السابع عشر

30 6 0
                                    

تناسيت تلك الاستنتاجات للحظة و بدأت أكمل الحديث مع مريم
نضال " حاولت أروحلك أعتذرلك بعد أول مرة قابلتك فيها .. لكن خوفت أتسببلك في مشكلة مع وليد "
ابتسمت في خجل شديد
مريم " أنا اللي كان المفروض أعتذر عن أسلوبي .. كنت بمر بفترة صعبة و ضغط "
نضال " عرفتي ، اليوم اللي قابلتك فيه ، تاني يوم حضرة الظابط وليد جالي المكتب في سجن المطار ، كان بيراقبك ، تحرى عني و علم كل شيء عني و جاء إلي مكان عملي يهددني "
كانت مريم تشعر بالخجل من الأمر " أنا آسفة بجد ، أنا كنت بعاني .. كان شخص مضطرب " ثم استأذنت لتغادر و لكنني لم أرد أن أتركها تذهب
رياض " اسمحيلي أوصلك "
مريم " بجد شكراً ، أنا هطلب أوبر "
رياض " عشان أحس بس إنك قبلتي إعتذاري ، إعتبريني أوبر و حاسبيني على التوصيلة " تلك الكلمات جعلتها تبتسم ، تبدو شديدة الخجل عندما تحاول إخفاء إبتسامتها الجميلة
مريم " طب و المعرض ؟! "
رياض " فريد هيهتم بكل حاجة ، أصلاً هو كدا كدا بيهتم بكل حاجة "
تحركنا للسيارة بينما كنت أكمل حديثي " غير كدا أنا عازمه النهاردة على الأكل ولازم أخلص منه تمن العزومة " تلك الجملة التي جعلتنا نضحك معاً
عندما إنطلقت بالسيارة اللانسر خاصتي
رياض " طبعاً توقعتي إني هكون راكب بي إم "
مريم " صراحة أنا مبعرفش في أنواع العربيات قد كدا "
رياض " المفروض إن البي إم غالية جداً و اللانسر دي رخيصة ، بس أنا مبحبش الإسراف على الحاجات الإستعراضية دي "
ثم سألت " طبعاً أتوقع إن عنوانك شقة غير شقة وليد "
مريم " أكيد طبعاً ، على أساس إن الشقة من حق الزوجة يعني ! "
كانت تضحك و أكملت " أنا مصدقت خلصت منه ، مكنتش عايزة أي حاجة ليها علاقة بيه "
نضال " تتوقعي لو روحتله و طلبت إني أشتري منه اللوحة لوحة جندي الحرب .. هيوافق  "
مريم " أكيد لأ ، وليد عنده حتة التملك ، لو عرف إنك نفسك تشتري منه قلم مجرد قلم مش هيستخدمه .. مش هيرضي يبيعهولك ، فما بالك بلوحة "
أخبرتني العنوان الجديد في زهراء المعادي بالقرب مني .. بينما شقتها القديمة كانت في المقطم حيث إنطلقنا و حيث أنه من المفترض أن يكون وليد هناك خلفنا
قابلتنا لجنة تفتيش من رجال الشرطة على الطريق .. كان يبدو عليهم العبوس ولكن عندما إقتربنا منهم إختفت تلك النظرة و تحولت لنظرة سعيدة مصطنعة
كشفوا على بطاقات تعريف الشخصية الخاصة بنا و رخص القيادة و سمحوا لنا بالمغادرة
نظرت إلي مريم و قلت لها يبدو أنهم ليسوا جميعاً سيئون " مش كلهم أشرار " و أنا أبتسم ، فبالرغم من كونهم عابثين مما يجعلنا نتوقع أنهم يبحثون عن أمر خطير إلى حد ما إلا أنا الضابط إصطنع إبتسامة جميلة أمامنا
أردت أن أعرض عليها أن تتناول الطعام معنا أنا و فريد ، لكنني لم أرد أن أتخطى الكثير من الحواجز بالنسبة للقاء أول كهذا .. خشيت حتى تشغيل مذياع السيارة حتى لا تمر بنا تلك الأخبار الكئيبة التي تملأ جميع أجواء الإرسال و تقطع صفاء الموسيقى الرومانسية
عندما أوصلتها أخبرتها أنني أريد بحق أن هديها لوحتى فتاة الكابوس
أعجبها الأمر جداً ، كانت سعيدة ثم سألتني
" مش بيضايقك الموضوع إن الناس تشتري لوحاتك و تمشي .. "
تعجبت من الأمر و بدت عليّ تلك النظرة فتابعت
مريم " أقصد يعني الكاتب بتفضل معاه النسخة الأصلية ، بيبيع نسخ بس من كتابه لكن الرسام بيبيع الرسمة كلها و مبتفضلش حاجة ليه في الآخر "
نضال " بتفضل المسودات " ثم غمزت لها و أنا أبتسم
ثم أكملت سائلاً " ممكن آخد رقم موبايل عشان أتواصل معاكي لما أجيبلك اللوحة "
نظرت إليّ و هي تبتسم
مريم " قول بقى إنك عايز رقم الموبايل ، في حجج كتير أفضل من كدا "
نضال " إفتكرتها أفضل فكرة " و تبادلنا الإبتسامات و الضحكات
و تبادلنا أيضاً أرقام الهواتف في النهاية
أوصلتها و عدت بالسيارة و في الطريق تلقيت إتصالاً من فريد يخبرني أن شخصاً أحضر طرداً لي قد طلبته .. تعجبت من الأمر لأنني كنتُ أنتظر طرداً واحداً وليس إثنين
شغلت راديو السيارة .. كانت النشرة اللعينة .. كانت تتكلم عن خبر جديد أثار إهتمامي بدرجة كبيرة ، لأول مرة تمر عليّ تلك اللحظة التي أسمع فيها خبراً يجذب الإنتباه في النشرة .. لطالما كانت نفس الأخبار تتكرر دائماً
كان الخبر عن إكتشاف جثة ضابط شرطة في شقته بمنطقة المقطم ، يرجح أنه مات خنقاً حيث كانت على رقبته آثار لأصابع .. كما لو أن السفاح هو من قتله
لكن لم يصدر بعد تقرير الطب الشرعي لأنه تم إكتشاف الأمر الليلة
لاحت في دماغي فكرة أنه قد يكون وليد
أقفلت المذياع و أسرعت للعودة للمعرض .. كان الجميع غادر
بالطبع لا يغادر المشترون و معهم اللوحات ، نقوم بتوصيلها لهم في اليوم التالي .. كان فريد ينتظرني
تقدمت مسرعاً بطريقة أخافت فريد ، كان يتساءل هل توجد مشكلة .. بينما كنت أسأله أين وضع الطرد
تحركت و قمت بإذالة التغليف ، لاحظت وجود علبة لبان تشيكليز تحت التغليف .. و كانت اللوحة هي لوحة جندي الحرب مبتور الذراع
اللوحة الأصلية .. الأولى التي رسمتها و وقعتها و أهديتها للمدعو دانيال
سألت فريد
" هل لاحظت شكل الرجل اللي أوصل الطرد "
فريد " مش فاكر بالظبط "
نضال " واحد كدا في طولي " كان يومئ برأسه فأكملت " في سني كدا "
أخرجت هاتفي و بحثت عن صورة لعاصف و عرضتها له .. فتعرف عليه
لقد كان هو عاصف بالفعل

عدالة باللون الرماديحيث تعيش القصص. اكتشف الآن