهي بشهرها الثامن من الحمل .

تذكر كيف تلقى خبر حملها وكأنه البارحه...حينها كان قد حضر من العمل مرهقاً جداً لم يكونوا قد تناولوا العشاء بعد قالت عبير بابتسامةٍ رقيقة: -مباركٌ يا بني...

فتسائل وهو يخلع جاكيت بذلته ويسنده على الكرسي: على ماذا؟
اصطبغ وجه دلال بحمرة ٍ طفيفة وهي تضعُ آخر طبقٍ على الطاولة وأجابت بخجل :
- ستصبحُ أباً ...أنا حامل "
حامل....حامل...حامل ! صار عقله يرددها بسرعةٍ جنونية كمن سمع لتوه بأنه ربح الجائزة الكبرى بأكبر مسابقةٍ كونية !

ندت دمعةٌ من عينيه لم يستطع كبحها ثم خطى ناحية دلال، حملها وصار يدور بها بوسط الصالة دون أن يأبه بوجود عبير ورضوان وحتى عسل التي تعالت ضحكاتها المرحة وهي تهتف :
- جن أخي !!.

سقطت دمعته هذه اللحظة كما سقطت عندما أعلمته بحملها، كما سقطت حين زواجه منها،  ما يزالُ غيرُ مصدقٍ لكل ماجرى وكأنه مجردُ حلمٍ يخاف أن يستفيقَ منه فيرتطم بشناعة واقعه !
كان يدعوا الله كل يومٍ أن يحمي الجنين ويحفظه خوفاً من أن يتكرر معه ما حصل بالماضي مع اليسا حينما أهملها وفقد طفله، منع دلال من العمل منذُ عرف بالخبر،  خصصَ لها سائقاً خاصاً حينما تريدُ الخروج من المنزل  بل صار هو من يترك عمله لإيصالها، لم ينتبه على حرصه المبالغ، وعلى الرغم من ضيق دلال في بعض الأحيان من حرصه الشديد إلا أنها آثرت الصمت وهي تلتمسُ عطفه وحنانه وسعادته بطفلهما الأول...كان مراد حريصاً جداً لكنه غفل عن أمرٍ مهم...ألا وهو أن قضاء الله سيحصلُ مهما اتخذ التدابير وعمل بها !

وعاد إلى الواقع مجدداً عندما كفت دلال فجأةً عن الصراخ من خلف باب غرفة العمليات، تطلع بوالدته يستجديها أن تطمئن...ربتت عبير على كتفه بحنان بعدما عرفت ما جرى وسمعت صوتاً لم تلتقطه أذني ابنها المشوشة ...

خرجت الممرضةُ بعد دقائق قليلة وبيدها رضيعٌ صغيرٌ جداً يصرخ احتجاجاً على خروجه قبل ميعادة بشهرٍ كامل، لم تعد قدميه تحملانه اختلجت ضلوعه بصدره والممرضةُ تقول : صحيحٌ أن الصدمة على حوضها كانت قويةٌ جداً وحرضت على طلقٍ مبكر لكن الحمدُ لله كلاهما بخير... يبدو أن الصغيرة أرادت الخروجَ بسرعة، أوصلتماها بالوقت المناسب....

لحن الحب ((جنوني بعينيك انتحار 2 ))حيث تعيش القصص. اكتشف الآن