البارت الاخير

234 8 9
                                    

غادر تاركاً كل الفوضى خلفه راكباً سيارته بتهور يجري باعلى سرعة ليصل للقصر..يصلي داخله لألّا يكون احد قد سبقه وان تكون سونغ اوه بخير..ما إن وصل حتى تنفس بارتياح اخيراً فسياراتهم لم تصل بعد مازال لديه الوقت..دخل القصر باندفاع راكضاً..كان المكان هادىء حتى سمع صرخة بالأعلى إذ كانت سونغ اوه تصرخ بهسترية..العديد من الافكار السلبية تسللت لدماغه بينما يركض للطابق العلوي وقلبه يرتجف خوفاً عليها..لقّم مسدسه كاحتياط ويقترب من احدى الغرف المفتوحة..صوّب بتجهم حتى لمح سونغ اوه مرمية على الارض وعلامات الرعب تغزو ملامحها الباكية..ارتمت في حضنه تشد بضغط كأنها تطلب اللجوء داخل قلبه ليحميها..كانت خائفة تنظر اليه كانه منقذها الوحيد تحدق به بكل صدق تتوسل لان يبقيها آمنة بين ذراعيه..دموعها لا تتوقف معزية اياها لفقدانها الجثة المرمية منحورة الرقبة وعينها اليسرى فقدت..المسكينة لوتيان لقت مصرعها بطريقة وحشية لسبب مجهول..غمر توب سونغ اوه وغطس وجهها في حضنه..قلبه يصرخ به بأن يحميها وعقله يأمره بذلك بينما روحه تنخضع غرائزياً لأن يدفع عمره لتكون بخير دون مكروه..اخرجها من الغرفة واتجه بجانب لوتيان المقتولة بطريقة مألوفة..طريقة القتل هذه لا يستخدمها الا اشخاص مشؤومون..يستشعر في قلبه غصة غير مريحة وحدسه يأمره بالتصرف سريعاً..اخذ بغطاء مرمي بتبعثر واهمال كحال كل الاغطية حول الغرفة..الفوضى تدل على انه اعتداء قد حدث لهذه الخادمة..غطى جثتها واتجه للنافذة المظلمة واختطف نظرة سريعة للعالم الخارجي..شحب وجهه وقلبه كاد يتوقف لرؤية ان العصابة قد دخلت قصره وبدأت في الانتشار في انحاء المكان..غلغل اصابع في فروة رأسه بين خصلات شعره بغل وحيرة..كيف استطاعوا الدخول!؟ لابد وان هناك خائناً قد صنع لهم ثغرة!..لم يكن لديه وقت لان يخبط نفسه ويتحسر فقد توجه راكضاً لسونغ اوه..احضتنها بعمق وشد ذراعيها يكلمها بحزم : بسرعة اذهبي بجانب جاي سوك!!
امسكت يديه بقوة ونبرتها تكاد تخرج بين عبرة بكاءها : مالذي يحدث!؟
لم يكن لديه الوقت ليرد عليها فقد اقتحموا المنزل فما كان منه الا ان دفعها آمراً بذهابها..استجابت للامر منطلقة نحو صغيرها بخوف وتبقى بجانبه وتحميه..هالة من الثقة غمرتها لتكون يداً بيد مع توب حتى لو لم تفهم مايحدث..وصلت جناحها فتطل مسامعها صراخ جاي سوك..غمرته بحضنها تهدئه بينما بالكاد تهدىء هلعها..دموعها تنساب لا إرادياً تحتضن طفلها بعمق خوفاً عليه..استشعرت دخول احدهم وفزعت عندما رأت ظله حتى شهقت برعب..
توب : لا تقلقي هذا انا!
سونغ اوه : اخبرني ماذا يحدث!
توب : لا وقت للشرح..
سونغ اوه : توب! اخبرني الآن ماذا يجري..
توب : اععععهه..تلك العصابة لدينا خلاف معها طوال سنين عديدة حتى انهم قتلوا والداك وقتلوا روسيف والعديد من الناس هم اعداءنا والآن أتوا ليقتلوني ايضاً..
رمقته بنظرة الفزع وتجمعت دموعها حول محجريهما لكنه ضمها بدفء يطمنها متابعاً : لكنني لن اسمح بحدوث ذلك!..انا تشوي سونغ هيون لن اسمح لحفنة من السفلة ان يلمسوني او يلمسوا عائلتي!!..لن ادعهم يؤذونكي سونغ اوه..لا انتي ولا جاي سوك!
اسندت رأسها على صدره بتعب بنبرة مهتزة باكية : فقط ابقى معنا!
امسك بوجهها بين يديه بينما يضمها وصغيره بيده الاخرى..مسح دمعتها بإبهامه وطبع قبلة على جبينها..نظر لعينيها يطمئنها بجدية : لن أترك مكروهاً يصيبكما..كل شيء سيكون على مايرام..
صوت طلقة تُوجّه نحو قفل الباب لينكسر وقد افتتح الباب بركلة..على الفور خبئها وصغيرها خلف ظهره حارصاً عليهما..ظهر ظل شخص واقف يشهر مسدسه ثم بدأت ملامحه تتضح شيئاً فشيئاً بعد ان تلاشى الغبار..صدمة اعتلت توب وشعر بضيق في صدره وهو ينظر لا يصدق..صرخ بصدمة يتمنى ان ما يراه امامه كذب..
توب : أجوما!!!؟
أجوما : مفاجاءة!
فهم للتو أنها خائنة إنها ترتدي شعارهم بعد ان اشهرت عنه في معصمها وتعمل معهم وهي تبدو راضية أشد الرضا لموقفها هذا بينما لا تكاد تنتظر لتقتلهم..هو لا يفهم لما قد غابت عليه هذه النقطة..لطالما كانت جزءاً من العائلة والآن اتضح انها جاسوسة!؟ بعد كل هذه السنين؟!! لقد عاملها كأمه! لما قد تفعل هذا؟! ...ثقته اهتزت كصوته تماماً..صرخ في وجهها بتأنب..
توب : وثقنا بك!!
قهقهت بتعجرف : هااه اعلم لقد كان صعباً ان احصل على ثقتكم! ولكن انتظار 28 عاماً لم يذهب ادراج الرياح..ها أنا اجني ثمرات انتظاري!
توب بحسرة : لكن لماذا!؟ لمااذاا ايتها العاهرة!؟
علامات التعجب المستفزة ملئت وجه الأجوما : غريب!..لم يتساءل والدك او والدها لماذا عندما قُتل زوجي؟!
توب بنبرة مستغربة : مالذي تتفويهن به!؟
أجوما : انت لا تعلم كم تآلمت عندما خسرت زوجي بسبب والديكما..حتى أنني لم أحصل على أطفال منه!..قتلاه بدم بارد والآن أنا سافعل المِثل..فضلت ان اقتلكما كما فعلت بالخادمتين السابقتين لكن لا وقت لي لذبحكما واقتلاع عينكما..
ظهرت سونغ اوه من خلف توب بتوتر تحاول ان تفهم ،صارخة بها : عمّا تتحدثين!؟ ماشأن والدي؟!
نظرت إليها الاجوما ببرود وتابعت حديثها : اووه هل تعلمين كنتي صدمة كبيرة عندما أُكتُشِف انكي موجودة..كانا والداكي ذكيان عندما وضعاكي عند عائلة فقيرة بعيداً عن الأنظار!..صدقي او لا! انا من قتل والداكي! إستحقا ذلك! والآن سأكمل بقية انتقامي في عائلة تشوي..
صرّ توب على أسنانه وهو يهددها : تشان مي أقسم إن لمستي شعرة منها سأجعلك تتمنين الموت وانا اقطعك حية..
أجوما : تشه هه أتعلم رغم انني اضعت عمري بينكم لكنني أخيراً سأنفذ إنتقامي!..الشكر لتلك العصابة عندما سمحت لي أن آخذ بثأري منكم وأبيدكم! فكرة أن اصبح جاسوسة بينكم واستغل ثقتكم! كم كان هذا رائعاً..هااه ظننت أنني تخلصت من عائلة لي لكن اتضح ان لديهم فتاة مخفية! لحسن الحظ أن القدر قد جمعكما معاً وسهّل علي إبادة عائلة لي وتشوي! عصفوران..كلا 3 عصافير بمسدس واحد!
توب : لا تجرئي حتى على لمسهما..
أجوما : ومن سيمنعني؟ أنت؟ ههههه لا أظن..سأرسل جثتك لوالدك ليجهز ثابوته! ههه
إقتربت منهم أكثر بينما تشهر مسدسها نحو توب وتطلق ضحكة هيستيرية وتتحدث وسط ضحكتها : كنت فتى والآن انت والد! لما لا تموت أنت أولاً فقد عشت ما يكفى ألا تظن؟! اي كلمات أخيرة؟؟
رفع رأسه بثقة بينما ابتسم بخبث وقال بصوت جامد : أجل!....فلتحترقي في الجحيم أيتها العاهرة
حصل تبادل اطلاق نار بينهما..كان توب يجهز مسدسه في الخفاء وكان قد أطلق أولاً..صوت الصغير يبكي خوفاً من سماعه لاطلاق الرصاص الذي أخافه..سقطت الأجوما جثة هامدة ميتة ونصف مخها خارج جمجمتها المهشمة..يتعالى بكاء جاي سوك تزامنناً مع صراخ سونغ اوه بإتجاه توب الذي ينزف من رأسه..كانت سونغ اوه تصرخ بإسمه ليستيقظ.. إنه كابوس تتمنى ألا يكون حقيقة..دماءه قد تلخطت بيديها وصغيرها يبكي بصوت عالي في يدها أخرى..أنزلت رأسها لتسنده على صدر توب وهي تبكي بصراخ يكاد صوتها يختفي : تووووب!! توووب! إستيقظ!! أرجووك لا تمت..توب! سونغ هيون إستيقظ ارجوك..
وضعت صغيرها الباكي بجانبها وغمرت وجه توب بين يديها تبكي بحرقة..تحرك رأسه يميناً ويساراً تطلب منه أن يستفيق لكن لا فائدة..وضعت رأسه في حضنها تتكلم ببكاء ممزوج بحسرة.. تعني كل كلمة تقولها نابعة من اعماق قلبها والدماء في كل مكان : أنا أحبك!..أرجوك لا تتركني توب..أنا أحبك أسفة لأنني لم أقل لك هذا قبلاً..هيا إفتح عينيك إبقى معي!..لا تتركني وحيدة توب ارجوك..ماذا عن صغيرنا!؟ تووووب توووووب
أنزلت رأسها لتقبل شفاهه بشغف ودموعها تحرقها..نظرت إليه لكن لا شيء يجدي نفعاً..شهقاتها تحولت لصراخات وهي تجلس بجانبه تشد ذراعيها محاولة تحضانه لا أحد يعزيها وصغيرها على حالها سوى صراخها..حملت طفلها بين يديها وغمرته بحضنها بينما تبكي بشدة..دموعها كحمم تنساب على وجهها بعذاب عقلها يصور لها توب امامها وذاتها ترفض ان تتقبل هذا الواقع..من كان قلبها ينبض له سراً ضاع من بين يديها ولم تخبره بما يجول داخلها..تهذي باسمه وسط صرخاتها ونفسها يُسحب منها تدريجياً..
....................
سونغ اوه واقفة أمام النافذة وطفلها ذو الستة اشهر بحضنها تداعبه وتلاطفه..تملئه بالقبلات بينما تلاعبه بلعبة صغيرة كان قد أعطاها توب إياها عندما كانت حاملاً..
سونغ اوه : أنظر يا عزيزي أنظر! إنها لعبة! أنظر جاي سوك انها تصفر! تريد أن تأخذها؟ هاك
إلتفتت إلى الوراء تنظر للسرير الذي يتوسط الغرفة..سبقتها دمعتها ونزلت..حضنت طفلها بتلهف..
سونغ اوه محدثة جاي سوك بهدوء : أنا أيضاً إشتقت إليه..
جلست في الكرسي المقابل للسرير ومسكت بيد توب الغائب عن الوعي لمدة 6 أشهر..لم يُقدر له أن يموت..هو حي لكنه في غيبوبة..كل يوم تأتي سونغ اوه لتزوره وهي تتمنى في كل مرة ان يستيقظ..قلبها يحترق كل يوم منتظرة ان يفتح عينيه..شابكت أصابعها بأصابعه وطبعت قبلة على يده..مسحت دمعتها وتجهزت للرحيل فقد انتهى موعد الزيارة...ركبت السيارة ووضعت جاي سوك بجانبها في الكرسي الخاص به..تحدثت للسائق معْلِمةً أياه بالذهاب للقصر....وصلت للقصر الذي غيرت معالمه بعد الحادثة..أسوار أطول وانظمة حماية مكثفة..حرس كُثر ومنتشرين..غيرت طاقم الخدم كله واصبحت سيدة القصر في غياب توب....جلست في الحديقة بجانبها جاي سوك نائم في عربة الاطفال..كان تفكر بأمر ما يشغلها وتريد أن تحسم أمره..زفرت بتعب ووقفت لتعدل بذلتها وتنهي ما يشغل بالها..احضرت طفلها معها هي لا تترك جاي سوك وحيداً خوفاً عليه..بأية حال لقد خسرت ثقتها في هذا المجتمع اكثر من قبل واصبحت لا تثق في الخدم بتاتاً..يبدو أنها إكتسبت هذه الصفة من توب لكن الحادثة قد أثرت بها كثيراً..والد توب يدير أمور المافيا في الخفاء بعيداً عن الانظار لكنه يأتي وزوجته ليطمئنا على حفيدهما وسونغ اوه بين الحين والآخر..تبرعت سونغ اوه بالكثير من الاموال للجمعيات الخيرية وبدأت تخطط لمشروعها لتوفير احتياجات الايتام والفقراء....جالسة في السيارة شاردة حتى قاطعها صوت السائق يعلمها بالوصول..نزلت بتوتر وقلبها يدق بقوة تحاول تعديل تنفسها..تتذكر آخر مرة عندما غادرت هذا المكان..نظرت لمنزل عائلة تشي المهتريء بنظرة مشفقة ومتحسرة..لا تصدق انها ستأتي اليهم ولكن هناك أمر عليها ان تنهيه لتقطع صلتها بهم الى الابد..طرقت الباب بهدوء عدة طرقات..فتحت سوبجي الباب وكانت هيئتها رثة وملابسها تبدو بالية..لم تتعرف سوبجي عليها حتى نزعت نظارتها الشمسية ووضعتها بجيبها
سوبجي : سونغ اوه؟!! أهذه انتي حقاً؟!...امممم..كيف أساعدك؟
سونغ اوه : هل والدكي هنا؟
سوبجي : تفضلي..هل هذا الرجل الذي يحمل طفلاً معك؟
سونغ اوه : أجل..إنه حارسي الشخصي..وهذا إبني جاي سوك..
سوبجي : همم أرى أن حياتكي ازدهرت بالفعل..
إلتزمت سونغ اوه بالصمت وهي تمشي خلفها تنظر لحال منزلهم باشفاق..لم تره منذ 4 او 5 سنوات ولكن يبدو أن اوضاعهم قد أخذت منحى سيء..وصلت أمام الغرفة التي تجتمع بها الاسرة لكنها لم تدخل حتى أذنت لها سوبجي..
سوبجي : أبي! هناك شخص يريد رؤيتك..
دخلت سونغ اوه بخطوات بطيئة ومتوترة تتقدم بتردد ورأسها منحني للاسفل..تعض باطن خدها لرؤية السيد تشي طريح الفراش ويبدو عليه المرض..جلست على الكرسي وعيناها للاسفل لم تتحدث إلا بعد أن زفرت بعمق..
سونغ اوه : اعلم ان قدومي فجاءة غريب نوعاً ما..انا فقط.. هناك ما اريد ان اعطيكم إياه.. أ أنا ليس لدي ما اقوله..هااه اولاً انا اشكركم على الاعتناء بي..كان يجب ان اقول هذا منذ زمن لكن...بأية حال إليكم هذا اتمنى ان يساعد..
فتحت سونغ اوه بذلتها واخرجت منها ظرفاً مغلفاً يبدو غليظاً..وضعته بجانب السيد تشي وعيناها للاسفل..وقفت بهدوء  وهي تشابك اصابعها ببعضها..
سونغ اوه : اراد والداي ان يعطونكم هذا وانا بدوري ضاعفت الاموال كشكرٍ بسيط..بسببكم لم يُعثَر علي ولم يستطيعوا قتلي..اتمنى ان يكون هذا المبلغ كافياً بجعل حياتكم تزدهر..شكراً جزيلاً
انحت لبضع ثوانٍ حتى قاطعها صوت هاتفها..استغربت بمن سيتصل بها الآن لكنها ردّت بتردد..كان صوت الطبيب يطلب منها القدوم بأسرع وقت..اقفلت الهاتف وكان التوتر بارزاً فيها حتى ملامحها اضطربت ودقات قلبها صارت جنونية..استئذنت للمغادرة راكضة وتركتهم في حيرتهم لايزالون منصعقين يحاولون استيعاب ماحدث..
سوبجي : افتح الظرف لنرى مابه
السيدة تشي : لا اصدق انها عادت!..ارأيتي كيف اصبحت! جميلة ونحيفة وثرية!..ااه الاموال تفعل كل شيء..
السيد تشي : لا تنسي زوجها ثري وعائلتها ثرية!..
السيدة تشي : توقف عن الكلام سيسوء حالك..
سوبجي : اتعلمين ان ذلك الطفل هو ابنها!
السيدة تشي : هاااه لو تزوجتيه انتي لكنتي مثلها الآن..هيا افتحي الظرف
سوبجي : امي ابي!!! الظرف مكتوب عليه "مليون"
السيدة تشي : ماذا ماذا!!
السيد تشي : ياااااا الهي
سوبجي : ستتحسن حياتنا!! سنشتري منزلاً جديداً..ونعالج ابي ونشتري كل ماحلمنا به!!!
كان ثلاثتهم فرحين ويخططون لمشترياتهم الجديدة واحلامهم والسعادة تغمرهم..رغم حالهم السيء الا انهم لم يتخلوا عن طبعهم الاسوء..لا يزال الطمع صفة في هذه الاسرة الغريبة فحتى في احلك حالاتهم يسعدون لرؤية حفنة من المال..
.............
السائق يقود بسرعة جنونية حسب اوامر سونغ اوه..تهز قدميها بتوتر حتى تعرّقت اطرافها..فتحت النافذة قليلاً ليدخل بعض الهواء..تتمنى ان تصل للمستشفى الآن لتعلم ما الخبر الطارىء الذي يجب ان تراه..هل توقف نبضه؟ هل سيطلبون منها ان تفقد الامل ويقومون بفصل الاجهزة عنه ليرتاح هو ولترتاح هي؟!..تصلي بكل مافي قلبها لان تكون احتمالاتها المختلة خاطئة..حتى ان الازدحام البسيط يُخلّ بهدوءها النسبي ويجعلها لا تتمالك اعصابها..نظرت لجاي سوك نظرة آملة ممسكة بيد الصغيرة تقبّلها بكل حب بينما تمسح على رأسه محدثة اياه : لنأمل ان يكون والدك بخير!
تستفسر السائق بنفاذ صبر : ألن نصل بعد؟
السائق : سيدتي اقود باقصى سرعة ممكنة لا اريد ان اخالف حدود الآمان!
اعصابها مشحونة لدرجة انها لم تشعر بنفسها تخرج زجاجة شرب لتسكب لنفسها كوباً وتشربه بتهور..نظرت للكوب الفارغ تحدق بانعكاسها تائهة الملامح..رمت الكوب واعادت الزجاجة لمكانها تمسح على وجهها بعنف مهدئة توترها
سونغ اوه : كلا سونغ اوه انتي لا تلجئين للشرب! كلا كلا توقفي!!..فقط اهدئي وسيكون كل شيء على ما يرام!
ضحكت بسخرية على نفسها مما تقول..اخر مرة سمعت هذه الجملة لم يكن اي شيء على مايرام وزوجها الآن طريح فراش الموت!
ازدادت نبضات قلبها هيجاناً عندما اعلمها السائق بالوصول..لوهلة اصبح العالم يدور بخطوات بطيئة حتى ثقُلت انفاسها..حملت جاي سوك بين ذراعيها تهرول في الارجاء لتصل..رعشة انتابتها حتى اقشعر جسمها بالكامل اما قلبها فقليل بعد حتى يخرج من مكانه..رأت الطبيب واقفاً امام غرفة توب وفيما يبدو انه ينتظرها لتأتي..بسرعة باغتة اصبحت امامه..وجهها شاحب وعيناها تغلفت بالدموع مقابلة الطبيب تصلي لاخبارٍ جيدة..
الطبيب : آنسة سونغ اوه!..اخيراً أتيتي!..في الواقع..هناك ما سأخبركي به لكن عليكي ان تهدئي!
نظراتها تتوسل اليه بأن يخبرها مايجري فهو بكلامه يزيد حالها سوءاً..تعاتبه بنبرتها المتحسرة والمجهدة : ارجوك كن لطيفاً بكلامك ولو لمرة!..
الطبيب : اههمم..سأريكي شيئاً لكن عديني أنكي ستكونين هادئة وتتمالكي اعصابكي ولا تندفعي حسناً!
سونغ اوه : ماذا هناك!؟
فتح الطبيب الباب دون مقدمات علم انها قد سئمت هذه الاحجية المرعبة التي تحدث حولها..دخلت بسرعة واندفاع لتشهق برعب لهول ما تراه امامها..قلبها توقف عن النبض لوهلة من شدة صدمتها حتى ماعادت تشعر باطرافها..لسانها اعتزل الكلام ورئتيها نسيت التنفس بطريقة صحيحة..باخصار اضطربت لرؤية توب مستيقظاً وجالساً والأهم حياً!..استيقظ توب وكان هناك طبيبان آخران يفحصانه..احست ان هناك صرخة عالقة داخلها تريد الخروج لتعبر عن نصف ماتحس به الآن..امسك الطبيب ذراع سونغ اوه قبل ان تندفع باتجاه توب..منذراً اياها : تذكري وعدنا!..كوني هادئة فقد استيقظ للتو
هزت رأسها مراراً بالموافقة وفمها مفتوح على مصرعه ببلاهة..تقدم منها الطبيب محاولاً استلام جاي سوك النائم قائلا لها : هاتيه عنك انا سأحمله..
بخطوات متبعثرة مشت بعدم اتزان في اتجاهه واضعة يدها على فمها..لا تصدق ماتبصر به مقلتاها ،أهي تحلم ام ان توب قد استيقظ فعلاً!؟..تزلزت مشاعرها عندما رفع توب رأسه محدقاً بها..ارتمت نحوه منزلة يدها عن فمها ولا تزال منصعقة..تحاول جاهدة تنفيذ ما طلبه منها الطبيب لكن نبضات قلبها الجنونية كانت تصعب الامر عليها..نظرت في عينيه بعمق ممررة راحتها الدافئة على جانب وجهه متحسسة خده بابهامها..كأنها في حلم وتتاكد ان كانت في العالم الواقعي ام انه محض خيال..شابكت اصابعها باصابعه وبيدها الاخرى تتحسس خده وترتب شعره..بالكاد نطق لسانها لكن نبرتها كانت متلهفة : سونغ هيون!
كان توب مشوش الذهن كما لو انه في حلم يقظة..لا يعرف هو اين او ماذا حدث لكنه هناك امر واحد استطاع ان يتذكره ويتعرف عليه..وهو وجه سونغ اوه وصوتها..ابتسم ببلاهة يلفظ بحماس : سونغ اوه!؟
تنفست الصعداء اخيراً وشعرت سونغ اوه ان روحها قد ارتدت اليها بسماعها صوته..نظرت للطبيب بتراسيم الانبهار على ملامحها وسعادة تنحث ابتسامتها..لا يزال يتذكرها! هو لم يفقد ذاكرته كما زعم الاطباء اثناء اجراء العمليات!..خطفته بين احضانها تعانقه بتلهف تحضنه بقوة وعمق وضحكتها تحولت لبكاء من فرط بهجتها..مرت دقائق وهي بهذه الوضعية تتمنى لو تبقى هكذا مدى حياتها ولا تمل ابداً..حدث تواصل بصري بين عينيهما شرح مشاعرهما لبعضهما..اقتربت من وجهه اكثر وقبلته بشغف كما لم تفعل من قبل..لم يبادلها في البداية لكنه انصاع لها وبادلها بنفس قوتها..فصلتها ناظرة لجاي سوك الذي استيقظ من نومه..نهضت بسرعة مستلمة طفلها وعادت به امام توب..لم يتعرف توب على ابنه في الواقع نسي ان لديه ابن فدماغه مشوش وهو متعب لا يقوى على التذكر..كان ينظر اليه باستغراب يلمس خده بحيرة..
سونغ اوه : هذا ابنك!..ألم تتعرف اليه؟
توب : ابني؟
سونغ اوه : نعم!..انه فقط كبر قليلاً وتغير..اخر مرة رأيتَه كان حديث الولادة
توب : اوه!..ههه لقد فاتني الكثير!
قهقهت سونغ اوه بضحكة ناعمة : لا بأس مازال امامك وقت لتقضيه معه..!
قاطع الطبيب هذه اللحظات الجميلة بعد ان تسآل توب عن ماذا حدث..اقترب من سونغ اوه يحدثتها بتوتر وجدية : اخشى انه عليكي المغادرة الآن لايزال علينا ان نفحصه اكثر لنتاكد من سلامته..
استاءت سونغ اوه كثيراً هي لا تزال متحمسة لكن نظرات الطبيب تبدو جدية حقاً..باية حال هي ستفعل اي شيء ليكون توب بخير لذلك استجابت لطلبه وامتثلت للخروج..قبل ان تنهض لتخرج حدقت بتوب بكل عشق ثم لفظت بهدوء ونعومة : انا احبك توب!
غادرت تاركة توب مشوشاً اكثر من ذي قبل بل ماعاد يستوعب شيئاً حتى انه ظن بان احلامه لاتزال مستمرة وانه لم يستيقظ بعد!......في الردهة كان الطبيب يرشد سونغ اوه بكل حزم : لا يجب ان يعرف ماحدث حتى يتعافى كلياً!..وايضاً عليه ان يرتاح لانه مايزال في حالة صدمة كما تعلمين استيقظ من غيبوبة منذ ساعتين لذا سنمنحه بعد الوقت ليعتاد عقله عما حوله بعد ان كان في فترة خمول ل6 اشهر!..كما انني سنجري له اختبارات اخرى لنتاكد ان ذاكرته تعمل بشكل كامل ولم ينسى شيئاً..
سونغ اوه : لكنه تذكرني!
الطبيب : هناك حالات مختلفة من الذاكرة قد يتذكر الاشخاص لكن لا يتذكر الاماكن او ربما عدد قليل من الاشخاص او ربما تكون ذاكرة مؤقتة ..نحن لا نعلم لذا علينا ان نفحصه اكثر
سونغ اوه : حسناً اذاً..هل هذا يعني ان ساعات الزيارة ستقل؟
الطبيب : اخشى هذا مع الاسف..لكن على الاقل ستحظين بفرصة لرؤيته!
سونغ اوه : حسناً..باية حال شكرا جزيلاً لعملك الجاد
مرت فترة يخضع فيها توب للعلاجات والفحوصات وتمت معالجة كل سلبية منها..خرج من المستشفى واكمل حياته واعماله..شركاته اصبحت ذا اسهم عالية.. اما سونغ اوه فقد ازدهرت مشاريعها الصغيرة واصبحت عالمية وجمعياتها تلقى اهتماماً من الناس..اعمال المافيا ظل يمارسها والد توب في الخفاء حتى رغم ابادة اعداءهم..كبر جاي سوك وتعلم الكلام والمشي بل وحتى اصبح عمره 6 سنوات!..اما علاقة توب وسونغ اوه فقد اصبحت اقوى من اي وقت مضى..حب متبادل وعشق لاينتهي وسعادة غامرة بعد ان اعتذر توب بكل افعاله ووعدها بحياة هادئة..
.............
توب وسونغ اوه جالسان باسترخاء يحتسيان الشاي بكل هدوء حتى قلطعهما قدوم جاي سوك يتذمر بانزعاج..
جاي سوك : انا اشعر بالضجر ماهذا الملل!!؟
توب : لما لا تلعب باجهزتك؟
جاي سوك : انها مملة ايضاً انا سئمت اللعب وحدي!..امي متى ستأتي تلك الاخت التي قلتي انها ستلعب معي؟!
سونغ اوه : اه ههه بقي شهرين جاي سوك اصبر قليلاً!
بدأ جاي سوك يتذمر بطفولة : كلا اريدها الآن!! الآن!! الآن
نهض توب ليهدىء كتلة الازعاج : تعال انا سألعب معك..وانا سافوز
جاي سوك : كلا انا ساهزمك..هيا اخر من يصل للغرفة جبنة عفنة!
توب : هااي احفظ لسانك من علّمك هذا!
جاي سوك : أمي..
نظر توب بصدمة لسونغ اوه التي التبستها تراسيم الاحراج بينما تقهقه ببلاهة : هيهي لقد اعتدت على قولها عندما كنت صغيرة
...............
جاي سوك : أمي!!! إن جاي آه تبكي!!
سونغ اوه : يااا جاي سوك توقف عن ازعاج اختك انها رضيعة!
جاي سوك : الم تقولي انها كبرت؟!
سونغ اوه : عمرها سنة ونصف لا يعني انها كبرت! الآن اذهب وساعد والدك
تأفأف جاي سوك بضجر وانزعاج واتجه ليساعد توب في تحضير الشواية..اما سونغ اوه فهي تحاول إسكات جاي آه ريثما تحضر لها زجاجتها..
كان جاي سوك يمسك جهازه اللوحي ويبحث به : ابي! مكتوب في هذا الموقع انه لاشعال النار علينا احضار حطب
توب : لا نحتاج ذلك هذه شواية كهربائية
كتف جاي سوك يديه الصغيرتين بتعجرف : اوه حقاً وباي كهرباء؟
تنهد توب بسخرية ثم رد بثقة : طاقة شمسية!..مصدر طاقة صديق للبيئة
هز جاي سوك كتفيه بلا مبالاة : حسناً اذاً عملي انتهى..
استوقفه توب ليستفزه : كلا اذهب واحضر تلك الاكياس
بدأ جاي سوك يتذمر بانزعاج طفولي : لماذا لم نحضر الخادمات؟!
توب : بني! نحن لا نحضر خادمات اثناء تنزهنا في البر هذه رحلة عائلية..لا باس ان نكون عاديين
زفر الصغير بملل وجلس يعبث بجهازه اللوحي حتى وردته مكالمة جعلت ابتسامته تشق فكه الصغير بحماس..رد بعفوية طفولية على جده الذي اتصل ليطمأن على حفيده..
جاي سوك : جدي!!
والد توب : ااااه جاي سوك! حفيدي المفضل
عقد حاجبيه باستغراب : لكن انا الحفيد الوحيد..!
ضحك الجد لبراءة حفيده واجابه : لهذا السبب انت المفضل لدي
تقدمت سونغ اوه بجانب جاي سوك تحتضنه بحب وتقبله ثم تسآلت : مع من تتحدث؟
جاي سوك : انه جدي!
سونغ اوه : حقاً!؟ اريني..مرحبا ايها الجد
نطقت بمرح بينما تلوح بيدها بعفوية وبيدها الاخرى ترتب شعر ابنها..
والد توب : مرحبا ايتها الام..اين الاب؟
نظرت سونغ اوه باتجاه توب الذي كان في فوضى عارمة يحاول ان يستوضح مايفعله كونه يشوي لاول مرة..تجيب بتردد متقطع ناظرة بتحسر لتوب : انه...هاااه يحاول باقصى جهده..اعتقد..
ضحك الجد بسخرية ثم تابع محاولاً استفزازهم :  ابقوا انتم في الغابة المملة اما انا فاستمتع في جزر المالديف الهادئة
انضم اليهم توب باندفاع : من يحاول تقليل من قيمة اختيارتي؟!
قهقهت سونغ اوه بضحكة خفيفة تشاهد توب يتخاصم مع والده بمرح وجاي سوك لايكاد يتنفس من ضحكه على والده وجده..
تسآل الجد : اين حفيدتي الصغيرة؟!
احضرتها سونغ اوه بحضنها تريها للكاميرا : ها هي!..جاي آه انظري انه جدّك!
لكن سرعان ماتغيرت ملامح سونغ اوه الى ارتياب وهي تشم باستغراب حتى صرخت بتوب : توب! الشواء!!
انتفض توب مسرعاً باتجاه الشواية لينقذ مابقي عليها ويشتم بغُل : اللعنة انا لست معتاداً على مثل هذه الحياة! ااه تباً
تعالت الضحكات العفوية بارجاءهم..يضحكون بسعادة ويستمتعون بوقتهم كعائلة هادئة حتى لو لم يعتادوا على ذلك..

النهاية
.
.
.
.
.

بقلب دافىء اشكركم بكل حب على دعمكم اللطيف الذي قدمتموه الي❤️..اخشى انني ساودعكم مع هذه الرواية واتمنى من اعماق قلبي ان تكون قد نالت اعجابكم 💗واعتذر عن اي تقصير واعتذر ان لم تعجبكم النهاية..
انا حقاً عاجزة عن وصف سعادتي لكونكم جزءاً من هذا العمل حتى لو كان بسيطاً لكنني ممتنة لكم بجزيل الشكر واتمنى ان تنضموا الي في روايتي الاخرى "لقد وعدتني" في حال اردتم ان تبقوا معي❣..كانت هذه الرواية اول عمل اكرس له وقتي وقلبي وانتم تستحقون كما انها اكستبني خبرة في الكتابة وزيادة مفردات واعد انني في روايتي القادمة ساجتهد اكثر واكرس طاقتي بكل حب💚...شيء اخر ساقوم بتعديل بارتات البداية لان سردها مبتذل لكن الفكرة ستضل نفسها....اخيراً انا عاجزة على شكركم وانا حقا ممتنة لكم💙💙 شكرا جزيلاً لدعمكم الرائع الذي لن انساه ابدا احبكم كثيراً💛

في القصر مع متسلط (مكتملة)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن