توضيح هام : جميع أحداث الرواية بمافيها الأزمنة و الأماكن وأسماء الشخصيات و الوقائع التاريخية والسياسية من نسخ الخيال
.
.
كان ماشي في ضلام و الطريق موحش ، بحاول يجري عشان يصل بسرعة لكن كل مايسرع كل ما الطريق بطول أكتر ، لمن شعر باليأس و قرر يقيف لقى الجسر قدامو ، كان شايفو بوضوح رغم الليل و العتمة ، اتجدد جواهو الأمل و بقى جاري تجاهو و فجأة في شي تقيل رماهو وطلع فوق ضهرو وبقى يخربش فيهو ، قاومو ولزاهو ولمن قام لقاهو العجوز المجنون ، مد ليهو يدو ، والعجوز مسكو وصافحو و ابتسم… و فجأة اختفى.. اتلفت حوالينو يفتش عنو مالقاهو لكن لقى الجسر كلو منور و فيهو لوحات يمين و شمال و رسومات كتيرة.. دخل الجسر و بقى ماشي و سمع وراهو أصوات هتافات اتلفت لقى كل القرية وراهو ، أشر عليهم و واصل طريقو وهم بقو يودعو فيهو و بعضهم ببكي….
صحى مخلوع لقى نفسو قاعد في الكرسي في صالة المرسم ، أخد نفس عميق.. واتلفت على صوت بريق :
- لقيتك نمت قلت أخليك ترتاح شوية ، عملت ليك سندوتش جبنة مافي غيرها هنا… وليد… بتكلم معاك سرحان وين
- حلم يابريق ، بشوفو من سطاشر سنة بنفس تفاصيلو، لكن المرة دي اختلف…
- خير اللهم اجعلو خير
- عارفة ، لو الحلم ده اتحقق معناتا نهايتي قربت
بريق قالت بجزع :
- فال الله ولا فالك ، أطرد الأوهام دي و أكل عشان نشوف حنعمل شنو و الحصل شنو للآن
وليد شال السندوتش وبقى ياكل وهو سرحان لغاية ما انتبه على رنة التلفون :
- ألو
- أبشرك ، الشرطة غالبيتها استجابت و مستعدين يقيفو في وش الهيئة ، لكن مشكلتنا إن القادة في الشرطة مامعانا
- ما مهم ، نحن محتاجين عدد وسلاح وديلاك بدو أوامر بس مابقدرو يعملو أكتر من كده ، و طالما الشرطة معانا يبقى مافي خوف لأنهم ماحينفذو…
- تمام ، و على فكرة حصلت حاجة غريبة جدا
- خير
- القوات الحارسة الكبري ، انسحبت فجأة ما معروف السبب شنو ولا منو ورا الانسحاب ده
وليد ابتسم وعاين لبريق و هو بقول لطيفور :
- نحن وراهو
- وليد إنت إنسان عظيم ، إنت رمز حقيقي للعزيمة والتغيير
- و إنتو كمان ناس عظيمين و شرف للبلد دي ، يلا لو في جديد برجع ليك.. سلام
- سلام
..
..
في المعتقل… في زنزانة جماعية…
- ياسااااتر في شنو برة
- مامعروف والله ضرب النار ده شنو
- ياجماعة لو حصلت حاجة كل واحد يخلي بالو من التاني لأنو في ناس تعبانين من التعذيب و الضرب
على كلام الزول ده كل واحد قام يتفقد الجنبو ، و في اللحظة دي الباب اتفتح و الفتحو كان مستعجل و قال وهو ماشي في طريقو للزنزانة البعدها :
- الناس تطلع من هنا مجموعة وحدة أوع تتفرقو ، و وجهتكم تكون شرق طوالي
المساجين ماصدقو بقو يتزاحمو على الأبواب بسرعة عجيبة حتى الناس المتضررين طلعو و الباقين ساعدوهم و لمن طلعو بالبوابة الرئيسية لقو آثار المعركة الصغيرة الحصلت برة كان في بعض الحراس واقعين و في عدد من رجال الشرطة واقفين حارسين المداخل و بأشرو للمساجين يتحركو بسرعة جهة الشرق ،. و بقت عربات الشرطة تشيل الناس المتأذيين من التعذيب و اتوجهو بيهم مع الناس الماشين برجلينهم كلهم ناحية الجسر…
…
..
- وليد ، حنعمل شنو في نادر ده ؟ أنا متأكدة إننا مراقبين فلو خليناهو يطلع حيهجمو علينا
- ولو ما خليناهو يطلع برضو حتكون مشكلة…
- و بعدين؟
- أنا بفكر في خطة يارب تنجح ، حسي أنا حأدخل عليهو و إنتي خليك واقفة بالمسدس لغاية ما أطلع من عندو وبوريك حنطلع من هنا كيف… و حنعمل شنو…
- وليد في حاجات مهمة لازم تصل الجسر
- عارف يابريق عارف ودي ضمن خطتي … يلا نفكو حسي و جيبي لي سكينة لو عندك
بريق جابت السكينة ختتها ليهو في التربيزة ، و هو دخل قدامها على نادر و فكاهو و طلب منو يطلع بنطلونو و قميصو اللابسهم ونادر نفذ مباشرة ، و وليد بدل هدومو اللابسها لبس هدوم نادر و خلاهو يلبس هدومو وربطو زي ما كان و طلع وبريق قفلت الباب و هي مافاهمة وليد ليه عمل كده..
- أسمعيني ، عندك رقم أي مطعم عندو توصيل ؟
- ااااخ كنت عارفة إنو السندوتش ماا
قاطعها وقال :
- أول مرة ماتفهميني بسرعة رغم ذكائك…
- أوكي فهمت.. دي الخطة بتاعتك. عندي تطبيق في تلفوني فيهو أسماء المطاعم بالمنيو و أرقام الدليفري
- جيبيهو و خلينا نشوف أقرب مطعم و أسرع أكلة ممكن نطلبها
بريق فتحت التطبيق و هي بتقول :
- امممم ده مطعم قريب و عندو فطائر خفيفة بتصل سريع
- طيب أطلبيها
بريق طوالي اتصلت و طلبت وبعد داك وليد قال :
- جيبي لي لوحاتك بسرعة و جهزيهم بحيث انهم يتشالو بسهولة و أديني مفتاح العربية حقتك ، شايفها واقفة قدام الباب
- ماعارفاك بتفكر في شنو لكن أنا واثقة فيك
و قامت نفذت الحاجات الطلبها منها بسرعة ، وفي الوقت ده بتاع الدليفري اتصل وإتأكد من الوصف و بعد داك وصل وضرب الجرس ووليد شال السكينة و سحب نفس عميق و همس :
- يارب تغفر لي
و فتح الباب و يدو ورا ضهرو بالسكينة و قال لعامل التوصيل :
- ختها لي هنا أحسب ليك حسابك…
و أول ما الولد دخل طوالي وليد قفل الباب بالمفتاح و مسكو بورا و خت السكينة في رقبتو و قال :
- أديني هدومك و مفتاح الموتر حق التوصيل سريع
الولد بقى يرجف من الخلعة و بدا يطلع في الهدوم اللابسها ووليد ساعدو وهو بقول ليهو :
- أعفي لي.. ده ماعشاني ده عشانكم كلكم…
و شال هدومو وتلفونو وهو خاتي السكين في رقبتو و قفلو في الحمام و أدى بريق هدوم الولد و مفتاحو وقال :
- ألبسي اللبس ده و اهم شي الطاقية حقتو دي ، في نفس اللحظة انا داير تلاتة حاجات تحصل.. نادر حنخليهو يهرب بالشباك على أساس إنو ده أنا ، إنتي حتطلعي بصورة طبيعية على أساس إنك عامل التوصيل و بسرعة تركبي موترو وتجري ، أنا حأستفيد من التمويه ده وحاخد اللوحات و أطلع بعربيتك… و نتلاقى في الجسر…
- وليد خلي بالك
- وانتي خلي بالك ، وخليك عارفة الحنعملو ده فيهو مجازفة وخطورة… لازم نكون خفيفين أقل تأخير حنضيع …. يلا بسرعة و على بركة الله
.
.
هناك الوضع كان اتغير تماما.. ناس القرية عرفو إنو المدينة بهناك اتحركت و جايين عليهم ، و الناس اتفقو إنهم يمشو قدام عشان يلاقوهم و يبقو كلهم حاجة وحدة و بدو يتحركو وسط هتافات الشباب و زغاريد النسوان و تكبيرات رجال الشرطة.. كان مشهد مايتنسي لأي واحد فيهم ، ورغم إنو حركتهم كانت بطيئة لكن الروح الجواهم خلتهم يمشو بخطوات ثابتة بدون خوف و بأمل كبير إنو دخولهم الجسر ده حيكون نقلة تاريخية للبلد….
- أقيفووو أقيفوووو
الناس وقفو على صرخات الناس الكانو ماشين قدام ، وواحد قال :
- شايفين هناك؟؟
رغم إنو الضلام كان مغطي الجهة التانية لكن قدرو بوضوح يشوفو انو في عدد كبير من الناس جايين عليهم… والشرطة بقت مستعدة و حامية الناس من ورا وقدام… لغاية ما المجموعتين اتلاقو في نص الكبري ، واتلاحمو شي واحد… و زادت الهتافات و علت أصوات النحيب والبكى ودموع الفرحة المختلطة بدموع الحسرة والحزن….
…..
….
في الوقت داك بريق كانت وصلت الجسر ، بعد ماقدرت بسهولة تفلت و تركب موتر الدليفري بعد ما القوات الكانو مراقبين البيت جرو ورا نادر وهم فاكرنو وليد لأنو وصفو و شكل هدومو كان عندهم… أما وليد استغل الثواني بدقة وأخد اللوحات وركب العربية و طلع على الجسر برضو…. ووصل بعد بريق بأقل من عشرة دقايق
- ماقادرة أصدق إننا فلتنا منهم
- ده عشان الإصرار الجوانا.. وخلاص قربنا ننتصر
- لكن ياوليد الولد بتاع الدليفري قفلناهو في الحمام خايفة يحصل ليهو شي
وليد ابتسم وقال :
- أحلى حاجة فيك إنك لامة صفات متناقضة ، قسوة وحنية ، و جراءة وخجل ، و شجاعة وخوف… و ياستي ماتخافي أنا حأكلم طيفور ولا عبدالله يشوفو طريقة يطلعوهو… ده لو ماكان هو اتصرف وطلع…
بريق ماقدرت تقاوم دموعها ، ووليد قال :
- شيلي لوحاتك وأدخلي وسط الناس ديل و ممكن تركبيهم زي ماتحبي و حتلقي ألف من يساعدك إنتي هنا في أمان ، أنا حأعمل مشوار مهم و أجي
وقبل ما هي تسأل مشى ، و بقى ماشي برجلينو و هي بتعاين ليهو لغاية ما غاب عن أنظارها و هي مستغربة ، لكن تاني شالت لوحاتها و دخلت وسط الناس و بقت تركب فيهم في سور الجسر وسط تشجيع و مساعدة الناس…
ووليد بعد لقى نفسو بعيد قعد في الأرض ، بقى يستجمع في قواهو و يرتب أفكارو و يسترجع الأحداث الحصلت معاهو على مدار الفترة الفاتت ، وبعد زمن طلع من جيبو التلفون ، و فتح التسجيل و بدا يتكلم…. و بعد ماقال الدايرو قفلو و اتصل على الاتنين الشرطيين الساعدوهو و أخد منهم التفاصيل ، و شكرهم و قفل…
….
..
هناك في الجسر ….
المشهد اتغير تماما و الناس من المنطقتين بقو حاجة وحدة و ناس القرية استقبلو ضحايا التعذيب بكل رحمة و إنسانية والأطباء الفيهم بدو يكشفو عليهم… و أكتر شي خلى شكل الجسر يتغير كانت لوحات بريق الرسمتهم باهتمام واتقان و رصتهم بترتيب جميل و معاهم الصور الصورتهم من المتحف…. وضلام الليل بقى ماليهو تأثير لأنو كل واحد كان منور بكشاف تلفونو كأنهم بعبرو عن النور الجا بعد ضلام طويل من القهر و الظلم…..
- دي صورة فاطمة ، جدتنا كلنا… أول وحدة اتعرضت لقسوة الظلم وبعدها بدا مسلسل القهر الاستمر علينا… فاطمة منعوها من ولد خالتها و بالسبب ده قامت حرب شقت الأسرة على اتنين ، وبعد داك فاطمة أهدت حبيبها خاتمها و قالت إنها ماحتنساهو حتى لو اتنفى في آخر الدنيا لأنو حبها الصادق الحقيقي ما بتعيقو أي مسافات ولا ظروف….
مشت للوحة البعدها وقالت :
- دي لوحة بتعبر عن جزء بسيط من القمع الحاصل ، ده طفل مشنوق.. و دي مرة مضروبة في راسها.. و ده شاب اتعذب في معتقل
- أما القتيل الفي اللوحة دي ده راجل عجوز كان عارف أسرار كتيرة عن البلد و هو الحكى حكايات حركت الثورة دي ، وبعدها لقوهو مقتول ومرمي في كومة زبالة زي ماشايفين بدون أي رحمة
وبقت لافة و بتشرح في الرسومات حقتها لغاية ماوصلت آخر وأكبر وحدة ، وقبل ماتبدا تتكلم في زول وقف قدامها وقال :
- لحظة لحظة… اللوحة دي ناقصة
بريق اتخلعت مامتوقعة تشوف الزول ده هنا وبقت تعاين ليهو وهو بطلع من جيبو قلم رصاص و بنور تلفونو سلط الضوء ورسم في طرف اللوحة وش فاضي بدون ملامح ورسم شعر مرفوع لفوق ، ابتسمت لمن عرفت إنو دي صورتها هي ، وقالت :
- خربت لي لوحتي
- بالعكس ، كان لازم ترسمي نفسك معاهو لأنو دورك كان كبير، ماتستغربي أنا ما زول كعب.. أنا بس شاب عاطل و الرسم ما مكفي احتياجاتي فالظروف خلتني أستغلك و آخد منك مبالغ مقابل كل معلومة بديك ليها ، صح كنت أناني لكن متابع كل شي ، و موقف الليلة ده صحى جواي شعور غريب و إحساس بالانتماء للوطن..
بريق قالت للولد :
- ده المهم ، إننا في الآخر كلنا نتوحد رغم اختلاف طباعنا و أساليبنا
و أشرت للوحة و قالت للناس :
- الزول المرسوم هنا ده يمكن أغلبكم مابتعرفوهو ولا حتى سمعتو عنو ، كل البقدر أقولو عنو إنو الإنسان ده هو الروح الحقيقية للثورة دي ، هو الصحانا من نومنا و غفلتنا ، هو النور بصيرتنا و أنقذنا من عمانا ، الإنسان ده هو أول زول فكر في التغيير وفكر في حقي و حقكم كلكم ده هو الدينمو الحقيقي الحرك الطاقات الكامنة جوة أي واحد فينا ، ده وليد يخواننا بطل الثورة ، وليد أول زول فتح الجسر ده وعبرو….
.
.
.
.
بهناك وليد بعد طلع الجواهو في التسجيل و عمل مكالماتو رجع الجسر ، وأول ما قرب من الناس :
- داااااك ولييييييد
على الجملة دي ارتفعت الأصوات ، و علت الهتافات و وليد شالوهو من الأرض ، لقى نفسو في أكتاف ناس هو حتى ماعارفهم منو ، بقى يعاين للمنظر من فوق ، أجمل شي ممكن تشوفو هو التوحد والتكاتف و الروح الوحدة بين أبناء بلدك.. بدون حواجز عرقية ولا تصنيفات طبقية و عنصرية ، كل الناس أبناء أرض وحدة انقسمت غصب عنهم و كلهم بجمعهم هدف واحد هو العدل و الحق…
عدت ساعات و الجسر ما هدأ من صخب الفرحة و الأمل الامتد بين المنطقتين….
لغاية ما جا وقت صلاة الصبح و الناس ساعدو بعض في الوضوء وكلهم انتظمو في صفوف داخل الجسر وممتدة في طرفينو الاتنين ، صلو جماعة والنساء وراهم ووليد كان في بداية صفوف المصلين ، و الإمام بعد الصلاة دعا كتير للبلد بالأمن والاستقرار والرخاء….
في ساعات الصباح الأولى و مع بدايات شروق الشمس فجأة زحمة الناس انشقت لمن قالو في وحدة دخلت وسطهم و مصرة تصل لوليد رغم الزحام ، ووليد لمن شافها لقى نفسو بترمي في حضنها :
- يمة أعفي لي
- اعفي لي إنت ما سندتك ولا دعمتك ورغم كل شي خوفي عليك ما منعك وماوقف في طريقك ، فخورة بيك ياولدي وعافية منك وراضية عنك
ضماها وبكى شديد ، و فجأة لمح وراها روضة…
- خالتي انتي كويسة؟
- أنا كويسة بشوفتك ياولدي
هنا انتبه إنو أمو مابراها ، قدامو كل أحبابو و الناس البتمنى يشوفهم في اللحظة دي ، عادل صديقو ورفيقو في كرسيهو المتحرك ، علا و أخوانها التلاتة وحتى أبوهم ، أما الزول الما كان متوقع يشوفو و السنين ماغيرت شكلو :
- أستاذي عثمان مخلوف ، أنا مامصدق
- تلميذي و ابني وفخري
وليد قال وهو حاسي نفسو رجع طفل صغير بوقفتو قدام أستاذو :
- يا أستاذ إنت أول زول ألهمني بالبحث عن الحقيقة وعمري مابنسى شكل الخريطة الرسمتها بإيدك ، إنت بطلي الحقيقي
- الإلهام موجود و مزروع جواك
هنا وليد شعر باهتزاز التلفون في جيبو طلعو و رد وبقى يحاول يسمع بصعوبة بسبب ضجة الناس :
- وليد إنت شاب مبارك و في يدك الخير كلو ، أبشرررر يا ابني
- خال عمر من متين و انا متلهف أسمع صوتك و أبشرك إنو النهاية قربت
- النهاية جات خلاص…
وليد بعد سمع الخبر القالو ليهو عمر قفل الخط و رفع يدينو و قال :
- يا ناس ، أبشرووووو…… أخييييرااااا نقدرررر نقوووول ثورتنا نجحت باغتيال طارق الجزار….
ولمن شاف الحيرة والتساؤلات في وجوهم قال :
- طارق الجزار ده الحاكم الحقيقي السري للبلد دي كلها ، هو المحرك الرئيسي للحكومة ، الرئيسين الاتنين ماشين على كلامو و كل الجهات الأمنية والقوات الحكومية في سلطتو لكنو شغال في الخفاء … وطارق اتقتل و كده نقدر نعتبر الحكوووومة سقطت رسمييييااااا
فجأة… و في اللحظة دي… الكلام اتحبس في حلقو….
عيونو اتصلبت في الفراغ….
جسمو ارتخى….
و سائل أحمر قاتم بقى جاري بين عيونو….
مصدرو ثقب عميق في منتصف جبهتو….
طلقة قناص محترف مامعروف جات من أي اتجاه…
و استقرت في مكانها المناسب…
و وقع وليد من طولو….
وقع لكن بشموخ…
وهيبة…
هيبة شاب اتحدى الخوف…
طلع من بيتو و حياتو الآمنة…
رفض الظلم…
و رفض السكوت على الحقوق المسلوبة….
طلع عشان بلدو و أهلو وعشان العدل يسود والحق ينتصر…
وأول ما حقق هدفو…
سلم روحو لخالقها…
بعد ما انتهى دورو..
لكن…
ذكراهو جوة كل واحد ما بتنتهي
و كل واحد في اللحظة دي وعد نفسو إنو حيجيب حق الشهيد
و حق البلد كلها
.
.
.
وانتهت….
نهاية القصة ، و بداية حقبة جديدة
لوطن جديد
آمن
…
..
..
تمت مع خالص تقديري ، و أمنياتي لرخاء يسود بلادنا ، و دعوات تصل لشهدائنا ، من تغيرت بدمائهم ملامح أوطاننا….
..
..
ما وراء النهاية :
عدت سنة ، ماحأقدر أنسى تفاصيل كل الحصل وبتذكرو في كل يوم يمر علي ، شعوري بالحزن على فراق وليد كان بخففو شي واحد ، الفرحة البشوفها في عيون الناس وهم كل يوم قاطعين الجسر ماشين وجايين ، التجارة بقت احسن شوية ، والمستشفيات الهناك اتفتحت لينا ، و الجامعات كمان…. مع إنو لسه الأوضاع ما استقرت و راجينا كتير… و الخاتم اللابساهو في أصبعي ده بذكرني إنو الحق برجع ولو بعد حين…..
الليلة الذكرى السنوية لوفاة بطلي وليد ، من قبيل فاتحة التلفزيون القومي طبعا بقت قناة موحدة بعد ما القرية اندمجت مع المدينة ، و منتظرة الحلقة الأولى الحتتبث من البرنامج البعلنو عنو من فترة ، اسمو الجسر… و في اعلاناتو بقولو إنو فيهو حاجات مثيرة ومهمة…..
لسه باقي زمن على بداية البرنامج ، اتصلت على صحبتي الجديدة قلت أتونس معاها شوية على بال ما الحلقة بدت ، طبعا ما كنت متخيلة إنو يجي يوم و نتفق أنا وهي لأنو كل وحدة فينا كانت بتحب وليد و بتكره التانية ، لكن الثورة دي غيرت جوانا حاجات كتيرة… اتونسنا شوية و سألتني على خالتي سعدى و طمنتها إنها بخير و متصبرة رغم إنها ما نست ولدها الوحيد الاتقتل قدام عيونها ، و سألتني كمان على روضة و وريتها إنها اتحسنت بصورة غريبة بعد ماعرفت إنو زوجها السنين دي كلها كان معتقل و طلع لكن رافضة تشوفو.. وبريق قالت لي ماتضغطو عليها شوية شوية حتتحسن أكتر و حتشوفو و تسامحو …. وكمان قلت ليها إني اشتقت لسماح الكانت مرة مرة بتتصل علي وتراسلني و كلمتني إنها جابت بت و سمتها نوال مع إني ماعارفة كيف زوجها وافق ، و وعدتني إنها لمن تجي البلد حتقابلني ضروري…..
قلت ليها تقفل الخط بسرعة وتفتح التلفزيون لأنو البرنامج بدا…. وناديت أبوي و أخواني… كانت حلقة غريبة جدا ، اتعرضت فيها مشاهد من الثورة بمناسبة سنوية افتتاح الجسر ، و بعد داك بدت تتعرض حاجات كتبوها المواطنين يوم الاعتصام ، و اختارو أبرز الموضوعات… اتفاجأت و أنا بسمع قصتي بتتعرض بنفس التفاصيل الكتبتها أنا ، و بعدها بدو يناقشوها ويحللو الموضوع ، واحد من الضيوف الفي الاستديو اتكلم عن جريمة اغتصاب الأطفال و قال إنو أكبر غلطة هو التكتم على الموضوع و في ناس متفهمين و واعيين و مستعدين يرتبطو بالبت المظلومة دي لو الواحد لقى فيها صفات كويسة وعرف إنو ده ماذنبها…
كلامو كان مقنع رغم إنو فتح جواي جرح كبير وبكيت بشدة و لفتا نظر أخواني ، و قررت إنو بعد البرنامج حأكلمهم بالحقيقة و يشيلو معاي همي ده و يحلوهو لي ، بغض النظر عن ردة فعلهم لأنو خلاص الخوف و الحاجات دي انتهت مع نهاية الحكم الفات….
انتبهت لمن سمعت إعلان عن مفاجأة الحلقة ، كان العنوان بتاعها ، وصية شهيد الجسر ، و التسجيل اشتغل بصوت وليد :- كان حلم أقرب للكابوس بدا من طفولتي واستمر معاي سنوات طويلة ، كنت بشوف نفس المشهد و كل مرة بصمم أكتر إنو أصل للحقيقة و أنهي الحلم ده أو أغيرو ، و يوم ما الحلم اتغير عرفت إنو النهاية قربت و كمان نهايتي شكلها قربت لأنو أساسا عايش لهدف محدد ، طريق صعب بديتو بفكرة لازمتني من الصغر ، و لمن خطيت أول خطوة لقيت جنبي رفيق دربي عادل ، البطل الخفي الفتح معاي الطريق نحو الجهة التانية للجسر ، ظهرت في طريقنا إنسانة أقل شي ممكن أقولو في حقها إنها بت بقلب أسد ، بريق الختت يدها في يدي عشان نغير ونصلح بلدنا ونجمع أطرافو ونلم شملو ، أما الراعي الأساسي والأب الروحي للثورة هو الخال عمر أنا ماعارف هو ليه اختار يكون بعيد بعد ما رسم لينا خطة مبدئية لكن العارفو إنو مفروض يكون حاكم البلد دي…. و علا الكانت وحدة من الالاف الطلعو بروح صادقة وعزيمة ياما دعمتني وقوتني…. و أولادنا الصغار الكانو قدوة لكبارنا طلعو و أخدو البلد كلها وراهم لأنو جواهم إيمان حقيقي بأهمية التغيير…. التغيير الما حيجي في يوم وليلة ، ما عشان حكومة اتغيرت و لا ظلمة اتسجنو ولا أبرياء أفرجوا عنهم حنلقى البلد طلعت من حال لحال ، ظلم وفساد عشرات السنين محتاج صبر وطول بال و قوة و تحمل ، نفس الحماس الطلعنا بيهو يوم قررنا نقيف في وش الباطل لابد يستمر جوانا لغاية ما نعبر ببلدنا و نتجاوز كل الأزمات… خليكم يد وحدة و ماتنسو إنو الشي الوحيد الخلانا نقدر نهد الجبل العاتي ده هو تمسكنا و تعاوننا و وحدتنا ، لو رجعنا اتفرقنا و اختلفنا حنرجع لورا كتير لأنو لسه آثارهم باقية و رواسبهم موجودة ، و أهم شي التغيير الحقيقي ببدا من كل واحد فينا ، ما حننتظر حكومة ولا قيادات دولة يجو يغيرو كل شي… كل واحد يبدا من الفي يدو ، و حنطلع لبر الأمان….
….
……
….
تمت الكتابة في الفترة بين ٢٨ نوفمبر ٢٠١٩م
وحتى ١٩ يناير ٢٠٢٠ممع تحياتي ، وتقديري للجميع
رحمات محمد صالح
الجسر
ونلتقي لو شاءالكريم