تطلعت جمانة إلى الساعة التي تجاوزت الثانية عشر بقليل، لا تعلم لما انتابها قلقٌ مفاجئ على كريم! جلست عسل بتململ على الأريكة حتى كادت أن تغفو وهي بانتظار مراد و أخرجت جمانة الهاتف لتتصل لكنه لم يجبها كادت أن تحاول مرةً أخرى حتى سحبت عسل الهاتف من يدها وقالت بتأفف:
-دعينا منهما الآن دائماً ما يتشاجران ويتصالحان, أنا جائعة"
تبسمت جمانة وقالت بنفاذ صبر: تفضلي لنأكل وأنا أشعر بالجوع كذلك كلما أتوتر أشعر بالجوع !
قهقهت عسل وتبعتها إلى المطبخ لتعد جمانة شطيرتين بينما شرعت الأخرى بعمل ابريقٍ من الشاي...****
تعانقت نظراتهما مطولاً قبل أن يجز كريم على أسنانه وكف مراد ما تزال مبسوطةً يتوضع عليها المسدس الذي قدمه له، ضرب كريم المسدس بيده ليسقط على الأرض وتقدم منه وتمسك بتلابيبه بغضبٍ وهو يصر على أسنانه صارخاً :
-ما الذي تحاول فعله أيها الغبي !
- أحاول أن أريحك وأريح نفسي ... من اتهاماتك الغبية عن مشاعري لزوجتك، أحاول إراحة نفسي لأني وكلما حاولت وأد ماضيها وحبي لها، تقحمها بمخيلتي مجدداً، بتصرفاتك و غبائك اللامتناهي"كثير من الناس يعيشون طويلاً في الماضي، والماضي منصة للقفز لا محطة للاسترخاء، بينما كريم لم يتخلى عن الماضي، نهشه حب مراد لجمانة ومشاعره التي وعلى الرغم من مرور تلك السنوات يبدو أنها لا تريد أن تنطفئ، أغمض كريم عينيه بقهرٍ تعاظم داخل صدره يتمنى لكمه وإردائه صريعاً هذه اللحظة، استدار عنه بحنق و جاهد نفسه لكن مراد دفع أكثر لاستفزازه وتقدم لقبالته و دفعه بعنفٍ وهو يصرخ :
-هيا اضرب، اضربني، أعرف أنك هذه اللحظة تتمنى فعلها.
لا تفكر بماضينا سوياً فقد محيناه منذُ لحظة خيانتي يا صديق الطفولة، تمسّك بالآن، هُنا، حيث يغرق كل المستقبل في الماضي، إفعلها وسأصبح ماضياً بعدما فقدتُ أنا ماضيي وحاضري فالمستقبل بين يديك أنت، حصلت على كل ما تتمنى فماذا تريد بعد مني !تعالت وتيرة صراخه على كريم الذي جمد بمكانه كالصنم من لوعة كلمات ابن عمه ...يرغب فعلاً بلكمه هذه اللحظة وهو يعرف جيداً أن ضرباته إذما أفلتها عليه سيرديه صريعاً حتماً والأحمق ما يزال يستفزه.
- لا تريد ! أنا سأفعل " صرخ بها مراد بحدة وهجم على كريم بكل ما أوتي من قوة ليسقطا على الأرض بعنف تناثرت من حولهما الأتربة الجافة ولوثتهما تعالى زئيره وهو يعتليه ويلكم كريم ويصرخ بجنون تزامناً مع جنونِ الريح بهذا المكان القاحل:
- هذه لأنك طعنتني بظهري وتقربت منها بعدما بحت لك بمشاعري عنها "
أكال له لكمةً أخرى وصرخ مجدداً :
-وهذه لأنك سرقت حب حياتي وتزوجتها "
انهمرت دموعه مما جعل كريم يشفق عليه لأول مرةٍ بحياته رغم آلامه، لكمه مجدداً على معدته بعنفٍ وصرخ :
-وهذا لأني نسيتها، نسيت حبها فلا تجعلني أعود لتلك الدائرة الملعونة من جديد "
أنت تقرأ
لحن الحب ((جنوني بعينيك انتحار 2 ))
Romanceالجزء الثاني .... من يراني من بعيد... لربما يؤمن بسعادتي....لا يدركون أني أبكي كل يوم.. والجرح الذي بداخلي ينزف دائماً وأبداً....أصبحت حياتي مجهولةً كلحنٍ أثيري مبعثر ..ويستمر الليل الطويل دون أن تشرق شمس الأمل...أضحت نيراني رماداً ومن بين الرماد خر...