ماذا بحق الإله! لقد اختفت الحروق!
تلك الحروق التي تسببت بفقدانها الوعي صباحًا عندما حدث الانهيار، لقد اختفت بالكامل ولا يوجد حتى أثر احمرار ولو طفيف!
تحسست وجهها بيدها بصدمة، ومررت يدها على ذراعيها، وعلى الأماكن الأخرى التي كانت مصابة بها ولكن لا شيء!
"ما الذي يحدث بحق الجحيم وما هذا اليوم!" قالت وهي ماتزال متسمرة أمام المرآة تطالع نفسها بتعبير صادم، غير مستوعبة لما يحدث لها.
توجهت لأقرب أريكة وجلست عليها وعقلها يعمل بشتى الطرق ليفكر في مبرر منطقي لما رأت للتو ولكن لا شيء، لمَ هي؟ لمَ ليس ايراكس؟ لمَ لمْ يختاره القدر واختارها هي! ظلت في مكانها لبعض الوقت حتى بدأت تهدأ، ويعمل عقلها بشكل صحيح لتتذكر ايراكس.
قررت أن ترى ما يحدث على التلفاز لتفهم على الأقل ما هي بصدد مواجهته، بدأت تقلب في القنوات وكلها تتحدث عن الكارثة التي تسبب بها الجنس البشري بإهماله الشديد للبيئة، ولكن ما استوقفها وظلت تحدق بصدمة هي قناة كانت تعرض صورتها هي.
"اسمها اوار فانر، تبلغ من العمر الخامسة والعشرين، لقد هربت اليوم من المشفى بعد الانهيار على من يراها، أو يشتبه في رؤيتها أن يتصل بالشرطة ليبلغ عن مكانها."
أنهت المذيعة كلامها وأغلقت اوار التلفاز بصدمة، لماذا يبحثون عنها!
وقفت سريعًا وركضت لغرفتها لتبدل ملابسها سريعا، ثم وقفت امام المرآة وفتحت أحد الإدراج؛ لتخرج منه علبة زجاجية صغيرة مقسمة من الداخل لأربعة أقسام، وفي كل قسم يوجد عدسات لاصقة تطفو في سائل ما.
أخذت اوار أحدها ووضعتها للاحتياط في حالة تم طلب مسح لبصمة عينيها الوراثية، فهذه العدسات تحمل بصمة أشخاص آخرين، وارتدت قبعة لتضغط على زر مخفي فيها لتخرج دخان من شأنه تغيير ملامح وجهها لمدة ساعة، تألمت بعض الشيء لتستند على الحائط فهذا الشيء يؤلم.
كانت اوار قد صنعتها، وهي مراهقة لتستطيع دخول البارات مع أصدقائها لم تعتقد أنها قد تحتاجها لغرض كهذا.
خرجت من منزلها مجددًا عائدة للمشفى، تسرع في خطاها وتتجنب الحشود التي يقودها أفراد الشرطة، وأخيرًا وصلت للمشفى، وتسللت للداخل سريعًا متجهة لمكان غرفة ايرا، فهي قد حفظت مكانها بسبب ذاكرتها القوية.
انتابتها نوبة ذعر عندما نظرت داخلها ولم تجد ايرا ولكنها اختبأت سريعًا عندما سمعت صوت أقدام تقترب.
"إنهم ينقلون المصابين الآن يجب أن نسرع." قال الطبيب واتجه مع زميله للغرفة التي كان محجوز بها ايرا.
خرجت اوار من مخبئها، واستطاعت أن تربط بين الأحداث لتستوعب أن ايرا يتم نقله ولكن إلى أين؟
انتظرت حتى خرج الأطباء من الغرفة، وهم يقودون سرير مريض نحو المجهول، بدأت اوار في المشي ورائهم حتى وصلوا وجهتهم لتقف بعيدا قليلًا.
وجدتهم ينقلون المرضى في سيارات مدرعة، فتخفت اوار وارتدت معطف طبيب استطاعت اختلاسه في بداية دخولها المشفى، واقتحمت العربة مع المرضى بصفتها طبيب مرافق، وبدأت العربة في التحرك.
شعرت وكأنما ردت لها الحياة عندما وجدت ايرا يستلقي على فراش في نفس العربة، كل عربة كان يوجد بها طبيب واحد، لذا فهي قد حصلت على فرصة مناسبة للغاية للاطمئنان على أخيها، قبل أن تتجه له ضغطت على زر أخر في القبعة ليطلق دخان يمحي تلك الملامح المزيفة التي أحدثها الأول.
هي لا يمكنها أن تتحدث له بوجه غير وجهها ستتحمل الآم الدخان لمحو الملامح مجددًا في سبيل أن يراها أخاها بملامحها هي.
كان ايراكس يبدو بحالة مزرية، جسده ملئ بالحروق البشعة، ونصف وجهه الأيمن حيث كان في مواجهة أشعة الشمس عندما أغشى عليه.
كما أزالوا شعر رأسه بالكامل ليستطيعوا الاعتناء بإصاباته، لقد كان يبدو وكأنه شخص أخر، كان صدره يعلو ويهبط بصعوبة بالغة، رغم أنه موصول بجهاز تنفس اصطناعي، ولكن جسده لم يعد يتحمل المقاومة.
جلست بجانب فراشه: "ايرا، عزيزي أنها أنا اوار." قالت وهي تمرر يدها على رأسه لتدمع عيناها وهي تنظر له.
فتح عيناه بصعوبة ليطالعها بإرهاق شديد: "اوار أهذه حقا أنتِ؟" سألها بصوت خافت غلب عليه التعب لتومئ برأسها ويتساقط الدمع من عينيها.
"أنا متعب لغاية أريد الذهاب للبيت." قال بصوت متقطع وقد اغلق عيناه بتألم عندما اهتزت بهم العربة، فهو لا يتحمل أي شيء في الوقت الحالي.
"سنعود ايرا، لا تقلق سنعود." قالت ووضعت يدها على وجهه لتمسح الدمعة المتسللة من عينه ليتأوه فتبعد يدها سريعًا.
"لا يوجد مكان في جسدي لا يؤلم اوار، أريد أن أرى أمي لأخر مرة أرجوكِ." قال وقد بدأ في البكاء هو الأخر لينفطر قلبها على حال أخيها الصغير.
بحثت بعينيها حولها لتجد صندوق ما، فتحته لتجد أنه يحتوي على عدة أشياء من ضمنها مخدر في حال استيقظ أحد المرضي، أخذته وسحبت جرعة دقيقة منه واتجهت لأيرا مجددًا.
"ستنام الآن عزيزي وعندما تستيقظ سيصبح كل شيء بخير." قالت وحاولت أن تدفع ابتسامة لشفتيها حتى تطمئنه، وحقنته بالمخدر.
"أتعدينني؟" سألها لتومئ له بدون تردد: "أعدك يا صغيري أعدك." قالت وقبلت جبهته ليغلق عينيه باستسلام، وشردت هي لعدة دقائق تفكر فيما عليها فعله.
افاقت أوار من شرودها عندما توقفت العربة فجأة لتسرع بالضغط على الزر بملامح مذعورة ليطلق الدخان الذي يغير شكلها، تألمت وكتمت صوتها حتى لا يسمعها أحد، ومرت دقيقة ليقوم أحد الجنود بفتح الباب لينظر لها فيصيبها الذعر.
ولكنها هدأت مجددًا عندما طلب منها مساعدته في إنزال المرضى لتومئ وتبدأ في مساعدته لإنزالهم، أنزلتهم جميعًا معه لتلقي نظرة على ما حولها.
الكثير من المباني ليست طويلة أو حديثة كمباني المدينة ولكنها ليست سيئة، يوجد مشفى قد أشار الجندي على أنه سيتم نقل المرضى فيه.
الكثير من الناس يسيرون في كل الاتجاهات، المسؤولين يخترقون الهدوء بأصواتهم في المكبرات الصوتية، تبدو وكأنها مدينة ولكنها مصغرة.
"يا إلهي." تفوهت بها ما إن أدركت ما يجري، فهم قد بنوا مدينة كاملة تحت الأرض، وهذا يؤكد على أنهم كانوا يعلمون بشأن ما سيحدث، فمدينة كهذه لا يتم بنائها في ليلة وضحاها.
استفاقت من شرودها عندما أمر الجندي الأطباء بالتحرك معهم وهي تقود سرير ايراكس، والذي كان عبارة عن فراش يطفو عن الأرض لا يملك عجلات لتحريكه حيث يمكن توجيهه أسهل.
اتجهوا جميعهم للمشفى وأخيرًا وصلوا وبدءوا في وضع المرضي في الغرف المخصصة وظلت تراقب ايراكس حتى علمت أنهم وضعوه بغرفة العناية المركزة، وظلت جالسة في الخارج بعض الوقت حتى هدأت الحركة قليلًا، ثم استجمعت قواها وغادرت المشفى لتستأنف رحلة بحثها عن والدتها.
بعد أن خرجت من المستشفى بدأت في التجول في المدينة لا تعرف ما يجب عليها فعله، حتى قابلت شابة ما في الطريق فأوقفتها: "عذرًا، ولكن أيمكنك أن تخبريني أين نحن؟ لقد أحضروني إلى هنا منذ ساعات، ولكنني لا أفهم ما يجري." حاولت أن تبدو طبيعية وغير مخيفة.
"لقد سمعت بعض الناس يتحدثون عن إنها مدينة تحت الأرض حتى لا تصل لنا أشعة الشمس." قالت لها و هي تتلفت حولها.
"لكن كيف والسماء؟" سألتها و هي تنظر للسماء بتعجب.
"يقولون إنها منظر وهمي هم قد صمموه لتبدو وكأنها طبيعية."
"شكرا لكِ، ولكن هل لي بسؤال أخير؟" تحدثت اوار بحرج لتومئ لها الفتاة.
"أنا جئت لهنا دون أمي ولكنها سبقتني لهنا، ألا تعرفين كيف يمكنني إيجادها؟" سألتها وبداخلها بصيص من الأمل أن والدتها مازالت على قيد الحياة.
"هناك عدة آلات موزعة على مستوى المدينة عندما تبحثين عن الشخص باسمه تستطيعين إيجاده، فقط سيري بأي اتجاه وعندما تجدين الكثير من الأشخاص مجتمعون حينئذ سوف تعلمين أنكِ وصلتي." أخبرتها ثم ذهبت سريعًا خشيه أن تهجم عليها بوابل من الأسئلة مرة أخرى.
قامت اوار بالمشي في المدينة ولا تعلم وجهتها حتى وجدت أشخاص مجتمعون في شكل صفوف، يبدو أن الفتاة كلامها صحيح.
اتجهت اوار للصف لتسأل أحدهم ماذا يفعلون هنا، ويخبرها بشأن الآلة لتتأكد من صحة حديث الفتاة، وتقف لتأخذ مكان في الصف.
وأخيرًا وصلت للآلة، قامت الآلة أولًا بشرح تقسيم المباني أن كل مبنى ومنزل يضم عدد من الأشخاص العشوائيين لا يعرفون بعضهم، ولكن هذا قائم على ترتيب معين لا يعرفه إلا من هم أعلى شأنًا، أدخلت اوار أسم والداتها ليظهر لها على الشاشة أن والدتها في مبنى الرابع والتسعون، الدور الأول، الشقة رقم اثنين، وأنها تمكث مع خمس أفراد آخرين، قامت بتنزيل نسخة من خريطة المدينة في سوارها.
اتجهت اوار للمبنى مسرعة بعد أن استعانت بالخريطة في سوارها، وأخيرًا وصلت له وها هي تقف أمام الشقة، قامت بالطرق على الباب عدة مرات ليقوم أحد ما بفتح الباب لها.
"مَن تريدين؟"
"أريد السيدة فانر أخبرها أن هناك خبر مهم لها." قالت وهي تحاول تمالك نفسها ليتفحصها الرجل بعينيه ثم يتجه للداخل، مرت عدة دقائق حتى وجدت والدتها قادمة لها تبدو متعبة ومنهكة والحزن يسيطر علي ملامحها.
"أيمكنني مساعدتك؟" سألت ويبدو أنها لم تتعرف عليها بسبب تغير ملامحها.
شعرت اوار بالأسى لحال والدتها "أمي أنها أنا اوار." قالت ونظرت في عينيها مباشرةً لتظل والدتها تحدق بها، ثم ترتمي في عناقها فجأة.
"اوار ابنتي هل أنتِ بخير حبيبتي؟، أين أخاكِ؟ هل هو بخير؟ ولماذا يطلبون القبض عليكِ؟ ما الذي يحدث؟" بدأت في طرح الأسئلة وهي على حافة الانهيار.
"اهدئي أمي وسأشرح لكي كل شيء ولكن الآن عليكِ القدوم معي، وسأخبرك بكل شيء في الطريق أقسم لكِ." قالت لتومئ لها والدتها لتخرج من الشقة، وتغلق الباب خلفها ثم من المبنى بأكمله.
وهم في الطريق للمشفى مره أخرى قامت اوار بشرح كل شيء لدالتانيا من تسللها هي وايراكس إلى وصولها لهنا مرورًا بما حدث لأخيها الصغير وأخيرًا وصلوا إلى المشفى.
اتجهت والدتها للاستقبال وطلبت زيارة ولدها لتقودها ممرضة للغرفة وتدخل لتجلس، قامت الممرضة بشرح حالة ايراكس لها ثم تركتها وخرجت، وهنا تسللت اوار للغرفة لتجد والدتها تجلس باكية وهي تمسك بيد ايراكس.
كان نائمًا كالملاك الصغير على الفراش الكثير من الأسلاك والخراطيم موصلة بجسده لمتابعة مؤشراته الحيوية وخرطوم الأوكسجين موصل بأنفه، لا يوجد صوت في الغرفة سوى ضربات قلبه ونحيب والدته بجانبه.
لقد كانت دالتانيا منهارة، فقدت رباط جأشها عندما رأته بتلك الحالة. هي لم يخطر ببالها أنه قد أصابه مكروه بل اعتقدت أنهم استطاعوا أن يأخذوه قبل أن يتأذى كما فعلوا معها.
"أمي هل أخبرتك الممرضة؟" سألت اوار وهي على حافة البكاء عندما وجدت والدتها على هذه الحالة لتومئ لها والدتها، نظرت لها اوار بأسف.
"أنا آسفة أمي كل هذا بسببي لم يكن علي أن أخرجه من المنزل سامحيني." اعتذرت وقد تجمع في مقلتيها بعض الدموع لتهز والدتها رأسها نافية وتخبرها أنه القدر.
وسط كل هذا البكاء حرك ايرا رأسه ، بدأ وكأنه يستعيد وعيه، لتمسح والدته دموعها وأوار كذلك وينظرون له بترقب، فتح عينيه ببطيء ونظر حوله ما إن رأى والدته حتى أشرق وجهه بابتسامة.
"أمي أنتِ هنا؟" قال وقد لمعت عيناه بفرح وكأنه غير مصدق لما تراه عيناه.
"أجل عزيزي أنا هنا لقد جئت لا تقلق." قالت واقتربت لتطبع قبلة على أقل جزء من وجهه قد تعرض للضرر، وتحاول ألا تبدو حزينة أمامه، نظر لأوار وكأنه يشكرها وكلاهما يذرف الدموع.
"أنا أسف لمغادرتي المنزل، أسف على إيصالي لكم هنا." تفوه بتلك الكلمات ولم تستطع والدته تمالك نفسها لتجهش بالبكاء فحاولت أوار ان ترد عليه.
"لا تتأسف عزيزي أنه ليس خطأك." قالت وهي تحاول أن لا يخرج صوتها ضعيفًا أكثر من هذا.
"أمي أنا أحبك، سأشتاق لكِ كثيرًا، أنا أسف." خرج صوته متحشرجًا وكان يتنفس بصعوبة.
"لا تقل ذلك ايرا، أنت ستصبح بخير، أنت فقط تحتاج لبعض الراحة." قالت والدته ترفض أن تقتنع بفكرة أن ولدها سيتركها.
"وأيضًا اوار، لا تحملي نفسك وِزر ما حدث." قال وهو ينظر لاوار لتكتفي بالصمت تاركة العنان لدموعها.
"كنت أتمنى أن أصبح مبرمج روبوتات لتفتخري بي." كل كلمة كانت تخرج من فمه يكون صوته أضعف مما قبلها، لم يعد يقوى على المحاولة.
"عزيزي أنا فخورة بك ولكن حاول أن تبقى معي." قالت وهي تضع يدها علي وجهه وتنادي باسمه، ولكنه بدأ في إغلاق عينيه رغم محاولاتها اليائسة في إبقائه متيقظًا.
"ايراكس." نادت والدته، ولكن عندما دوت تلك الصافرة بالغرفة، تلك الصافرة التي تخبرهم بأنه قلبه قد توقف عن الخفقان، بدأت والدته في الصراخ بألم وبحرقة، لقد فقدته للأبد الآن.
خرجت اوار من الغرفة وسط صراخ وبكاء دالتانيا لتصرخ هي الأخرى طلبًا للنجدة وتنادي الأطباء: "فليساعدني أحد أنه أخي النجدة." ظلت تصرخ حتى أتى الأطباء يركضون خلفهم الحراس.
قاموا بمحاولة إنعاش قلبه ولكن بلا فائدة، لقد غادرت روحه جسده وتأبى العودة. وبدئوا بفصله عن كل وسائل دعم الحياة وسط صراخ والدته وانهيار اوار باكية تترجاهم بأن لا يفعلوا.
حتى انتبه لها حارس من الواقفون وتعرف عليها فقد اختفى تأثير الدخان: "إنها تلك الفتاة المطلوبة." نبهه زميله لها ليؤكد له أنها هي.
"أعرف أن هذا وقت غير مناسب ولكن علينا أن نقوم بعملنا." قال الحارس وهو يتوجه ناحيتها ويكبل يديها بأصفاد زجاجية لا يمكن كسرها أو التملص منها.
"ماذا تفعل! اتركني! ايراكس، اتركني أيها اللعين دعني أراه." بدأت في الصراخ، تحاول الهرب من يديه التي تحاوطها ووالدتها تحاول أن تفهم ما يحدث وتصرخ على الحراس.
"سيدتي أن ابنتك مطلوب القبض عليها لأسباب أمنية، أسف لذلك ولكن علينا أخذها." قال الحارس وهو يستمر في سحب اوار للخارج وهي تقاومه.
"أمي أنا لم أفعل شيء أقسم لكِ، أنا لم أفعل شيء اتركوني." لا زالت تقاوم الحارس حتى أمر الحارس أحد الأطباء بالتدخل ليعطيها حقنة مرخية للأعصاب حتى تتوقف عن المقاومة والصراخ.
وبالفعل استطاع الدكتور غرس الحقنة برقبتها ليسري مفعولها في جسدها وفي عدة ثوانٍ بدأ صوتها يخفت شيئًا فشيء حتى صمتت تمامًا وتوقفت عن الحركة ولكنها مازالت في وعيها هي فقط لم تعد قادرة على السيطرة على جسدها.
اتجه الحراس بها ناحية سيارة الشرطة الموجودة أمام المشفى ليتم تسليمها لهم، ثم تتحرك السيارة بها اتجاه المجهول، وهي فقط تتساقط دموعها بصمت، لا تستطيع حتى تحريك يدها لتمسحها.
هي لن تراه مجددًا ولن تعانقه مجددًا! لن يصبح مبرمج روبوتات كما كان يحلم!
شعرت وكأن عقلها سينفجر ولا تستطيع التوقف عن التفكير حتي شردت تمامًا وبدأت في تذكر ذلك اليوم، بعد وفاة والدها بمدة قصير عندما كان ايراكس لا يزال صغيرًا.
كانوا يستلقون على ظهرهم بسطح منزلهم يراقبون النجوم بصمت حتى كسر ايراكس هذا الصمت بسؤاله.
"اوار هل تعتقدين أن أبي يرانا من الأعلى الآن؟" سألها لتعقد حاجبيها فهي لم تتوقع سؤال كهذا.
"أجل من الممكن أن يفعل." أجابته وقد كذبت فهي لا تؤمن بذلك، ولكنها أرادت أن تطمئنه فهي تعلم أنه يشتاق له كثيرًا.
"بماذا تفكر ايرا؟" سألته عندما لاحظت شروده وصمته الذي دام لدقائق.
"لقد اشتقت له." قال بصوت متحشرج على وشك البكاء وهو مازال ينظر للسماء
"أجل، أنا أيضًا أفتقده." قالت له بعبوس.
"أريد أن أذهب له وأن أبقى معه في السماء." قال ايرا لتُصدم اوار.
"ايرا لا تقل هذا أبدًا مجددًا، أتريد تركنا وحدنا أنا ووالدتنا!" تحدثت اوار تبعد عن رأسه تلك الفكرة.
"ولكن أبي وحيد بالأعلى، أنه يحتاج لرفقة أوار ونحن هنا لدسنا بعضنا البعض، هو ماذا لديه؟" قال ايراكس وقد جلس من نومته لتجلس اوار مثله.
"أنه ليس وحيد، حسنًا؟، أنه يسعد عندما يرانا نبلي بلاء حسنًا، ودائمًا ما يشاهدنا حتى لا يشعر بالوحدة، كلنا سنذهب له في النهاية ولكن ليس الآن، عندما تكبر وتصبح عجوزًا لديك أولاد والكثير من الأحفاد عندها يمكنك أن تتفوه بهذا الكلام، لكن طالما أنك لم تتخطى مرحلة شبابك بعد، فأنا لا أريد سماعك تتمنى الموت مجددًا، مفهوم؟" ألقت اوار عليه محاضرة قصيرة ليصمت لدقائق ثم يومئ برأسه ويجاوبها ب 'مفهوم' لتعود للاستلقاء مجددًا.
"والآن تعالى لهنا." قالت أوار وسحبته في عناق دافئ ليبدأ في البكاء؛ فقد اشتاق لوالده بطريقة لا يمكنه تخيلها.
مسحت أوار على رأسه وظلت تردد له عبارات ك لا باس وستكون بخير حتى هدأ وغفا بعناقها لتطبع قبلة على جبينه وتعيد نظرها للسماء وكم تمنت لو أن كلامها عن كون أبيها يراقبهم الآن حقيقة.
أفاقت من شرودها عندما توقفت بها العربة، لتبكي بشدة، فهو الآن قد ذهب لوالدهم كما أراد، لقد ذهب وتركها، كانت اوار منهارة في السيارة وكل ما يدور في عقلها هو مشهد أخيها الصغير ويتحول لجثة هامدة!................................................
هالوز حبايبي كيفكم😂
رجعلنكم تاني ببارت جديد يهوووويا ترى ايه الي حصل مع اوار ف البيت؟
وايراكس المسكين الي كنا هنعيط عليه😢
طالبين اوار ليه هل ليها يد ف الموضوع بشكل او بآخر؟بس كده نتقابل بقى يوم الاتنين في الدراسه
الملعونه ولكن لا تقلقوا لن نتوقف عن التحديث بها 😌ياريت يعني ياريت لكم اخلاقكم ياريت كونت ها ها كومنت واخدين بالكم وفوت اهم حاجه (الكومنت) تحتيها خط اهه
يلا اوياسمي🥺
أنت تقرأ
Collapsing | انهيار
Fiksi Ilmiahالطبيعة قد تعطيك كل ما لديها مقابل احترامها، فماذا إن حدث العكس وانقلب السحر على الساحر؟ فإما أن تمنحك كل شيء أو تسلبك كل ما تملك.