البارت الثامن عشر

281 14 32
                                    

..في القصر مع متسلط..
من كتابة بارك هان سي ~❤️
انهارت سونغ اوه على ركبتيها وتنظر لبقعة فارغة عقلها متخبط ونيران تلتهب بقلبها اما دموعها فكانت نهر منساب..هزت رأسها بالنفي وهناك ملايين الاسئلة تحوم حولها..رفعت رأسها بذل وبنبرة مترجية تستجديها باجابة مقنعة : كيف ذلك؟! كيف حصل هذا ومتى؟!
نزلت الاجوما الى مستواها..متحسرة على حال هذه الصغيرة التي لا تفهم مايجري..وضعت يدها على خد الباكية ومسحت دمعتها بابهامها ونظرت إليها باشفاق..
أجوما : والداكي..
يكاد يُسمع صوتها الذي تحول للهمس من شدة الضغط المتراكم على نفسها : والداي؟!..ماذا في والداي؟!
اجوما : قبل كل شيء..السيدة أمرتني ان اخبركي بدلاً عنها..لقد واجهتْ صعوبةً في مقابلتكِ واخباركي بالحقيقة لذا أنا تكفلت..
تود سونغ اوه لو تضرب رأسها بالحائط لتنسى كل شيء الآن..تتمنى ان كل مايحدث هو مجرد كابوس وستستيقظ منه بأية لحظة..لطالما تمنت لو أن كل مايحدث معها في حياتها هو مجرد حلم سيء..تمنت هذا آلاف المرات لكنه ينتهي بتعايشها معه كواقعٍ مُّر وأليم..إلى متى ستستمر معاناتها؟!..ألن تنزل الرحمة بها؟! متى ستسعد هذه الفتاة يا الهي؟!..المسكينة فقط تريد حضناً ترتمي فيه يخبرها شخص بأنه بجانبها دائماً وانها لايجب أن تخاف وأنها ستكون بخير..ترغب بشدة الاحساس بالأمان ولو لثانية من عمرها..ولكن من أين ياحسرتاه؟!..أبعد فراق الوالدين سندٌ يحميها؟!..نبرتها الباكية والمقهورة لم تعد تتحمل اي غموض : ارجوكي توقفي عن هذا..اخبريني بسرعة دون اي تطويل وتمطيط..اي سيدة تعرف عن والداي وما السر الذي تخفونه عني..إرحموني ارجوكم فأنا لم أؤذيكم في حياتي....يا إلهي..
حضنتها الاجوما لوقت قصير..ثم تابعت كلامها لتهديء ذعر سونغ اوه فحقاً يكفي تمطيطاً..اخدت نفساً عميقاً واكملت مايجب ان تعرفه سونغ اوه منذ زمن..
أجوما : أنتي فتاة من عائلة غنية ذات نفوذ ضخم ..والداكي كانا معروفين..كانا بطلا زمانهما...حالة الفقر التي عشتيها ماكان يجب أن تحصل بتاتاً البتة..لكن يبدو أن والدكي ظنّ انه محل ثقة لذا وضعكي معهم...حسب كلام السيدة والدة توب فإن والداكي كانا طيبين..كان والدكي رجل اعمال شهير ووالدتكي وريثة عائلة كيم وكانت طيبة..كلاهما ساعدا في الكثير من الحملات الخيرية ورغم ذلك فقد كانا اهم عضوين في المافيا..ما تجهلينه هو أن والداكي ووالدا توب كانا اعز اصدقاء..لا أظن انه يجب ان اتحدث عن عطفهما معك فربما تتذكرين ذلك لكني..أذكر عندما أتيت اول مرة ورأيتهما كانا افخم ثنائي مليء بالحب..كانا حقاً رائعين ومع ذلك نهايتهما كانت مأسوية ولم يستحقا ذلك..لم يجب أن يُقتلا..
كانت سونغ اوه تنصت باهتمام مقاومة بكاءها حتى توقفت على آخر جملة..إرتبكت وهي تهزها : عما تتحدثين والداي ماتا في حادث سير!
اجوما : كلا..كلا..والداكي قُتلا..كانا ينفذان مهمة معاً وفي طريق عودتهما اعترضتهما عصابة..وقاموا بتعذيبهما ثم قتلهما نكاية في عائلة تشوي لعلمهم انهما افضل من انضم لهم..وبذلك خسرت المافيا اهم عضوين والى الآن والد توب يلوم نفسه على موتهما لكنه مازال يحتفظ بثروة والديكي حتى تأتي أنتي ويعطيها لك..
صاعقة نزلت على سونغ اوه..وهي تسمع كل هذا وتتمنى لَكم التي أمامها..تلك العجوز التي لاتراقب لسانها..كل ماتبرع به هو التحدث فحسب ألا تعلم كيف تصيغ الامر بشكل افضل؟!..غصة بكاءها علقت في حنجرتها تريد البكاء لكن لا تستطيع..تلك الحالة الغريبة التي تروادك عندما تصبح همومك اكبر من ان تطيقها وعندما تحاول ان تبكي تجف دموعك وتجفل مشاعرك ويبقى كل مايعتليك هو الجمود والفراغ وانت تحس نفسك في دوامه تدور بك دون ان تتوقف..كان هذا حال سونغ اوه توقف عقلها عن العمل ليبدأ بصف المعلومات شيئاً فشيئًا وتصحيح كل ماكبرت به..لقد كذب عليها هؤلاء الناس..اخبروها انهما ماتا في حادث سير وان والدها كان فقيراً ولم يترك لها فلساً..دعوها من هذا الآن هي تفكر بالظلم الذي تعرضت له دون سبب..خسرت والديها بسبب مافيا ملعونة تخص عائلة تشوي..شيء أخر يضاف الى قائمتها ليجعلها تكره هذا العائلة اكثر فأكثر..عائلة تشوي اللعينة التي جعلتها تخسر كل شيء بداية من والديها ثم حياتها وبقية حياتها التي يستمر السافل توب بتدمير بقيتها..الآن هي ترغب في الصراخ بشدة..حقاً تريد أن تصرخ الآن ليخرج كل ماهو متجمع داخلها..الضيق يعتليها من كل الانحاء ولا تعرف ما العمل..الدوار بدأ يجتاحها بكل مافيها حتى ان رؤيتها تشوشت..هذا أكبر من أن تتحمله المسكينة..صدمات تتتالى خلف بعضها البعض فلترأفوا بالصغيرة قليلاً!..حتى تنفسها بات صعباً..تتابع تلك العاهرة العجوز كلامها غير مبالية بحالة التي أمامها..
الاجوما : كانا والداكي كثيرا التردد على منزل عائلة تشوي لذا..كوّنتي صداقة مع توب..هذا ماجعله يحبك..في البداية لم يتقبلكي لانكي صغيرة جداً..لكن براءتكي ولطافتكي جعلته ينجذب اليكي ويقع في حبك وكما تعلمين حب الطفولة هو انقى حب في الكون خاصة اذا استمر!
انتفضت سونغ اوه بهيجان وهي تهز رأسها بالنفي واضعة كلتا يديها تغطي بهما أذنيها وهي تصرخ : يكفيي يكفييييي ارجووك تووقفيي..
نظرت إليها بعينين محمرّتين والغضب بارز في نبرة صوتها الزاجرة : يكفي سخافات! لقد كنت صغيرة في ذلك الوقت..كنت طفلة لعينة لا افقه اي هراء تافه! لذا لا تربطوا الماضي بالحاضر هذه ليست حجة بتاتاً ليست حجة ان يعاملني توب هكذا ويختطفني ويتزوجني بحجة انه يحبني كلا لقد كنتي صغيرة ولا اعرف ما يجري حولي انا لا اريده ولا اريد حبه يكفي مافعله بي ويكفي ان عائلته كانت السبب في خسارتي لوالداي..
نهضت الاجوما ووضعت يديها على كتفي سونغ اوه وتنظر اليها بعيون ذابلة : لكن والدكي وصّى السيد تشوي بأن تتزوجي توب!
ابعدت سونغ اوه يدي الاجوما بغُل وانتفاض وهي تصرخ وسط دموعها حتى باتت حنجرتها تتأذى : قلت يكفي! من المستحيل ان يفعل والدي شيئاً كهذا!! انا اكرهه اكرهه كثيراً من كل قلبي اكرهه واكره عائلته فلتحل اللعنة عليكم جميعاً اتمنى ان تحترقوا في الجحيم كما فعلتم بي واكثر!!
ماهي إلا ثواني حتى سكتت لتلتقط انفاسها..إلتفتت وكانت على وشك المغادرة إلا ان ما فاجئها هو ظهور توب من الممر المظلم متجهاً إليها بخطوات متبعثرة وملامح وجهه مهزومة..كان واقفاً يستمع إلى الحديث منذ البداية..لم يكن يتوقع ردة فعلها بل..لم يتوقع ان تكون هذه مشاعرها الحقيقة..هو لا يستوعب لكنه ظل ينظر إليها بعينيه الدامعتين..سقط على ركبتيه ولأول مرة يشعر بالانهزام والخذلان..انزل رأسه يقاوم بكاءه ورفع ناظريه ليتواصل بعينيها لكن حاجز الدموع منع كليهما....توقف قلب سونغ اوه عن النبض عندما رأت توب امامها..تصلي في داخلها ألا يكون قد سمع كل ماقيل!..وضعت يديها على فمها وعينيها تغزر بالدموع بينما عقلها قرر أن يستعرض لها شريط حياتها لتوقعه موتها في أي لحظة..نبرته المقهورة وهو يأنبها قائلاً : لماذا سونغ اوه!..كانت كفيلة بجعل القشعريرة تجري في ارجاءها..
توب : لقد أحببتك طوالي حياتي!..منذ اول مرة رأيتكي فيها أحببتكي ولم أحب غيركي..قلبي لم يرضى سوى بك حتى رغم علمي بفارق العمر بيننا لكني بقيت احبك..انتظرتك طويلاً وتعذبت بسببك ايتها العاهرة والآن هذا جزاءي؟! هل هذا ما احصل عليه بعد كل تلك السنين الطويلة اللعينة التي بقيت احبكي فيها؟!
عباراته كانت متمثلة كصرخات..لم يستطع وصف الآلم الذي شعر به..الوجع الذي احتل قلبه..17 عاماً يقدس حبه لها ويتنفسها عشقاً هذا هو نهايته؟!...أهو سيء الحظ لهذه الدرجة؟!..كلما أحب شخصاً كانت النهاية تعيسة؟!..ماذا عن الحب المتبادل والحياة الوردية والعشق المتناغم؟! أهو منكوب ولن يجربه احدهما؟!..ألن يتذوقا حلاوة الذوبان في الحب؟! إلى متى وهما يرتشفان كأس المرارة؟! إلى متى والظلام يغيمهما؟!...كلا حتى وإن اجبرها على حبه فهو سيفعل المستحيل ليحصل على قلبها..فلتصفوه بالمجنون فلتصفوه بالسادي تباً ولن يلقي بالاً طالما اراد شيئاً يحصل عليه ولقد اراد قلبها وسيحصل عليه ولو كان هذا سيكلفه حياته....رفع رأسه قليلاً بينما دموعه تتوهج مع الضوء..نهض بصعوبة واستقام برجولية..ملامحه ليست مريحة كان الغضب والآلم ممتزجان ليُلوّنا وجهه..تقدم ناحيتها بهيجان وهو يجرها من شعرها..لم تبدي اي ردة فعل فقد كانت مستسلمة للموت..فأثناء ذلك كانت تتلو الصلوات على روحها لآخر مرة مرحبة بالموت ليخلصها من هذه المهزلة المتكررة..رماها على الارض كانها شيء بالي وغير مهم..لم ترد التفكير في الذي سيفعله بها فقط كانت تتمنى ان تنتهي حياتها ويكون هذا آخر ماتجربه..حملها من ياقتها بعنف ورماها على السرير وقرب وجهه من وجهها..باستفزاز وبشجاعة غير معهودة تحدّته ناطقة : اقتلني هذه المرة.. دعني اتخلص منك..اريد ان اموت اثناء ذلك..فلتقتلني توب!
بكل برود كان جوابه : بل ساحرص على بقاءك حية لتتعذبي أكثر..
كان هذا آخر ماسمعته قبل ان تتلقى لكمة مبرحة تسببت في اغماءها..احضر وعاءا به ماء مثلج وسكبه عليها..كيف لها ان تنام الآن لم يبدأ شيء!!..استيقظت بفزع وهي تلتقط أنفاسها بسبب الماء البارد المنكسب على وجهها الساخن..لم تلبث لتستفيق حتى قيد توب يديها بحبل على السرير..لا مجال الآن يديها معلقتان وصعب تحريرهما يبحث هنا وهناك عن شيء..خلع قميصه ورفع شعره بيديه بعد ان وجده سوطه..هذا لا يبشر بالخير بتاتاً لكن امنيتها ان تموت تحت تأثيره..نظر للسوط ثم نظر لها نظراته لم تحمل اي تعابير سوى الفراغ..بدأ بجلدها مرات متتالية لكنها لم تطلق أي صرخات..تعلم انه يريدها ان تصرخ وتطلب منه الرحمة لكن يكفي دعساً على كرامتها..هذه المرة تريد ان تموت بصمودها بدلاً من تعيش مدمرةً بقايا كرامتها..كانت تكتم صرخات آلمها بعنف محاولة حبسها قدر الامكان..تعض شفاهها حتى أدمتها فقط لكي لا تنخضع له..بعد عدة جلدات توقف يتلقط أنفاسه ..رمى سوطه باهمال يبدو ان هذا الاسلوب لم يكن يشفي غليله فمازال قلبه يغلي..اقترب منها يضع يده على رقبتها، حاول خنقها لكنه فضل لكمها..عدة لكمات كانت كافية باخفاء معالم وجهها حتى ان انفها يسيل دماً..
توب : هه تقاومين بشكل جيد..لنرى إن كنتي ستتحملي هذا؟!
اخرج سكيناً من الدرج وبدأ بتسخينه على شمعة..هنا بدأ قلبها يضطرب وتنفسها يختل..ماذا سيفعل هذا الاخرق غير معقول!.أياً كان ما سيحدث فهو سيء ولم يسبق لها ان جربته..اقترب منها وجلس بجانبها يتطلع إلى كل جروحها التي تنزف..رفع فستانها ليظهر فخذها بهدوء مسح بيديه وبسرعة وضع السكين عليه..صرخاتها لم تصف ألمها كان موجعاً للغاية..قام بحفر اسمه على فخذها بالسكين الساخن..الحروق بدأت تنزف بدورها لكنه كان سعيداً..لم تعد تتحمل، الآلم ينهشها كان هذا اكثر من ان يُحتمل..انفاسها بدأت في التباطؤ..لم تعد ترى شيئاً سوى رؤية بيضاء مشوشة..رمى السكين بعيداً وجلس بجانبها يضع وجهه بين يديه..القليل من القوة بقيت لديها قررت ان تستنفذها في نطق آخر ماتستطيع نطقه..يكاد صوتها يسمع بنبرة غير واضحة يحتلها وجع رهيب : انت جبان..
محاولاً ضبط اعصابه : اصمتي
سونغ اوه : انت خائف..
توب : قلت لكي اخرسي!
سونغ اوه : انت ضعيف ولا يمكنك ان تثق بنفسك حتى..
هاج كالثور وصراخه يملىء المكان : اطبقي فمك!!
صحيح انه يدمرها ويكسرها ويوجعها إلا انها دائماً ماكان لديها سلاحها السري..لسانها!!..لطالما استخدمته كسلاح يهون عليها قليلاً فهي تعلم انها تؤثر عليه بكلماتها وهذه ورقتها الرابحة..بأية حال كانت بكلامها تصف ما يحاول توب جاهداً التغاضي عنه..كان يسكتها لعلمه بصحة كلامها لكنه لن ينهزم امامها..لن يترك هذه العاهرة تفوز عليه في نزال القوة!..ابتسمت ابتسامة الانتصار راخيةً رأسها على حافة السرير وهي تتلذذ برؤيته يتلبك..كلاهما يعبثان ببعضهما البعض ودائماً ماينتهي بتعادلهما..قبل ان يغادرها ويتركها لكمها بقوة أحست من أثرها ان دماغها قد اهتز في مكانه..مسبباً نزيف أنفها ليغمى عليها..خرج بسرعة تائهاً لا يعرف الى اين يتجه..مشوش الفكر مدمَّر القلب لا يصدق مافعله..يلعن كل ماحوله متفادياً صراخ ضميره......فُتح الباب على شبيهة الجثث المرمية كأنها تحتضر بالكاد تلتقط أنفاسها..دماءها تغطيها ومنظرها يفتت الفؤاد..صرير الباب ارعبها ظنت انه عاد لكن اتضح انها الخادمة لوتيان..اتجهت إليها لوتيان تسابق الرياح خائفة عليها..ما إن وصلت أمامها حتى كان قلبها يرتفع ويهبط من هول ماترى..وضعت يدها على خد سونغ اوه ودموعها تتجمع حول مقلتيها..اصبحت سونغ اوه تتألم حتى من لمسة..لم يعد جسدها قادراً على الاحتمال اكثر اذ حتى لمسة خد كانت توجعها..تتنفس من فمها فنزيف انفها كان يمنع الهواء من الوصول..
لوتيان : سيدتي؟! ياالهي..انتي بخير؟!
لم ترد عليها فقد خسرت كل طاقتها لذا تكفلت عينيها بالاجابة..نظراتها المقهورة والمتحسرة كانت كافية بوصف كل مايحدث بها..قررت تلك الخادمة ان تبلع لسانها وتَهُم بانقاذ هذه المسكينة..نظرت هنا وهناك وعثرت على سكين مرمي..حاولت حمله لكنه كان ساخناً مسكته بمئزرها وهمّت بتقطيع الحبل..كانت اطراف سونغ اوه المسكينة قد شحبت لقوة العقدة فحتى الدم لم يعد يصل ليديها المعلقتان..بعد جهد جهيد قُطع الحبل وتحررت يداها..
لوتيان : سأعود انتظريني لن اتأخر..
انطلقت لوتيان والرعب يحتلها وهي تركض في الممرات منادية الأخريات..وصل طاقم الإسعافات..لقد اكتسبن خبرة بسبب سونغ اوه فقد طوّرن من اسلوبهن في المداواة..تلك الفتاة باتت دمية تجارب..الشفقة والرحمة من اجلها يا الهي..كان الخادمات ينظرن اليها بملامح مرتعشة..جسدها الذي بدأ يلتئم عادت الجروح لترتسم بعنف أكثر من أي وقت مضى..فستانها تحول لخرقة بالية فقد صار ممزقاً ملطخاً بالدماء..أزلن الفستان عنها وبدأن بتطهير جروحها..كانت تئن بآلم بسبب المطهر الذي يتغلغل داخل جروحها..مراهم الحروق لم تكن تجدي نفعاً ولا مهدىء استطاع تهوين ماتشعر به فقط أنينها وتأوهها كان يصف نصفها..تكاد تصبح مومياء لكثرة الضمادات الملتفة حول جسمها..كمادات الثلج موضوعة على وجهها وثلث ملامحها صارت مضمدة..بقيت بجانبها لوتيان ترعى حال المسكينة التي أدمت روحها..كانت تصلي لاجلها وتدعو لها..غطت سونغ اوه في نوم عميق تستجدي ألا تستيقظ منه..عانت الكثير اليوم أُثقِل كاهلها بذنب لم تقترفه..آمالها تحولت لرماد منثور..جفت الدموع وبقي القلب يبكي بدمه..
كما لو أن طوفاناً قد مر من هنا..المكان تحول لساحة معركة بينه وبين نفسه..الدمار والتحطيم هو الديكور الجديد لمكتبه..أفرغ نصف غضبه في الأشياء الجامدة والآن ضميره يذيب قلبه..استيقظ جانبه الجيد في اللحظات الاخيرة..هذا عيبه فدائماً ماكان الجانب السيء هو المسيطر ويعمي اعصابه..والآن هاهو يدفع الثمن غالياً..واقفاً يحدق بنفسه أمام المرآة بعض قطرات الدم تنساب من وجهه إثر تحطيم ماكان امامه..نظراته الحاقدة لم يوجهها سوى لذاته..جانبين بداخله يتشاجران وقد أُهلك محتواه..نبرة متهزة من شدة الغضب صارّاً على اسنانه : يا لك من سافل عديم الثقة!!..انظر الى نفسك..جبان!!
صراخه المزمجر أدى به للكم المرآة وتفتيتها لاجزاء صغيرة..جرح نفسه لكن مامن جرح يؤلمه سوى فؤاده..يستحق ذلك إنه يعاقب نفسه لتجاوزه الحدود..ماكان يجب أن يفقد السيطرة حقاً ماكان يجب..العرق يتصبب على وجهه يحاول تنظيم تنفسه..رفع شعره ليركز بجرح يديه وقطعة زجاج عالقة بها..ازالها باهمال وعدم اكتراث رماها بعد أن تشمت بنفسه..إتجه الى احد أركان الغرفة يسند ظهره بتعب..خائر المشاعر فارغ الوجه والانهزام متكىء على كتفيه..تنهد بقلة حيلة حائر ولا يعلم..لم يحس بهكذا مشاعر تعتليه!! إنه تائه بل ضائع لا يعلم ماذا بعد كل هذا الآن..الشك يعتريه ولم يعد يثق بأي شيء..رفع رأسه وأسنده على الحائط..ولاول مرة أراد أن يبكي..اراد ان يبكي في أحضانٍ دافئة!..حتى السادي يمر بنقطة ضعف..لم يعتقد توب يوماً انه سيمر بها على هذه الحالة او في هذا الوضع..لم يكن يفكر ان له نقطة ضعفٍ حتى!!..هو هالك ويشعر بالضعف يتفشى به..تيقن أن نقطة ضعفه تكمن في عدم ثقته بنفسه..تباً جاهد سنين طويلة لكي يخفي هذا وينساه لتأتي هي وتكشف عنه الغطاء في ثوانٍ؟!...غم وجهه بين راحتيه واخذ نفساً عميقاً..ما إن زفر حتى إنخذل ونزلت دموعه..كان يبكي ولكن ليس لاجل شيء محدد بل لاشياء عديدة لا نية له في احصاءها..صحيح أن الرجال لا يبكون بسرعة إلا في حال مرّوا بما هو صعبٌ إحتماله..كذلك توب! لم يبكي إلا عندما مر بشيء لم يحتمله و تلك لم تحصل سوى مرات نادرة!..أما الآن فالذي يمر به هو اكبر واقسى من يجاريه ويتغاضى عنه لذا ستتولى دموعه الامر..لا بأس إن تذكر كونه بشري ذا احاسيس عاطفية! ....مضى وقت لا بأس به حتى حل الليل..توب جالس في مكانه فارداً ساقيه يحدق في اللاشيء وفراغ جامد يغلف تعابيره..نظر في أرجاء المكان مكتبه الذي صار خردة مهشمة..تنهد ساخراً على هذا الحال و همّ بالنهوض..خرج تاركاً خلفه فوضى عارمة لم يلقي لها بالاً..كل مايفكر به الآن هو كيف سيواجهها؟ ماذا سيقول؟! لكنه توقف أمام باب غرفته وفرّغ عقله ودخل..نظر باتجاهها ليجدها نائمة لم يهتم كثيراً ودخل الحمام..يحدق بانعكاسه ساخراً كما لو أنه عدو ذاته..قام بغسل يديه وإزالة الدماء التي جفت عليه ...غمر وجهه بالماء البارد تاركاً الصنبور ينسكب على رأسه والماء يتغلغل في شعره..كان ذا رونق خاص بمنظره الأخّاذ جذابٌ للغاية مع بروده..زفر بهدوء وفتح الباب بعنف رمى جسده بتعب على السرير يحدق بالسقف..التفت جانباً حيث كان ظهرها مقابلاً لوجهه..وضع يده على ذراعها ينظر لها مغلفة بالضمادات..بهدوء عفوية موجهاً كلامه اليها : أعلم أنكي مستيقظة!!
صحيح كانت مستيقظة طوال الوقت لكنها إدعت النوم لتتجنبه ولكن يبدو انها سيئة في التمثيل..لم ترد عليه فقط صوت انفاسها..إقترب منها أكثر ودفن رأسه في ظهرها وبكى..ولاول مرة في حياتها تتحسس شهقاته المحبوسه..إندهاش اعتلاها حتى ظنت أنها تهذي او ربما تعرضت لارتجاج مسبباً لها احلام يقظة..لكن ما احست به كان واقعياً على ان يكون من نسج الخيال..ان توب حقاً مرتمي بجانبها يبكي مستنداً عليها..لم يهزها سوى صوته المتآلم : معكي حق انا لا أثق في نفسي!
ما جعلها تشعر بسخونة زائدة في جسمها هو تساؤله المحطَم قائلاً : اخبريني ما العمل؟!
هل حقاً وصل توب لهذه الدرجة؟! حتى عقلها لم يجرؤ على تخيل توب بتلك الحال! هل حقاً تشوي سونغ هيون تائه ويسألها هي ما العمل؟! هل اصبح عاجزاً الآن؟!...أيعقل أن الكفة اصبحت متوازنة الآن وان الرب اعطاها مايشفي غليلها؟!!..تكاد لا تصدق..لكن قلبها المفتت لا يزال يتألم وجروحها ليست هيّنة بالنسبة لها..أخذت يده وأنزلتها عن ذراعها بهدوء لتبعد لمساته عنها..بنبرة خالية من الأمل ومليئة باليأس أجابته : لم يعد هناك ما يمكن فعله الآن..
قبض يده بعنف متحسساً الجمود من كلامها..كلا لايجب أن يحدث هذا..يجب فعل شيء! لكن حقاً ما من شيء يمكن فعله..اطلق العنان لشهقاته لتُنفس عنه..كان تعيساً...لم تلتفت له بتاتاً ولا تريد أن تشعر بالشفقة عليه..لكنها تعرف نوع الانهزام الذي يجربه الآن..كلاهما يتآلمان ولكن ليس هناك ما يمكن فعله فلقد حدث ما حدث..لم تتمالك سونغ اوه غصة البكاء فمن حقها تبكي ايضاً..فهي أكثر من تآلم ورغم ذلك فقد بكت بكاءاً صامتاً..تحبس شهقتها بجهد ودموعها تحرقها..حالهما كان بمثابة عزاء لوضعهما..يتألمان وكل منهما يسبب آلماً للآخر..
.
.
.
.
.
انيوغ🌚💖
اعتذر اني تأخرت بكتابة البارت المشكلة ان صارتلي لخبطة بالكتابة والافكار تشوشت..إن شاء الله يعجبكم البارت💚
ما اطمنكم على البارت الجاي لان افكاري مازالت متداخلة بشأن وضعهم حالياً🌚💔
المهم قوليلي رايكم بصراحة😭💝💝

في القصر مع متسلط (مكتملة)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن