البارت الواحد والعشرين

260 8 4
                                    

روسيف⬆️⬆️⬆️
..في القصر مع متسلط..
من كتابة بارك هان سي ~❤️
رمى السلاح بملل وعدم اكتراث بينما تكفل رجاله بالباقي..ركب سيارته وقاد به سائقه الى القصر فقد انتهى يومه..
كالعادة يصل مع خيوط الشمس الصباحية والتعب يفتك به ودماغه مشوش من كثرة التفكير..يتمشى بتبعثر في قصره ويشمل بانظاره الى تفاصيله..غصة في قلبه تراوده بين الحين والآخر لا يعرف سببها..بينما يصعد بملل إلتفت خلفه بتفاجىء ولمح ظلاً يبتعد حدق به لوهلة ثم اكمل صعوده..فتح باب غرفته بصمت محاولاً عدم ايقاظ النائمة لكنه استغرب لوقوفها مستيقظة تنتظره..أهي حقاً تضيع وقت نومها لانتظاره؟!..إستدارت باتجاهه بدفء ووجهها يشرق كما لم يشرق من قبل..تقترب منه بخطوات ناعمة حتى اصبحت لصيقته..مررت يديها على كتفيه بحنية ثم نزعت قميص بذلته بهدوء..فتحت ازرار قميصه واتجهت لتخرج له ملابس مريحة..لم تكن هذه سونغ اوه او هذا ما اخبره عقله بذلك..يتمنى ان يكون هذا المشهد هلوسة من دماغه لانه بالتاكيد ليس شيئاً منطقياً..قاطع تشتته صوتها بلطف قائلة له : هيا فلتستريح..
حدق بها بضع ثوانٍ ثم تسآءل : لم تفعلين هذا؟..أنتي لم تفعليه من قبل..
ابتسمت ببلاهة وردها كان كالسهم : انت لم تعطيني الفرصة لاعاملك هكذا..
لقد اخرسته فهي محقة..هو نادم اشد الندم لانه كان يفعل ذلك بها..لقد كان اخرقاً لا يعرف كيف يعبر عن مشاعره..ظن انها ستفلت من بين يديه بينما بغباءه كان على وشك ان يقضي عليها..لم يعرف كيف يحميها فقام بأذيتها والى الآن يكره نفسه...جذبها الى حضنه ويعتصرها كانها ستهرب وهو يشتمها بلهفة..ضمته لها يكاد يدخلها الى صدره مكان قلبه..افلتها بهدوء وهو يراقب ابتسامتها التي تشقها والتي هي بدورها لا تصدق مايجري لكن ابتسامتها البلهاء تغطي ملامحها..غمر وجهها بين يديه ويتحسس بشرتها الدافئة بابهاميه..شفاهها كانت كما لو انها تناديه ليضمها بين شفاهه..هكذا كانت شياطينه تهلوسه وقد انخضع لها وامتثل للامر..قبلة شغوفة لم تحدث بينهما قط لكنها تحدث و ياله من حلم يصبح حقيقة..فصلت سونغ اوه القبلة وهي تحثه على النوم والراحة متخذةً ارهاقها كحجة لتتهرب..حرارتها ترتفع وتحاول تهدئة اضطراب قلبها وتنظيم تنفسها..لا تتوقع من نفسها ان تنام بعدما حدث لكنها سعيدة..كانت قد التفتت لتتجه للسرير الا ان ذراعين أحيطت بها إستوقفتها..شعرت بجسدها يرتفع عن الارض حتى وجدت نفسها بين ذراعيه يحملها ويمشي بها الى السرير..وضعها برفق وقبل جبهتها..رمى جسده المنهك وكل مايريده هو النوم والراحة..التعب ينهشه ولم يعد يستطيع المقاومة حتى غرق في النوم إثر اصابع سونغ اوه التي تعبث بشعره..كان ذلك بمثابة مخدر اغاب وعيه عمّا حوله..وضعت سونغ اوه يديها على بطنها تتحسسها بحب مليئة بالعاطفة والامومة..اخيراً ستتحقق احلامها وستعيش حياة سعيدة كإنسانة عادية بزوجٍ مُحب وطفل صغير يلعب حولها..حلم كل فتاة بسيطة هو عائلة سعيدة وهذا ماتصلي سونغ اوه لاجله....استيقظت بانزعاج اثر كابوس بغيض.. لايزال قلبها مفزوعاً اثر استيقاظها المفاجيء..نظرت حولها وكان الغروب على وشك ان يحل..كعادتها ستذهب للحمام لكن خرج منه توب لتتفاجىء بوجوده!..تسألته مستغربة : ألا يجب ان تعمل الآن او ماشابه؟!
ابتسم بخبث يجفف شعره بمنشفة صغيرة : هل وجودي يضايقك؟
انتفضت محاولة تسوية سوء الفهم : كلا!..قصدت انا عادة استيقظ ولا اجدك!
وضع المنشفة على كتفه وبدأ يقترب منها بخطوات ثملة حاثّاً ايها على الرجوع للخلف حتى استوقفها الحائط..حبسها بين سجن ذراعين ويقرب وجهه من وجهها حتى كادت شفاههما ان تتلامسا..نبرته كانت رجولية وواثقة بينما يهمس لها : قررت ان أُأَجل اعمالي لأهتم بطفلي وامه..ألا يحق لي بذلك؟
في موقف كهذا هي لا ترد عادة لكن هالة غريبة من الغرور غيمت عليها جعلتها ترد بجرأة : دعنا نرى اهتمامك..!
ما إن انهت جملتها حتى غاصا في قبلة عميقة اشعلت شرارة قلبهما لم تنتهي سوى طلباً لملىء رئتيهما بالهواء..مررت إصبعها حول فكه الحاد وتنظر لعينيه بجرأة لم تسبق لها مثيل..حتى عاد عقلها للعمل واوقفت المهزلة كما اخبرتها ذاتها بينما غمرها التوتر..استخدمت رغبتها في الحمام كحجة لتتهرب وتراجع نفسها وكل شتائم الارض على زلة نفسها التي حدثت قبل ثوانٍ...ترتدي ملابسها وعقلها شارد فيما يبدو لها كحلم يقظة غامض لم يُرجعها لعقلها سوى غمرة توب لها من الخلف..اسند رأس بحنان على كتفها وذراعها متعلقة بخصرها يسألها بقلق : انتي بخير؟
وضعت يداً على ذراعيه وبيدها الاخرى كانت تريحها على رأسه المسند على كتفها بوضعية رومانسية دافئة..حالهما كان أخّاذاً والجو مليء بالعاطفة الحنونة التي يتمنا الا يخرقها شيء..لربما بامكانهما ان يبقيا هكذا لسنوات لولا اتصال من روسيف افسد كل شيء..خرجت سونغ اوه بتأني لتجلس وتتناول افطارها المتأخر والذي أفضل ان أسميه عشاءاً بدلاً من افطار على اشعة الشمس البرتقالية الغائبة..امّا توب فقد لحقها بعد ان انهى مكالمته الطارئة على ما يبدو ان روسيف يتحكم بزمام الامور لكنه يتصل ليتأكد من صحة شحنة غريبة وصلتهم..جلس بهدوء ينظر في اميرته الصغيرة كانها لوحة نادرة..كانت تبحث بناظريها هنا وهناك كأنها تحاول ايجاد ضائع..كان القلق مرسوماً على وجهها وهي تلتف بكل اتجاه..شابك اصابعه باصابعها يسألها بدفء : هل من شيء؟
وضعت يدها الاخرى على يده تلامسها بحيرة : لا شيء فقط..لم أرى لوتيان منذ فترة
انتفضت توب بهدوء يعدل قميصه بينما يحثها على النهوض قائلاً بنبرة حماسية : هيا لتناول طعامنا في الحديقة
تنهدت بسخرية وهي تنهض قائلةً بتساؤل ممزوج بغرابة : لما؟
توب : ستحبين الغروب..!
خرجا كلاهما وكانت هناك طاولة مجهزة بالفعل وكان الغروب في مرمى افقهما..موضع مثالي لمشهد مريح لعين..جلست باسترخاء وهي تراقب الغروب بابتسامة هادئة وناعمة..انها لحظتها المفضلة وهو يعلم ذلك جيداً لذا لن يقاطعها..لا تزال تلك الملامح الطفولية اللطيفة ترتسم على وجهها كلما راقبت هذه الظاهرة المريحة بالرغم انها تراقبها دائماً..لون السماء الذي يتدرج من البرتقالي حتى الوردي ثم البنفسجي وصولاً لاشعة حمراء في سماء زرقاء وغيوم بيضاء هو بلا شك افضل ما يمكن النظر اليه..اثناء ذلك احست بيد توب يشابك اصابعه باصابع يدها بلمسة عاطفية جعلت من الوضع كانه لقطة من الخيال..
يتناولان طعامهما في جو هادىء وملطف للأعصاب اضواء خفيفة حولهما وموسيقى كلاسكية..وضع توب كتاباً يبدو غليظاً بعض الشيء ومرره باتجاه سونغ اوه..وضعت عصيرها جانباً وتحدق بالعنوان باستغراب..
سونغ اوه : امومة لطيفة؟ ماهذا.."خطوة بخطوة في رحلة ال9 اشهر" ..هل هذا..؟!
توب : اعتقدت انه سيكون مفيداً لك
سونغ اوه : واه انه مفصل ودقيق..من اين احضرت هذا الكتاب؟
توب : ليس بالامر الجلل لكن به نصائح جيدة إحرصي على الاستفادة منها..اريد ان يكون طفلي بصحة جيدة
اكمل جملته بتغطرس وهو يترشف قهوته ساخراً منها محاولاً كتم ضحكته..نظرت له باشمئزاز ثم زفرت بسخرية متجاهلة كلامه واخدت تكمل عصيرها..ردت بجمود وانزعاج : مازلت في اليوم الرابع..
ثم تحدثت بقلق وتوتر : انا قلقة بشأن الولادة..
نهضت توب من كرسيه واتجه بجانبها مقبلاً جبهتها برفق : لا تقلقي كل شيء سيكون على مايرام فانتي قوية!
مرت الايام بهدوء ونعومة تقضي فيها سونغ اوه اوقات مستخرية مع توب الذي يهتم بها اكثر من نفسه..حتى ان عقلها لم يعترف بكون هذا الشخص توب فقد كان ملاكاً مسالماً لا يمت توب القديم بشعرة..هي سعيدة لهذا تتمنى الا تستيقظ من هذا الحلم الوردي تصلي لان تبقى هكذا للابد ..كانت سعادتها تصل للفضاء حتى انها تنام مبتسمة في نهاية اليوم..كان توب عطوفاً ورقيقاً معها حتى انها لم تحس بتعب ولم تجد صعوبة في حملها عكس ما توقعَته..يقومان بقراءة الكتاب كل يوم ويساعدها على التمشي محافظاً على سلامتها وسلامة الجنين..لم يعرفا جنس الجنين بعد فقد اتفقا ان يبقى مجهولاً حتى الولادة..قضت سونغ اوه اجمل 8 اشهر مليئة بالهدوء والحب وكل ما يتمناه اي انسان في هذه الحياة..في الشهر التاسع بدأت تحس ببعض المضاعفات والانقباضات لكنها تهون مع وجود توب بجانبها يهتم بها ويخبرها ان كل شيء سيكون على مايرام..
يوم عادي كباقي الايام الوردية..كانت سونغ اوه واقفة امام النافذة تشاهد الحديقة التي تهتم بها مؤخراً..تتحسس بطنها المنتفخ بأناملها بكل عطف ودفء..قلبها يتفتت شوقاً ويشتعل حماساً لكي تحمل طفلها بين يديها لا تكاد تنتظر لتسمع صوته وتشتم رائحته وتغمره بحنانها..تلك الانقباضات التي تحدث مؤخراً وفي الفترة الراهنة تزعجها انه ليس شعوراً لطيفاً..استشعرت يد توب تمر على بطنها المنتفخ يتحسس صغيره متلفهاً له..حاوط ذراعيه حول بطنها وارخى رأسه على كتفها متنهداً باريحية..
توب : كيف حالكما اليوم..؟
سونغ اوه : اشعر بانقباضات مزعجة..
توب : لا تقلقي هذا طبيعي فهذا شهرك الاخير!
سونغ اوه : تبدو متحمساً!؟
لم تلبث ان تكمل ابتسامتها حتى انكمشت متألمة تتأوه بضيق وتكاد تتنفس..تسآل توب بقلق : انتي بخير؟
كانت تطمنه باعذارها الكاذبة وباجابة غير مقنعة : نعم انه فقط ركلة قوية هه
لكن كذبتها لم تدم..تلك ليست اي ركلة فانقباضاتها بدأت تزداد وصار الوضع جدياً اكثر..كانت تتلوى آلماً وهي تشد قبضتها بيد توب كأنها تستغيثه..اعصار وجع بدأ يهب داخلها وقلبها يتسارع وهي تلفظ بصراخ : اظني انني سألد!!
كانت ردة فعله غريبة..هو فقط ابتسم ببلاهة حتى ظهرت اسنانه..ضحكة غريبة اعتلته وسط أنين وجع سونغ اوه..بدأ عقله يسرح بعيداً ويرسم مستقبلاً عجيباً وصوت صراخ الطفل يُخيّل اليه داخل راسه..لم يعد لواقعه الا عندما صرخت سونغ اوه باسمه متآلمة..اسندها على السرير قائلاً بجدية : تذكري ما تمرنّا عليه! تمارين التنفس شهيق!..زفير!..هيا بهدوء!
بدءا تطبيق ذلك التمرين معاً وهو يساندها محرضاً اياها على الشهيق والزفير بهدوء..اقترب منها وقبل جبهتها ممرراً يده على وجنتها ثم الى بطنها..نظر لعينيها نظرة صادقة ومُحبة طالباً منها بكل رفق : استمري بالتنفس ..سأعود!
غادر توب الغرفة ببلاهة وخطواته متعثرة وابتسامة تشق فاهه..لا يصدق انه سيحدث لم يكن ليتخيل هذا حتى!..اخرج هاتفه واتصل مكلماً الطرف الاخر بسعادة بارزة من نبرته قائلاً بحماسة ملتهبة : مرحباً!؟..لقد حان الوقت!!
دخل توب بخطوات مبتهجة كأنه يرقص وابتسامته لا تفارق تراسيمه..وقف امامها قائلاً بسعادة غامرة : سأصبح أباً!..هل تصدقين؟!..سيكون لدي عائلة!
تحدثت سونغ اوه بصعوبة وسط شهيقها وزفيرها بتوتر والآلم يتسلل من كل جانب لافظة كلماتها بتعب : ساصدق عندما يختفى هذا الآلم!
لكنها سرعان ما ارتسمت على وجهها تعابير صادمة مفزوعة حتى نطق بصراخ : توب لقد انفجر كيس الماء!
تسآل توب باستغراب : ماهذا؟
سونغ اوه : هل اتصلت بالاسعاف؟!
بنبرة باردة وواثقة اجاب بجمود : كلا اتصلت بما هو افضل من الاسعاف..
سونغ اوه : ماذا!!!
توب : لا تقلقي ستصل خلال دقائق..
سونغ اوه : لا استطيع ان اتحمل لدقائق!
اقترب منها مهدئاً اياها : اششش..تذكري! شهيق..زفير
دفعته بعيداً عنها بغضب : اللعنة على الشهيق والزفير انا أموت هنا!
كان الوضع مشحوناً وبدأت سونغ اوه تتصبب عرقاً وتنفسها يتسارع وتصرخ بآلم بين الحين والآخر..ممسكة بيد توب تضغط بقوة محاولاً كبح الآلم وهو يحرك الهواء على وجهها لتبرد..لكنه سرعان مادخلت سيدة تبدو كبيرة في العمر -اجوما- ومعها حقيبتها الكبيرة ذات الطراز العتيق..اقتربت منهما بسرعة والجدية واضحة بمعالمها..حضنت توب حضناً عميقاً كجدة لم ترى حفيدها ثم اقتربت من سونغ اوه ومسحت على جبهتها بعطف وهي تبتسم لها..التفتت لتوب ثم قالت بدفء : انها جميلة!
جلست امام سونغ اوه وقالت بحسرة متذكرة الماضي : قبل اكثر من 30 سنة كنت أولّد امك لتحظى بك والآن ها أنا أولّد زوجتك لتحظى انت بطفلك!
قاطعتها سونغ اوه متلفظة انفاسها بصعوبة تكاد ترى الموت : ليس وقته!..فقط انقذيني!
ابتسمت الاجوما بوجهها بهدوء ممسكة بيدها تطمنها : سيكون كل شيء بافضل حال..!
توب : سيدة ميلودي أتحتاجين شيئاً؟
ميلودي : فقط احضر لي الخادمات وابقى خارج الغرفة..
نظرت لسونغ اوه وغمرت وجهها بين يديها محدثةً اياها بجدية : الآن يا صغيرتي اريد منكي ان تتبعي تعليماتي بالحرف وثقي بي حسناً!
هزت سونغ اوه رأسها بالرضا وكل همها ان ينتهي كل هذا لان صدقاً آلمها لم يعد يحتمل....دخل عدد من الخادمات واغلقن الباب بينما يتجمعن حول سونغ اوه والسيدة ميلودي اما توب فقد بقي بالخارج..كان توب واقفاً امام باب الغرفة وقلبه يكاد يخرج من مكانه..لم يرى موقفاً كهذا بحياته ربما لكن صوت صراخ سونغ اوه كان يعلمه ان الوضع جدّي..صرخات سونغ اوه تعالت في ارجاء القصر وصوت الخادمات والسيدة ميلودي حولها كان نوعاً من الضجة ما جعل قلب توب يرتجف داخل صدره قلقاً..يتمشى مترنحاً حول دائرة من الخطوات المتبعثرة وفؤاده ينبض باضطراب واعصابه على نار حمراء..التوتر يدب داخله كما لم يحدث من قبل هو خائف عليها اكثر من نفسه..بدأت صرخاتها تقوى شيئاً فشيئاً حتى سكتت وعمّ الهدوء فجاءة..كانت تلك ارعب ثوانٍ هادئة مرت على توب في كل حياته رغم حبه للصمت.. ولاول مرة يشعر ان الثانية قد تحولت لساعة لشدة خوفه من الصمت المفاجىء حتى سمع صوت صراخ طفل صغير عندها تنفس الصعداء اخيراً وعادت روحه داخله..انهار على ركبتيه لكن سعادته كانت اكبر حتى قلبه بدأ ينبض بقوة..اخفى وجهه بين يديه وضحكته تتعالى شيئاً فشيئاً حتى دمعت عيناه..ما إن التفت حتى افتتح الباب وخرجت منه السيدة ميلودي تحمل بين احضانها طفلاً لا يزال متأثراً بالصراخ..ابتسامتها كانت مستريحة وهي تمد الطفل لتوب مسلّمة له فلذة كبده..حمله توب بين ذراعيه وملامحه تعجز عن التعبير بكمية المشاعر التي انهالت عليه لحظتها..توقف العالم بالنسبة لتوب وصار الوقت بطيئاً بينما ينظر لطفله الذي يتوسط حضنه..تمنى لو انه لا يغادر هذه اللحظة بتاتاً فقد كان غارقاً كصخرة في عمق المحيط..يمكنني الجزم بان هذه هي افضل واسعد لحظات لتوب التي لم يعهدها طوال حياته..
ميلودي : إنه يشبهك!
ابتسم توب بفخر وهو ينظر لصغيره متسائلاً بحماس واستغراب : اهو فتى؟
تنهدت ميلودي بضحكة خفيفة تجيبه بنعومة : انه فتى وسيم!..تماماً مثلك..
دخل توب بطفله الصغير على سونغ اوه المجهدة والمتعرقة من التعب وملامحها تبدو كما لو انها كانت على شفا شعرة من الهلاك..جلس بجانبها وسعادته غامرة يُريها الطفل بحماسه تماماً كطفل يري امه لعبة..ابتسامتها الآملة وسط تعبها جعلها تنسى كل الآم التي عانته بمجرد رؤية ملاكها الصغير الذي انتظرته طويلاً..بلهفة تحدث توب : انظري!..انه فتى!
صوتها الذي انهار من صراخها واحبالها الصوتية المتقطعة اخرجت صوتاً يكاد يُسمع لكن حنانها كان بارزاً في نظرتها وعيناها تلمعان بكل امل اثر دموع الفرحة : انه رائع!
انحنت بصعوبة محاولاً بلوغ جبهة طفلها لتطبع قبلة حنونة كلها عطف وحب مقاومة كل عقبات الآلم والتعب..طلبت من توب ان تحمله رغم عدم قدرتها وطاقتها المنهارة لكن تلهفها واندفاعها كان اقوى من اي حاجز يمنعها من غمر طفلها بين ذراعيها..اشتمته بعمق وطبعت قبلة مطولة على جبهته تنطق بطمأنينة : مرحباً جاي سوك!..انت تشبه والدك!
مرر توب اصبعه على خد الصغير برفق لترتسم ابتسامة دافئة على وجهه لا شعورياً.. بثقة تحدث لصغيره النائم : تشوي جاي سوك! مرحباً بك في العائلة..
بين عمق هذه اللحظات السعيدة والمؤثرة اقتربت الاجوما كبيرة الخدم وتضع يدها على كتف توب بكل برود حتى بلغت اذنه لتهمس بجمود : الآن سيكون عليك الاهتمام بشخصين!
اخدت خطواتها الثابتة لخارج الجناح تاركةً علامات الحيرة والغموض تجتاح توب..لم يلقي لها بالاً فلديه ما اهو اهم ليملىء تفكيره به ألا وهو "جاي سوك"..
مر اسبوع استعادت فيه سونغ اوه نصف عافيتها وصغيرها في مرمى عينيها..اهتمام وحب توب اصبح مضاعفاً حتى انه لم يشعر بهكذا سعادة في حياته..ترابطهما اصبح متيناً وصلباً اكثر من اي وقت مضى..قلبها ممتن بكل الشكر لتحسّن حياتها..الآن اصبح لديها عدة اسباب لتعيش بعد ان كان لديها ملايين الاسباب لتموت..معجزتها التي حدثت انستها كل مامرت به وكل ماتركز عليه الآن هو عيش لحظاتها السعيدة..لا تسمح لعقلها بالانخراط بعيداً وافساد كل شيء بكثرة التفكير..تعلّمت السيطرة على ذاتها الضعيفة ووحدتها مع روحها لتصبح نفساً اقوى تقاوم كل انواع الانجراف.....مر الاسبوع الآخر على نفس المنوال..حياة هادئة واعصاب مسترخية وعائلة هانئة..توب كان يجهز نفسه ليرى اعماله التي تركها لاكثر من نصف سنة..عدّلت له ازرار قميصه فهو لم يرتدي بذلته..طبع قبلة سطحية على شفاهها على حين غرة لكنها لم تبادله كالعادة..لطالما تساءل عن السبب لكن ينتهي به التفكير الى انها ربما ليس جاهزة لتقدم على هذه الخطوة..اتجه لصغيره النائم وقبّل جبهته بحنان ابوي ثم ينطلق..
اثناء وصوله لم تكن الامور تبشر بالخير في مقره..روسيف لا يرد على اتصالاته والمقر محترق وكما استوضح لتوب فان ماحدث اختراق بلا شك..احدى العصابات قد اعتدت على المقر البسيط في الميناء الذي يعد لاشيء بالنسبة للمافيا لكن فيما يلي ان احدهم يود شنّ حرب معهم..دخل المكان ووجد بعض الجثث المحترقة التي تبدو بالتاكيد لرجاله المخلصين..ضيق صدره لرؤية ذلك..ليس لرجاله بالطبع!..لم يكن منه سوى ان اندفع بغضب نحو سيارته ويقودها بتهور عنيف متجهاً للمقر الرئيسي..كل محاولاته للاتصال بروسيف باءت بالفشل هو لايرد..عروقه اشتدت حتى برزت من غضبه يضرب مقود السيارة بانزعاج وعيناه تشتعلان بنار الانتقام..لا احد يعبث مع توب ويغيضه ثم ينجو !....عند وصوله كانت تلك الفاجعة الكبرى لتوب..مقرهم قد تم اختراقه من قبل الذ اعداءهم والمكان محيط بالعديد من السيارات وهناك تبادل اطلاق نار..بتكتيك ذكي كان توب قد تسلل بتخفي يحمل سلاحاً ساعياً بلوغ اهم بقعة في المقر..طوال الطريق لم يجد سوى جثث اعداءه وجثث رجاله وفيما يبدو ان المعركة مشتدة داخل العمق..اثناء تسلله ظهر له 3 رجال ليسوا من رجاله استطاع بسرعة ان يختبيء قبل ان يروه..مروا بجانبه غير عالمين به حتى ينهي امرهم برصاصة في الرأس لكل منهم..تفقد مسدسه وكل مابقي هو رصاصتان! نادم انه لم يمليء رصاصاته ..لكن لابأس فعند تفتيشه لأؤلئك الحمقى وجد عندهم اسلحته المسروقة..بينما لا يزال يلقم السلاح حتى شعر بمسدس موجه على رأسه..تجمد الدم في عروقه راخياً سلاحه بتوتر..حاول الاستدارة لكن خصمه غير قابلٍ للخداع..رغم ان توب رفع يديه في الهواء الا ان الطرف الآخر شدّ على الزناد مصمماً على ادخال الرصاصة داخل رأسه..نفسٌ واحد حتى كان صوت الاطلاق عمّ الارجاء وسقط الرجل مغشياً عليه..التفت توب باندفاع ليرى مايجري حتى اتضح ان احد اعداءه حاول قتله لكن احد رجاله تدخل باللحظة الاخيرة وانقذ زعيمه..اقترب منه توب وشدّ ذراعه بذراع مُخلِصه كدليل على شكره..لكن تحولت ملامحه لجدية مع نوع من القلق متسائلاً توب بحيرة : ماذا حدث؟!
رد الرجل بخيبة امل : لقد عادوا وهاجمونا فجاءة!
توب بحزم : اين روسيف؟
الرجل : انه في الطابق العلوي مع باقي الرجال
توب : دعنا نقضي على هؤلاء الاوغاد وللابد..انت تغطي ظهري وانا ساغطي ظهرك
الرجل : حاضر سيدي!
حدث التحام في الطابق السفلي لكن مهارات توب ورجاله اقوى واستطاع ان يجمع عدد اكبر من رجاله..استمرت تلك المعركة حتى وصل توب للطابق العلوي مع عدد هائل من جثث الاعداء و33 رجل من رجاله بعد ان خسر اثنين واصابة 4..دخل بفيلقه مهاجماً دون مقدمات والمكان يعج بالرصاص العشوائي..الفوضى والدماء كانا اسياد الموقف والجثث في كل خطوة..كان توب محتمياً خلف طاولة مقلوبة يلقم سلاحه ليرمي به حتى استشعر حركة خفيفة بجانبه..بسرعة خاطفة اخرج سلاحه الاخر ووجهه برأس الذي امامه حتى ادرك انه روسيف ليتنهد بارتياح..
روسيف : توب! لقد اتيت!
توب : لما لاترد على مكالماتي ايها السافل
روسيف : هل ابدو لك بوضع يمكن ان استخدم فيه هاتف باريحية؟
توب : كيف حدث كل هذا؟!
روسيف : هناك خائن كشف على موقع مقرنا..
توب : ابن العاهرة!
روسيف : اوه بالمناسبة تهانيّ اصبحت أباً
توب : شكراً..والآن لنكمل عملنا
بدأ تبادل اطلاق النار بكل مكان والوضع اصبح يتأزم..كان لابد من وضع حدٍ لهذا لذلك اقترح روسيف خطة مجنونة..
روسيف : توب! لدي خطة!
توب : تحدث!
روسيف : هناك قنبلة يدوية في تلك الزاوية غطيني لاحضرها
توب : ماذا؟! أجننت؟!
روسيف : ثق بي!
توب : حسناً!
روسيف : عند اشارتي!
3 ثوان حتى ركض روسيف باتجاه القنبلة اليدوية في الزاوية التي في مرمى اطلاق العدو..كان توب يصوّب باحتراف عليهم حارصاً الّا يصاب روسيف باي طلقة..استطاع ان يبلغ روسيف القنبلة وسرعان ما فكّها ورماها بينهم وكانت لحظات حتى تطايروا اشلاء ما قلّل عددهم..اكتفى روسيف بالاستلقاء بدلاً من العودة جنباً لجنب توب..ماكان من توب إلا ان اقترب من روسيف وسحبه من قدمه ويعاتبه بغضب : توقف عن كونك حقيراً هكذا!
ابعد توب يد روسيف عن بطنه وانصعق لرؤية احدى الرصاصات قد اخترقت كبده..تجمد توب في مكانه ودموعه تتسابق حول مجحريهما..شعر كانه خسر شيئاً مهماً..غصة انقبضت في قلبه كان احدهم يعتصره بعنف..نطق روسيف بصوت كالهمس بنبرة تعبة مليئة بالسخرية : ذلك العاهر استطاع ان يصيبني هه
وسط كل تبادل النار الذي يحدث حوله كان توب يحدق بكل حسرة لارجاء روسيف وهو ينزف بقوة..عقله توقف عن العمل وهو عاجز امام اصعب شيء يمكن ان يختبره الانسان..لم يكن منه سوى ان غمره بحضنه لاشعورياً ودموعه اخدت طريقها بالنزول..كان روسيف يعبث مع توب بسخرية رغم انه بالكاد يتحدث..
روسيف : هاي يارجل لما تبكي على جثة!
توب : كلا!..سانقذك لن تموت!
روسيف : انا اسف..اخشى انها النهاية
توب : اخرس! انت اقوى رجالي انت لا تموت بسهولة هيا فلتكن رجلاً!
روسيف : اتعلم!..هه كنت قدوتي..هاااه انا حقاً فخور لانني كنت جزءاً منكم كان هذا فخراً لحياتي..انا ممتن لك يا سيدي لانك جعلتني ذو قيمة عندما كنت نكرة
توب : تشه توقف عن الثرثرة يا صاح انت تؤذي نفسك..انت لا زلت معنا لن ادعك ترحل!
روسيف : نااه..اخشى انه علي ان استريح الآن -يسعل دماً-
توب : روسيف!..رووسيييف!!
روسيف : عليك ان تعود لمنزلك وتحمي عائلتك! هم يسعون وراءك
كان توب يضغط على جرح روسيف محاولاً ايقاف النزيف ومساعدة روسيف لكن لا شيء يفلح..قلبه يحترق عاجزاً عن وصف آلمه غير متقبلاً لخسارته..اخر ما قاله روسيف لتوب هو : عليك ان تتركني اذهب!
تلك الكلمة كانت كفيلة بهَده وانهياره..اخر تنهيدة اطلقها روسيف وهو يحتضر بين ذراعي توب حتى توقف عن التنفس ولم يعد هناك نبض..تلك اللحظة لم يكن هناك مايعزي توب ويواسيه سوى دموعه..اخر حضن حضنه له قبل ان يطلق صرخة غاضبة اشبه بالزئير ليحمل رشاش روسيف ويطلق بعشوائية وعنف على من كانوا السبب..غير لسلاحه وبدأ يطلق بغضب ونار الانتقام تلتهب داخله..رجاله يفعلون مثل قائدهم حتى بدأ اعداءهم ينقصون شيئاً فشيئاً نصف ساعة وكانوا قد انتهوا منهم جميعاً..
غادر تاركاً كل الفوضى خلفه راكباً سيارته بتهور يجري باعلى سرعة ليصل للقصر..
.
.
.
.
ملاحظة : اجوما كلمة كورية تعني او تصف سيدة او امرأة ذات ال45 عاماً او اكثر وهي تعني ايضاً سيدة لكنها اكثر احتراماً وتقال للنساء
.
.
.
مرحباً😭💜 اعتذر لتاخري في النشر حدث لي ظرف طارىء ولم استطع الكتابة..
مارأيكم بالبارت؟..اخشى ان سونغ اوه وتوب سيودعانكم عما قريب للاسف😭..باية حال اصبحت احب جاي سوك🌚❤️ لترقد روح روسيف المخلص في سلام😔💔..اعتذر اثرثر كثيراً فقط اشتقت اليكم😭💜💙
ترقبوا البارت القادم وليس ببعيد!!!

في القصر مع متسلط (مكتملة)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن