أفديه بروحي..
لكم كانت تلك الكلمة ذاتُ معنىً عميق بالنسبة لجمانة، وفعلاً قام بفداء آدم دون تفكير ، تأكدت مقدار الحب الذي يكنه مراد لشقيقها، نزعت يديها عن يديه ومسحت دموعها حينما دلف كريم من الخارج، رآهما فقطب حاجبيه بانزعاج لكن الوقت حالياً ليس ملائماً لغيرته، نهضت جمانة تجاهه فربت على كتفها باسماً، مطمئناً ثم أبعدها مخاطباً الجميع : أمسكت ذلك الوغد وقمت معه بالواجب على أكملِ وجه لكنه لم يعترف حتى اللحظة عمن أرسله !.
-لا بد وأنه عصام الريس.
- من؟!!"
نطقها الجميعُ باستغراب لتجيب نور بثقة : والد دكتور أمير....شقيق بيسان التي كانت تلاحقُ آدم سابقاً.
وشرحت لهم كيف يحاول الأب أن ينتقم لموت ابنته.
-فقال مراد حانقاً : يبدو أن لنا زيارةً قريبةً له ولابنه!.
- رجاءاً أخي لا نريد مشاكل يجبُ أن نبلغ الشرطة.
قالتها نور برجاء فأومئ كريم مؤيداً:
-سنبلغهم حتماً.
- وأين هو آدم الآن؟ تسائل مراد ليجيب آدم باسماً وهو يدلف للداخل: هاأنذا يا أخي" واندفع تجاهه محتضناً إياه بامتنانٍ شديد فلكزه مراد مازحاً :
هيا الآن ما بالكم أيها القوم ستتسببون بطردنا من المستشفى!!.
نظر الجميع لبعضهم وتعالت ضحكاتهم لتقول نور بجدية: فعلاً إن عددنا كبير يجبُ أن نغادر"
ثم أردفت إليسا: وبكافة الأحوال لن يبقى هنا لأكثر من يومين فحالته مستقرة والحمد لله.- إن كانت اليسا طبيبتي ودلال ممرضتي فسأبقى دهراً هنا !! نطقها مراد مازحاً بلحظة دخول هشام لتتغير تعابير وجهه للجدية ويقطب حاجبيه فيتدارك مراد نفسه ويهتف : حسناً أرضى بهشام طبيباً مع أني أشك بأنكم سترونني بالمشرحة صباحاً !!.
لتتعالى ضحكات الجميع بينما يغادرون الغرفة .
********
أحياناً نظنُ بأننا اكتفينا من هذه الحياة، نهربُ من ماضينا وآثامنا كهروب إبليس من نار السعير لكن يد الزمان لا بدو أن تلطمنا لننال العقاب العادل، وحين نناله نظنُ بأننا مخلدون في العذاب الأبدي.. نُصابُ بالفرح العارم بعد انتصارنا ببعضِ الأحيان ونغرقُ في هناء الحياة، ونكتشفُ بأننا مخطئون في كلا الحالتين، فلا فرحَ يدوم ولا ألمُ يعشش فينا، كلُ شيءٍ مصيره للتبدل والتغير، لا يجبُ أن نثق بالحياة بقدر ما يجبُ أن نكلل بالإيمان العميق بتبدل الأحوال والمشاعر.
من تظن بأنك بعد مفارقته ستموت حتماً، سيأتي ذلك اليوم الذي تنساه فيه حتى ولو كان أقربَ الناسِ إليك، فاللهُ رحيمٌ بعباده، رحيمٌ لدرجةِ أنه زرع النسيان في عقولنا ..
نسيان موقف، حادثة
ونسيان حب امرأة تملكت منك ذات يوم .
فسبحان من جعل تناسيها نعمة لقلبه هذا ما يفكر به مراد حالياً عن جمانة وهو يراقب دلال التي دلفت لتوها وهي تجر عربة المعدات لتبدل له الضمادات،اعتدا عن استلقائه وجلس يراقبها بعينين ذاهلتين وقلب عاد ينبض من جديد !
شعرَ أخيراً بأنه حينما تخلصَ من حب جمانة، تخلص من شيءٍ يجثم على نفسه ويثقل كاهله، لم يعد يفكر فيها...كان جمانة مجرد داء انهكه جسدياً وعاطفيا ووجدانيا.
-هل آلمتك؟
همس وهو يتفرس بملامح دلال القريبة منه حد الحنون،وكان طرف شالها الأبيض يسقط ليحجب عنه جانب وجهها :
- أتعرفين ..عندما أقابلك أشعرُ أنك كأمي" فأدارت وجهها ناحيته وتبسمت متسائلة : لقد أعدت هذه الكلمة مرتين منذ البارحة ووعدتني مسبقاً إن أخرجوا لك الرصاصة ستخبرني فيم أشبه والدتك.
فأجاب موضحاً :
- إذاً سنؤجلها كذلك لحين خروجي من المستشفى فيبدوا أن لنا حديثاً مطولاً "
أحنت رأسها بارتباك من نظراته وتشاغلت بتعقيم الجرح فأردف بهدوء مقاوماً الألم :
- أنتِ فعلاً ملاك الرحمة كما يطلقون عليكِ، مما أثار فضولي أن الجميع يحبك هنا، بل وبعضهم متعلق بك !.
ابتسمت بحنان وحدثته وهي ترمي الضماد القديم :
- أشعر وكأن هذا المستشفى هو بيتي...بكادره، بمرضاه، بأثاثه،بأروقته و بكل تفصيل فيه، لذلك أعطيه من قلبي، من الممكن أن يكون هذا سبب..
أنت تقرأ
لحن الحب ((جنوني بعينيك انتحار 2 ))
Romansالجزء الثاني .... من يراني من بعيد... لربما يؤمن بسعادتي....لا يدركون أني أبكي كل يوم.. والجرح الذي بداخلي ينزف دائماً وأبداً....أصبحت حياتي مجهولةً كلحنٍ أثيري مبعثر ..ويستمر الليل الطويل دون أن تشرق شمس الأمل...أضحت نيراني رماداً ومن بين الرماد خر...