طلع من صيوان العزاء طوالي على الجسر ، كان حاسي الغضب الجواهو محركو و أقوى من أي شي حتى أقوى من تفكيرو ، كل الفي راسو كان إنو يرجع للعجوز المجنون و يعرف منو باقي القصة …. مشى مشوارو وماوقف إلا جنب الجسر و بقى يفتش ما شافو ، بقى ينادي كتير :
- يااا حاج ، يا عم سيف الدين
لكن ما جاهو جواب ، اتردد يرجع ولا يقعد شوية يمكن يظهر ، و أثناء مابفتش عليهو لمح من بعيد حركة بتاعت طيور بتنزل وترجع تطير ، الفضول أخدو ناحيتهم اللي هو في مدخل الجسر وورا كوم بتاع صخور…. بقى يقرب بحذر ، و كل مايقرب بدت تظهر رائحة غريبة… اتوقع إنو كلب أو كديسة ميتة ، لكن لمن قرب أكتر و مد راسو ورا الصخور قلبو اتقلع من مكانو لمن شاف الشوالات وعرف مباشرة إنها جثة العجوز ، شعر بذعر حقيقي ورجع عاين تاني لقى وشو مليان دم و المنظر كان مهيب جدا ، رجع ورا و بقى يقول :
- لا حول ولا قوة إلا بالله لااااا حول ولااااااقوة إلا بالله
كان نفسو يجري قبل ماتجي الشرطة و يلبس في تهمة قتل لكن تاني اتمالك نفسو ورجع عاين كويس و شاف ضربة في راس الجثة باين إنها متعمدة…… طلع تلفونو وأخد صورة سريعة و طوالي جرى على القرية و باتجاه بيتهم…..
ٌ..
.
في بيت المرحومة…
علا دخلت غرفة أمها ، كان كل شي فيها زي مانوال طلعت خلتو ، بقت تفتش في أغراضها ، و فتحت دولابها طلعت تيابها وهدومها ختتهم في السرير و رقدت في وسطهم و ضمتهم ليها و هي بتشم ريحة أمها فيهم وبقت تقول و دموعها ماوقفت :
- حأعمل شنو بعدك يمة ، حأواجه الحياة دي كيف ؟ حأغالب همومي و الجروح الشايلاها جواي كيف ؟ حأعيش كيف بدون الأمان الباخدو منك و الطمأنينة الفي صوتك و ضحكتك ، منو البشيل همي و ياخد بالو مني…..
بعد قالت كده اتذكرت وصية أمها لوليد في آخر لحظات حياتها ، لقت نفسها بتفكر في وليد رغم الوجع الجواها ، بتسأل نفسها وليد حيخلي بالو منها زي ما وصتو؟ حيكون بالنسبة ليها أخو زي باقي أخوانها و أقرب ولا حتفكر فيهو زي ما بدا قلبها يدق ليهو ؟ ده كلو انزاح من تفكيرها فجأة و رجعت تاني تبكي أمها و هي ضامة توبها عليها
…
..
وليد وصل البيت وهو بلهث و بتصبب عرق ، العجوز باين مقتول طيب ده منو القتلو و ليه في الوقت ده بالذات ؟ هل ده ليهو علاقة بيهو و إنو جا اتكلم معاهو ولا دي مجرد صدفة ولا هو أساسا ما اتقتل والضربة دي سببها حاجة تانية ، كمية من الأفكار اتزاحمت في راسو و كل فكرة تجيهو كانت بتزيدو إصرار….
شال تلفونو و اتصل على عادل صحبو لقى الرقم مقفول ، طوالي قام فتح دولابو و شال شنطة ضهر دخل فيها كم حاجة كده و قبل مايطلع شال الصورة القديمة اللقاها في مكتب محمد… طلع من البيت و مشى على بيت عادل ، لقاهو وسط أخوانو كلهم قاعدين في صينية قدام باب الشارع و دي عادتهم عشان أي زول ماري يمسكوهو معاهم :
- أوووو وليد منوووورنا والله ، اتفضل معانا طوالي
وليد قال بدون مايسلم على عادل ولا أخوانو :
- ماداير ، تعال لي دايرك بسرعة
قالها و زح منهم بعيد و عادل قام و قال وهو محرج من تصرف صحبو :
- يخواننا طبعا وليد ده لسه متأثر بسبب وفاة خالتو و كده ، فأعذروهو يعني
و مشى عليهو وربت على كتفو وقال :
- مالك ياخوي فيك شنو
- دايرك تمشي معاي بهناك ، حسي طوالي
- كدي روق و….
وليد قاطعو وقال :
- يا زول مابروق و لا شي ، أنا جيتك و طلبت منك ترافقني ، داير تمشي أرح طوالي ما داير ماتقعد تقول لي أهدا وبتاع
- لكن…. ولا أقول ليك دقايق أغير هدومي و أجيك
وليد هدأ شوية و قال :
- بسرعة ، و في الطريق بحكي ليك الحاصل
.
.
سعدى أخدت روضة ورجعت البيت بعد ما الناس رفعو الفراش ، و أول ما دخلو روضة فجأة قالت ليها :
- يا سعدى كلمي وليد يتزوج علا
سعدى عاينت بعدم اهتمام و قالت :
- روضة أدخلي أخدي ليك حمام و نومي ، نرتاح الليلة وباكر نرجع بيت البكى
ومشت خلتها باعتبارها بتتكلم برة من راسها وهي حاليا تعبانة ومافايقة ليها…. لكن روضة جات وراها وقالت :
- أنا أديتا خاتمي
سعدى بسرعة عاينت لروضة في يدها ولمن لقت الخاتم مافي قالت بخلعة :
- سجمي طلعتي خاتمك وأديتي لعلا؟؟؟؟
- ااي عشان يتزوجها وليد
- وليد شنو البتزوج علا كان ما صحي مجنونة
روضة قالت كأنها ماسامعة شي ولا كأنو الكلمة جرحتها :
- وليد لازم يتزوج علا فاهمة ولا لا
سعدى لزتها وهي بتقول :
- أمشي استحمي مسافة أخت ليك لقمة تاكليها
روضة مشت منها و سعدى بقت تنقنق بصوت مسموع :
- قال علا قال ، بعد شقاي فيهو ده كلو أجي أدي لعلا ، والله ده كلام ده
وتاني قالت في نفسها :
- صحي هو وينو ؟
وطوالي شالت تلفونها واتصلت عليهو
.
.
وليد وقت تلفونو رن كان ماشي برفقة عادل صحبو وبحكي ليهو في الحصل ، عاين لقاها أمو ويادوب وعى لنفسو واتذكر إنو ما كلمها مع إنو عارف مشوارو ده ممكن ياخد منو زمن ، ومامعروف يحصل ليهو شنو فيهو…. رد عليها و هو بحاول يفكر في شي يقولو :
- ألوو يا أمي
- إنت وين ؟
- أنا…. أناا… مشيت مشوار كده ، ولو اتأخرت ماتقلقي حتى لو ماجيت الليلة
- سجمي كيفن مابتجي الليلة ده مشوار شنو ده أصلو
وليد اتلفت على عادل وقال :
- أنا مع عادل صحبي عندو مشكلة كده و محتاج لي ضروري ، ماتقلقي وخلي بالك من نفسك و من روضة
وتاني قال : و من علا
سعدى خلت أي شي و مسكت في علا وقالت :
- شنو علا الماسكين لي فيها دي ، أوع يا ولد تكون بتفكر كده ولا كده
- مافي شي يمة البت محتاجة ليكم جنبها، يلا أنا حسي مع عادل سلام
و أول ماقفل الخط عادل قال باحتجاج :
- ده شنو ختيتها فيني أنا ؟ وبعدين ياوليد إنت ماشايف نفسك كيف بتتصرف تصرفات مرتجلة و مامتزنة ده ما وليد الزمان البعرفو أنا، ولو ما كنت خايف عليك من المشوار ده ما كنت جيت معاك لأني مامقتنع رغم الحكيتو لي ، لكن مابقدر أخليك براك
- أنا عارف نفسي بسوي في شنو
عادل قال بانفعال :
- إنت ماعارف ولا فاهم أي شي ، و صحي زي ماقال ليك المجنون ده جري ورا سراب ما أكتر…..
الوقت ده كانو قربو من الجسر بعد مشى كتير ومشوار طويل ، وليد قال بهمس وهو ماسك في يد صحبو :
- نحن حنمشي عديل ونشوف طريقة نتخطى الحاجات القافلين بيها الجسر ، ما تعاين ولا تمشي يمينك محل الصخور ديك لأنو وراها جثة الراجل ما داير شي يأثر عليك
عادل قال وهو معصب :
- إنت دايرنا في الليل ده نتخطى القدامنا ده كلو؟؟ ياربي أنا الجابني معاك شنو بس ، كنت أمنعك حتى لو أحبسك لغاية ماترجع لعقلك
وليد قال بشرود :
- ليل شنو بس شوف القمر مضوي كيف ، ولو كنت مكاني شفت خالتك الفي مقام أمك بتموت قدامك بسبب غلطة كنت عرفت النار القايدة جواي
- الله يرحمها لكن ده علاقتو شنو بالإحنا بنعمل فيهو ده
- تعال معاي بس….
ومشى قدامو وهو منور كشاف التلفون وعادل لقى نفسو ماشي على خطوات صحبو
وليد أول شي عملو سحب جذع شجرة مقطوع و قال لعادل :
- أرفع ده معاي
ورفعوهو مع بعض بصعوبة لغاية ماختوهو فوق للأحجار ولزوهو قدام شوية و وليد طلع فوقو ومشى شوية وعادل وراهو وبعدو لقو نفسهم اتجاوزو جزء من المكان الصعب ، وبعدها بقو ينطو من صخرة لصخرة أو يمشو فوق الأخشاب المرمية عشوائيا لغاية ما بقو في الجسر مباشرة.. و وليد قال :
- شايف كيف ، الداير يعمل شي بعملو
- وبعد داك ؟ حسي انت عارف لي قدام في شنو؟؟
- إنت بنفسك قلت إنو مكان عادي جدا ، أرح ماتبقى جبان
عادل مشى وراهو وهو ينق لغاية ماقطعو الجسر الكان أصلا قصير ، وليد وقف وهو مذهول من الشايفو من بعيد ، كانت مباني كتيرة و منتشرة في كل الاتجاهات ، و الإضاءة بتبرق من بعيد و باين إنو مكان مختلف تماما عن القرية الجايين منها ، بقى ماشي ببطء وهو بين خايف و بين مترقب ، وقال :
- أنا مستغرب كيف المكان ده يكون قريب كده و مافي زول يفكر يقطع الجسر حتى لو كان مقفول الموضوع ماصعب للدرجة دي
- شايف مدام الناس كلها ماخدة حذرها معناتا الموضوع فيهو إنّ و ما كنا نجي هنا
وليد بسرعة وبحركة فجائية سحبو من يدو و جرى بيهو شمال بعيد من وسط الطريق و عادل مافاهم شي ، وليد قال :
- خليك ماشي و إنت مدنقر
- ليه في شنو ؟
- هناك في عربية شرطة
عادل عاين وقال :
- ديلاك اتنين
وتاني شهق وقال :
- ديل اتحركو تجاهنا
وليد قال :
- أجري يا زول
وبقو الاتنين جاريين وهم ماعارفين نفسهم ماشين على وين والعربية جاية تجاههم من بعيد ، و دخلو وسط مباني و بقو يجرو من زقاق لزقاق ، لغاية ما الشارع قدامهم اتقفل بي حيطة… وليد عاين يمين و شمال وقال :
- ماعندنا حل غير ننط الحيطة دي
وطوالي شبك يدينو ببعض و قال لعادل :
- أطلع في يدي دي للحيطة فوق و بعد داك أسحبني بسرررعة…
عادل نط فوق الحيطة و سحب وليد و الاتنين نطو الناحية التانية و اتفاجأو لمن لقو نفسهم في أغرب وضع ممكن يتخيلوهو….. ومامعروف حيطلعو كيف من الورطة دي
.
.
يتبع
في الجسر
تأليفي : رحمات صالح