توضيح هام : جميع أحداث الرواية بمافيها الأزمنة و الأماكن وأسماء الشخصيات و الوقائع التاريخية والسياسية من نسخ الخيال
.
.
في اللحظة دي وليد نسى نفسو و نسى الناس المنتظرنو بالناحية التانية و نسى أي شي و بقى ما في بالو غير خطة الخال عمر و الناس القالهم ليهو و بريق و كيف ممكن يلاقيها وهل حتجي ولا لا ، والأهم من ده كلو هل الكلام المكتوب في الورق ده حقيقي و لا كمين و حيحصل ليهو زي ما حصل المرة الفاتت….
فجأة كل شي طار من راسو، وقلبو كمان طار لمن سمع صوت موتر جا مندفع ووقف وراهو ، و سمع صوتها بتقول :
- أركب سريع قبل ما يقبضونا
ركب وراها قبل ما حتى يلحق يفكر و هي انطلقت بسرعة و دخلت بشوارع غريبة و ممرات و طلعت بمكان واسع فاضي و مشت كتيير ، وماوقفت إلا في مكان هادي وشبه مهجور و قدامهم على طول البحيرة
- عارف نحن وين ؟
اتلفت حوالينو و قال :
- لا لكن دي البحيرة بس مافاهم كيف
- مدينتنا دي شبه جزيرة البحيرة حوالينها بتلاتة اتجهات ، بهناك في الجسر البطلع على قريتكم… و هنا نهاية البحيرة…. فاهمني ؟
وليد فتح عيونو بدهشة و قال :
- لو فاهمك صح يبقى…….
- بالضبط.. لو مشينا شوية حنلقى حدود قريتكم من ورا لكن الحدود دي محروسة كوويس
- محروسة من عندنا ولا من عندكم ؟
- دي الحاجة الحتتفاجأ لو عرفتها….
- اللي هي شنو ؟
- يا وليد… نحن حكومتنا و حكومتكم وحدة… قسمونا لكن هم حاجة وحدة
وليد اندهش ، و في نفس اللحظة دي شعر بارتباك و عاين ليها بشك ، وهي فهمت نظراتو وقالت :
- لو كنت ناوية أخدعك ما كنت جبتك هنا ، كان زمانك اتقبضت جنب الشجرة… أقعد يا وليد و أنا أفهمك كل حاجة
وليد قعد في الأرض و هي طلعت قعدت في الموتر و بدت تحكي….
…..
…
بهناك كانت الدنيا مقلوبة ، و الخبر انتشر إنو وليد راس الثورة الأول قطع الجسر و قال لو ما جا راجع يبقى في خطر ، الناس بقو يتكلمو و الآراء كترت بعضهم قالو يمشو يلحقوهو وبعضهم قالو يدوهو فرصة و بعضهم قالو الوقفة دي ماحتجيب فايدة والناس ترجع بيوتها ، و فجأة ظهر وسط جموع الناس زول ماشي بمقعد متحرك ، زحو ليهو و كلهم بقو متابعنو لمن شق الناس كلهم و بقى في المقدمة وقال :
- أنا خسرت رجلي عشان الزول ده و في سبيل إني أكون جنبو و هو بفتش عن الحقيقة.. و مستعد أخسر التانية و أخسر روحي عشانو و عشان البلد و الحق و العدل يسود….
كلام عادل كان زي الوقود الخلى الناس يتحركو بحماس… في دقايق كانو كلهم يد وحدة ، بسرعة غريبة بقو يزحزحو في الصخور و العوائق الفي الجسر …. و علا كانت بتعاين للمنظر ده ودموعها جارية ، ولمن بقى في طريق سالك كانت من أوائل الناس الاتوافدو على الجسر…. فجأة الناس الورا بقو يصرخو ، ويتجارو و يتدافعو لقدام ، و بعدها بقى في صوت رصاص غزير كان بضرب في الهوا والناس بقت جارية على الجسر ، وده كان عكس الدايراهو الشرطة فبقو يضربو شوية في الهوا وشوية جهة الناس…..
بدو ناس يقعو في الأرض مصابين بالرصاص… و الباقين كانوا بحاولو يقطعو الجسر و من الزحمة في كم زول وقع في البحيرة ، منهم الطلع و منهم الغرق و منهم الاتضرب رصاص و وقع في البحيرة…
الشرطة بقت ماقادرة تسيطر على الوضع لأنو الناس بدل مايرجعو لقو نفسهم مضطرين يدخلو الجسر ، شوية شوية صوت الرصاص هدأ… و صريخ البنات والأطفال وقف ، و بقى مكانو نحيب و بكى وحزن على الحصل ، في نص ساعة بس اتحول المكان من مكان يجمع ثائرين مطالبين بحقوقهم لمجزرة راحو فيها أكتر من عشرين شخص …. الحزن خيم على الجو ، و العزيمة زادت أضعاف ، و الإحساس بالرغبة في المواصلة بقى أكبر من أول… و الناس اتفقوا إنو مافي رجوع ، و طالما الموضوع اتواجه بالعنف ده إذن القضية كبيرة …. و كده الدوافع زادت واحد و بقى فيها حق ناس ماتو و أرواح راحت ظلم وغدر ، وحقهم لازم يرجع….. بأي تمن…..
.
.
.
وليد هناك كان بقول لبريق :
- أنا آسف إني شكيت فيك
- اممم بصراحة معاك حق ، أنا لو مكانك كنت فكرت كده برضو لأنو أنا الجبت الولد الرسام ، وهو الخاين بلغ لأنو دني و يحب القروش وعارف الحكومة حتدفع ليهو ، و بعد ده جا لعبها معاي و جاب لي المعلومات قصاد الأنا دفعتو ليهو
- و إنتي ضمانك شنو إنو المعلومات دي صح وحقيقية ؟ مش يمكن هو معاهم ؟
- لا ما معاهم هو مع القروش و بسس ، زول ماعندو مبدأ ولا هدف..
- طيب حسي نحن نبدا من وين ؟ أنا عندي هناك القرية كلها منتظرة في الجسر
و تاني انتبه وقال بخلعة :
- علا ، حتكون مقلقة علي… قلت ليهم راجع طوالي
بريق وشها اتغير وقالت :
- هي علا دي منو ؟
- بت خالتي ، هاتي خلينا نتصل نطمنها
- بت خالتك و بتحبها ولا مالك خايف عليها كده
وليد ارتبك و قال :
- جيبي نكلمها و…
قاطعتو و قالت :
- ماهو أنا لازم أعرفها هي منو لي كم شهر بفكر فيها ، و على فكرة أنا…..
سكتت و تاني استجمعت نفسها وقالت :
- بغير ، مع إني ما اتعودت أبقى ضعيفة
وليد قال بسرعة :
- و مين قال الغيرة ضعف ، و بعدين هي بت خالتي يعني ما إلا أكون بحبها عشان أخاف عليها
بريق قالت وهي بتغير الموضوع :
- هاك اتصل و طمن قريبتك
شال تلفونها واتصل على علا.. وأول مافتحت الخط سمع صوت ضجة و ناس بتبكي :
- علا في شنو
علا بقت تبكي وتشهق لمن عرفتو ، وقالت :
- غدرو بينا وضربونا وقتلونا
- لاحول ولاقوة إلا بالله ، حسي إنتي وين
- كلنا في الجسر والناس مصممين يواصلو
وليد بقى يردد :
- حسبي الله عليهم الله ينتقم منهم
…..
…..
في معتقلات الأنفاق :
عاين حوالينو بعد داك مال على رفيقو وقال بهمس :
- في واحد بقول إنو قريب البلد دي حتجوط و حنطلع من هنا ، لو طلعنا وجهتنا حتكون الجسر
اتخلع و قال :
- ده كلام كبير و خطير
- اشششش برااااحة يااااخ ، في ناس ناوية تسقط الحكومة لكن ماعارفهم منو و مامعروف حيتحركو متين لكن دايرين يكترو بينا عددهم لأنو نحن هنا كلنا معتقلين سياسيين و أكتر ناس ناقمين وحاقدين عليهم
- ياخي أنا لو طلعت من هنا و ربي المعبود أقيف معاهم بغض النظر عن هم منو ، كفاية الذل و التعذيب الضوقونا ليهو
- عشان كده هم بلغونا لأنهم عارفين نحن أكتر ناس حنقيف معاهم ، المهم ننتظر لمن يجي اليوم ده و الأبواب دي تتفتح
…
…
..
هناك ، بريق محتارة و الحزن مالي وشها وهي شايفة انهيار وليد و مفروض تثبتو :
- أدعي ليهم بالرحمة
وليد خت يدينو في وشو و هو ماقادر يمنع دموعو و بقى يبكي و يقول :
- يارب لو كان البعمل فيهو ده لو غلط وقفني منو يارب ، أول عادل اتأذى و حسي ناس كتار ماتت يااااربييي
- أسمعني كوويس يا وليد الوضع النحنا فيهو ده ما جا بسهولة ، الفرقة و الانفصال و الحرمان والفقر جا بالدم و العنف ، فما حيرجع إلا كده و نحن نتمنى إنها تقيف على كده لكن في كل الأحوال لازم لازم حتحصل خسائر لأنو المطلب عزيز و غالي
- لكن أنا مسؤول عن أي واحد اتقتل في الجسر و كلهم دمهم في رقبتي
- لا يا وليد كل واحد طلع هو مسؤول من نفسو و من رؤيتو للوضع و إنت ماجبرت واحد يطلع إنت ختيت قدامهم الحقيقة و هم مشو في طريقها…
- أنا حأجيب حقهم حتى لو بقى فيها موتي
- نحن حسي نمشي نفتش الناس القالهم خالي عمر هم الحيساعدونا
- يا بريق في حاجة محيراني ليه عمر اختارني أنا بالذات وليه عملتو اللفة الطويلة دي وما كلمتوني مباشر ؟
- اختارك لأنو شاف فيك حماس وإصرار جابوك لغاية هنا ، و عمل كده لأنك ما كنت حتجي راجع ساي و ما كنت حتثق فينا
- و ليه هو طلع من الصورة فجأة
- خالي عمل البقدر عليهو ، قدر يخترق المعتقل و ينقذكم ، و جاب ليك مخطط و معاهو أسماء الناس الممكن تفيدك و شاف فيك الزول المناسب الممكن يصنع تغيير حقيقي و جذري
- و أنا ما حأخذلو ، ولا حأخذل الناس الماتت غدر ، و لا حأخذل ناس قريتي أهلي الواقفين بهناك في الجسر
بريق قالت بصوت مخنوق :
- هم أهلنا كلنا يا وليد ماتنسى ، كلنا من دم واحد فرقونا وفصلونا و لازم نقيف يدنا في يد بعض عشان نرجع كل شي مكانو
وليد عاين ليها مسااافة وبعدها قال :
- الزول البتلقاهو وقت المحنة و الشدة هو أول زول مفروض ما تخذلو ، أنا حأصمد عشانك..
بريق ابتسمت و ماقدرت تمنع دمعتها ، و رددت :
- عشاني أنا ؟؟
- يلا.. لازم نتحرك ، الزمن مافي صالحنا
- يلا
….
عشان بلدي و عشان خيرها
و عشان أهلي و عشان ناسي
عشان دم الشهيد السال
عشان وطني فوق راسي
....يتبع ، في روايتي : الجسر
رحمات صالح