١٢

1K 27 0
                                    

توضيح هام : جميع أحداث الرواية بمافيها الأزمنة و الأماكن و الوقائع التاريخية والسياسية من نسخ الخيال ولاعلاقة لها بالواقع
.
….
فاق من إغماءة مدتها زي نص ساعة و هو بتمنى لو ما كان فاق منها ، ما أول مرة يغمى عليهو بسبب التعذيب والضرب و الألم ، خمسة شهور ما عدى فيهم يوم إلا و شاف فيهو نوع من أنواع التعذيب الجسدي و النفسي لدرجة ملامحو اتغيرت و جسمو بقى نحيل و عادل أكتر منو … لكن كل الوجع الفي جسمو ما يسوى وجع صرخة وحدة من صرخات صحبو ، كان بتقطع من جوة و هو بلوم نفسو إنو السبب… و بتقطع كمان من التفكير في أمو كيف يكون حالها و هي ماعارفاهو وين و غايب عنها الشهور دي كلها ، و كل شوية يجيهو كلام المسجون إنو لو دخلتو سجون الأنفاق تاني مابتطلعو….. و ده الشهر الخامس انتهى و مافي شي يدل على إنها حتفرج و حيطلعو…….
.
.
في الناحية التانية من الجسر

- يا أستاذ محمد إنت مافي داعي كل يوم تجي تسأل أنا قلت ليك لو عرفت أي شي و لا جاتني أي معلومة بتصل عليك
- يااا جنابو أنا بس داير أعرف لو كان مسجون ولا شي
- أنا وريتك ، السجن مافيهو لا ولد خالتك ولا صحبو… أما لو كان معتقل سياسي أنا مابقدر أعرفو ليك
- طيب ، شكرا ليك
و طلع من القسم وهو تعبان من كتر التفكير ومن وجعو على حالة خالتو بعد اختفاء ولدها الوحيد ما خلى مكان مافتش فيهو ومافي أي نتيجة …. مر عليها زي عادتو و هو بتذكر كيف وليد كان كل يوم بجي يزور خالتو و يطمن عليها
- أهااا جيتني بي خبر؟؟؟؟
مسكها من كتفها و قال :
- ياخالتي أهدي ، أنا ماخليت شي لكن بس فص ملح  وداب
سعدى بقت تخبط في راسها وتنوح وهي لافة راسة بقطعة تسكن الصداع الماسكها من كتر البكى ، و محمد قال :
- وبعدين ياخالتي إنتي حتفضلي لابسة الأسود ده كتير؟ يعني حادة عليهو من غير ماتعرفيهو وين؟؟
- ولدي ما شديد أنا قلبي حاسي ، وليد ده كان حي بكون في حال أخير منها المووت أحييييا يا وجع قلبي عليك يا وحيدي
- يارب يجينا بالسلامة إنتي أدعي بس
سعدى قالت :
- ياهو نفس الحصل مع أبوهو و مع راجل خالتو ، آخر يوم شفناهو فيهو كان اليوم القعد يتكلم فيهو في صيوان العزا و قالو هاج و انفعل والكلام القالو يوديهو في ستين داهية ليييه بس ياوليد ليه بتعمل فوقي كده ليه
محمد قال باستغراب :
- أبوهو وراجل خالتو؟؟
سعدى انهارت و قعدت و قالت :
- الراجل ده كان بتكلم كتير في حال القرية و بتكلم في الحكومة وبجيب قصص قديمة لغاية ما يوم طلع و ما جا راجع ، الناس بقولو هو طفش عشان يهرب من المسؤولية لأنو كان راجل سكير و ما مسؤول و ماشغال وولدو صغير ، و أنا زاتي لمن اختفى قلت بركة الاتحليت منو لكن أنا عارفة أصلو مابكون طلع براهو الزول ده قبضوهو عديل و أعدموهو ولا سجنوهو
محمد فتح عيونو بدهشة و قال :
- ده كلام شنو ده أول مرة أسمعو ، طيب و راجل روضة؟؟
سعدى رجعت تنتحب و تبكي و تقول :
- أنا السبب ، أنا العملتو في أختي و راجلها الله رجعو لي في ولدي يارب لو التوبة بتجيبو لي راجع أنا تبت ياااارب تبت
و بقت تبكي بشدة لغاية ما هبطت و أغمى عليها
محمد بقى يهزها من كتفها ، اتلفت لقى روضة مادة راسها من باب الغرفة و بتعاين ليهم و هي مبتسمة ، بسرعة طلع تلفونو و اتصل على علا :
- عايني تعالي سريييع بيت سعدى ، حأخلي ليك الباب فاتح ماشي أجيب ليها دكتور لأنها تعبت شوية
علا بسرعة لبست ليها عباية و جرت على بيت خالتها و هي دموعها زايدة أكتر ، خمسة شهور و عيونها ما جفت تبكي أمها، و تبكي ولد خالتها الغايب و تبكي صحبتها الاتحرمت منها رغم إن سماح بعد اتزوجت ما قطعت منها و بتحاول مرة مرة تتصل عليها أو تلاقيها بالدس من أبوها و زوجها المغترب ، لكن ده ما بعوضها عن صحبتها و أختها الاتعودت تكون معاها و جنبها طول الوقت….. وبالذات في الأوقات والظروف الصعبة الهم فيها دي
.
.
هناك وليد كان بعاين لعادل و عيونو جارية دموع زي النار ، عادل كان في أسوأ حالاتو…. لا هو واعي ولا هو فاقد الوعي ، ولا بتكلم ولا بصرخ و نظراتو تايهة.. وليد حاول يتكلم رغم إنو أي حرف ينطقو بشعر بيهو في كل عضمة من عضامو :
- عادل… سامعني؟
عادل مارد ولا حتى عاين ليهو
- عادل نحن لازم نتماسك شد حيلك ياصحبي و قول يارب
عادل نطق الكلمة بصعوبة :
- يارب
في اللحظة دي اتفتح الباب كأنو الفرج جا على الكلمة دي :
- إنت و هو ، قدامي
وليد غمض عيونو بألم و عادل بقى يرجف و يتشنج زي المصروع و الاتنين على بالهم إنو جاهم نوع جديد من التعذيب ماعندهم ليهو طاقة و لا قدرة
- لو ما دايرين تطلعو من هنا براحتكم أقعدو لمن تعفنو هنا
وليد فتح عيونو و عادل طوالي بقى يزحف على يدينو و ركبتينو تجاه باب الزنزانة وهم مامصدقين السمعوهو ده ، و لمن وصلو برة لقو عسكري ربط ليهم عيونهم و ساقهم ركبهم عربية ، مشت بيهم مساااافة و بعد داك وقفت، و رموهم في مكان فاضي بي قسوة زادت آلامهم…..
.
.
.
علا رافعة لخالتها راسها و بتحاول تشربها عصير و سعدى ماراضية تفتح خشمها :
- يا خالتي إنتي كويسة الدكتور قال ماعندك شي ، بس لازم تشربي وترتاحي
محمد عاين ليها مساااافة و قال :
- ياعلا خالتي دي ما كويسة ، شوفي أطرافها دي متصلبة كيف
علا حركت يد خالتها و قالت :
- صاح متصلبة زي الخشبة و مابتتحرك ، ياربي تكون مالها
- ماعارف لكن أنا ما متطمن ، وماعارفها حسي سامعانا ولا لا
علا بكت شديد و قالت :
- محمد نحن لازم نشوف دكتور تاني ، مانغلط الغلطة نفسها الغلطناها في أمي الله يرحمها
محمد قال وهو طالع :
- أنا ماشي أشوف غيرو ، ولو لزم الأمر بنسفرها برة
و طلع و علا بقت تقرا عليها و تمسح على راسها ، كانت لأول مرة تحس بالحنين تجاه خالتها ، ياما كانت بتكره تصرفاتها وطريقة معاملتها لأخواتها لكن غياب وليد كسرها و شكلها وهي مريضة خلاها ترق و تحن ليها

.
.
هناك وليد كان بحاول يقوم من الأرض المرمي عليها أو حتى يمد يدو يفك عينو المربوطة لكن ماقادر و أقل حركة بحس بألم زي الكهربا بسري في جسمو كلو ، حاول يكلم عادل :
- عادل ، سامعني؟؟
عادل رد بأنين بس وسكت… و وليد بقى يتنهد و حاسي الروح بتتسحب منو ، و فجأة سمع صوت عربية جاية عليهم بسرعة و لمن وصلتهم فرملت شديد لدرجة أثارت الغبار ، و نزلو منها ناس ماقادر يعرفهم كم ، واحد منهم قال :
- داك خلوهو مكانو شكلو منتهي خالص ، لكن شيل لي التاني ده أرفعو لي
.
.
يتبع
في : الجسر
تأليفي : رحمات صالح

الجسرحيث تعيش القصص. اكتشف الآن