الفصل الخامس

43 7 1
                                    

سألت "دكتور عاصف فاكر لما قولت إن عندك لعنة الأحلام "
و كأنني أطلقت إحدى النكات للتوى ، أخذ يضحك و أنا أنظر له بإبتسامة مصطنعة لأجاريه .. توقف فجأة و بدى هادئ تماماً ثم تكلم
عاصف " لعنة الأحلام .. " نظر إليّ و تقاربت عيناه  و تعقدت خطوط جبينه و أكمل " أنا هحكيلك القصة الطويلة يا دكتور نضال تمام "
أومأت برأسي و أسندت يداي إلي المكتب و عقدت أصابعي ببعضها و بدأت أستمع له
عاصف " النقطة التي بدأ عندها كل شيء
كل شيء بالنسبة لي ، كنت في شيفت ليلي في مستشفى و موبايلي رن إن أخويا عاصي اتوفى "
" الأخ التوأم ، تخيل إننا كنا بنكشف عند دكتور الأسنان في يوم لما كنا أطفال ، كنا إحنا الإتنين رايحين نخلع نفس السنة في نفس المكان ، لكننا إتفرقنا ، فرقنا قدرنا و بقيت كل نسخة في مكان ، في يوم تعرف إنه مات فجأة لأنه مات مقتول .. لما روحت و شوفته ميت ، مجرد جثة ، بخل على الزمن بلحظة أودعه فيها ... استقلت و سيبت كل قيمي و أخلاقي و ملأني الغل و الكره ، مقدرتش أسيب الأمر يعدي من غير ما آخد حق أخويا
وصلت للي قتله ، و عرفت القصة ، إن عاصي عاكس أو غازل بنت و في شاب إتخانق معاه ، كان أضعف منه لكن لما مسكوا في بعض و وقعوا على الأرض عاصي وقع على حجر و كان ده سبب موته .. لكن مقدرتش أقبل إن الشخص اللي قتل عاصي حي يرزق ، وصلتله و قتلته
و بدأت اللعنة ، كوابيس كل ليلة ، كل ليلة كنت بحلم إني بقتل ، ناس معرفهاش لكني بقتلها في الحلم و أتفاجأت إنها حقيقة ، الناس اللي قتلتهم في أحلامي اتقتلوا فعلاً ،  كانت اللعنة .. عرفت إني مسئول بطريقة عن الأمر و تتبعت أحلامي .. تتبعت القتلة الحقيقين و قتلت كل واحد منهم ، خمس جرايم قتل .. كلهم خنقتهم بإيدي ، دي قصتي أنا ، قتلت خمسة و أنا معترف بيهم بس مش ٢٣يا دكتور نضال ، إذا كنت قتلت خمسة فأنا حلمت بست أحلام ، فيهم السفاح اللي قتل الباقيين "
نضال" الحلم اللي حكيته عن الناس اللي على القارب المطاطي ، هو ده السفاح من وجهة نظرك "
عاصف " إنت ممكن تفتكرني مجنون و أنا لو مكانك هفكر في كدا أكيد "
قاطعته لأسأله " ليه بتحس إنك لازم تاخد موقف من حلم حلمته "
عاصف " دي مش مجرد أحلام دي حاجة حقيقية ، كون إنك تعرف الحقيقة دي حقيقة جريمة و تحس أحساس المجرم اللي بيستمتع بالأمر ميزرعش جواك الكره و الحقد و الهدف إنك تقتله "
نضال " مش أنا اللي أقتل أنفذ الحكم ، أنا بس أساعد القانون و أسيب العدالة تحقق مجراها "
عاصف " هجاوبك إجابة أفضل يا دكتور .. إعتبرني بكفر عن ذنبي إني قتلت واحد مظلوم "
نضال" بتكفر عن ذنب بذنب يا دكتور "
عاصف " إذا كنت حلمت بالأمر فأنا عارف إن أنا الوحيد اللي هيحل الأمر"
نضال " انت نسيت أخلاقك يا دكتور  إنت مش بطل "
تلك المرة أنا غادرت و طلبت من الحراس أن يأخذوه
لم أستطع أن أستمر بالإنصات إليه ، هو خاطئ أنا أعرف نحن لسنا في عالم القصص المصورة هنا لسنا في عالم الأبطال الخارقين ، لايمكنك أن تكفر عن ذنبك بأنك قتلت شخصاً بأن تقتل أشخاص سيئون ، مختاراً أن تعتمد في دلالتك على أحلام
ماذا إن كان كل الأمر مجرد أضغاث
أحياناً تتفارق الحقيقة و الوهم حتى تصبح الحقيقة أغرب من الوهم .. تتغلب على الوهم
غادرت و كان الوقت مبكراً و ظللت أفكر في أمر عاصف ..لقد مررت بقضايا و أشخاص أسوأ و أغرب من عاصف بكثير هناك من قتل كل عائلته و هناك آكلي لحوم البشر و هناك سفاحين و مختصبي أطفال ، هنا في تلك الوظيفة جلست و استمعت إلى أغرب و أقبح الشخصيات و استمعت لهم بكل مهنية و لم تعلق أي من قصصهم السيئة بالغة السوء بعقلي حتى جاءت قصة عاصف التي جعلتني أنسحب بهذه الطريقة ولا أكمل حتى يومي كاملاً
وبينما أنا في المترو و أقوم بالتغيير في محطة مترو الشهداء نظرت إلى الساعة في هاتفي و أدركت أن الوقت لازال باكراً على العودة للمنزل .. قررت الصعود لأعى و التجول في الفجالة
هناك جذبتني أفكاري إلى شراء ألوان زيتية و بعض اللوحات البيضاء .. إنني  أعود للرسم من جديد .. و كنت أتعجب من نفسي بدلاً من استكمال دراستي و المضي قدماً في أبحاثي تخطيت كل هذا و عدت إلى هواية قديمة يستتر خلفها وهم طاف بعقلي الباطني أثناء نومي
ما نطلق عليها أحلام هي مجرد خدع سحرية من عقلنا اللاواعي

عدالة باللون الرماديحيث تعيش القصص. اكتشف الآن