١٥

1K 25 0
                                    

  

مافي أصعب و أقسى من قهر الراجل لمن دموعو تنزل حسرة و وجع ، السمعو من سماح كان صعب على أي زول يسمعو و يعرفو عن بت خالتو العايش طول عمرو بعتبرها أختو و خايف عليها من أي شي وهي شايلة ده كلو و ساكتة ، جا في بالو كلام سماح وهي بتقول ليهو لازم تتزوجها.. في لحظة كده شعر بنفور ، رغم إنو عارف الحصل ليها ده ما بيدها ، كتير من الناس بعتبرو البت المعتدين عليها كأنها مذنبة ولا كأنها فرطت في نفسها بنفسها ، ولا كأنها مصابة بمرض معدي.. قليل البتفهم و يعذر ويصدق إنها مظلومة و مجروحة و بريئة….. عشان كده البت بتدس و ما بتتجرأ تتكلم لأنها بتخاف من نظرة المجتمع ليها …. و في النهاية المذنب و المجرم الحقيقي حيكون فلت بعملتو و عاش باقي حياتو عادي ولا كأنو دمر حياة بت أو حياة أسرة….
فجأة جا على بالو صوت أمو قبل سنوات طويلة ، و هي بتتكلم مع أختها و دايما بتنبه عليها : البت دي ما ترسليها الدكان ، البت دي كبرت ماتخليها تلبس كده ، البت دي ليه بتطلع الشارع وتلعب برة ، و نوال تتذمر و تتضايق وتعتبر سعدى بتتدخل و بس دايرة تنتقد و خلاص ، المرحومة ما كانت عارفة إنو الحاجات الهي بتشوفها بسيطة دي اتسببت لبتها في أكبر أذى ممكن تتعرض ليهو أي بت….. و في لحظة غفلة حياتها و شرفها اتدمر بسبب مرسال صغييير للدكان…..
….
….
بريق فتحت اللاب توب و دخلت المسنجر وفتحت الرسالة الكانت متعمدة تخليها معلقة من أمس ، و ردت :
- ما حأقدر أقول ليك أنا منو و أكيد إنت عارفني منو ، حأتكلم معاك بشكل عام و إنت أفهم مقصودي من كل شي بقولو ، تمام؟
جاها الرد بسرعة خيالية :
- تمام ، المهم نتكلم
- ما تفتكر إني ممكن أصدق إنو الحصل داك ما إنت السبب فيهو
- والله والله و أعدم شبابي لو كنت أنا العملت كده ، أنا كنت جاييكم و أنا في نيتي أقضي معاك المصلحة لأني كنت مزنوق في قرشين ، حأستفيد شنو لمن يحصل الحصل والقروش تطير مني
- امممم لا كده نحن ما حنتفق ، أنا رسلت ليك باعتبار إنو إنت العملت كده و أساسا كنت دايراك بالخصوص ده لكن مدام حلفت بشبابك يلا ، ما في نصيب نشوف غيرك
- لحظة لحظة… مافاهمك
- ماضروري تفهم لأنو طلبي ماعندك
- طلبك شنو وأنا رقبتي سدادة
- ما حينفع
- جربيني
- الجماعة ديلاك ما أخدو حقهم صاح ، و الحاجة الكانو بفكرو يعملوها ديك ممكن من حقدهم الأساسا جواهم و زاد بعد الحصل ليهم حيقومو يفكرو تاني إنهم يرجعو و ينفذوهو
- لكن حسب العرفتو إنو خالك عمر ورا الفكرة ديك
- نحن قلنا شنو ، اتفقنا مانجيب أسماء يلا كده مابقدر أثق فيك و حأحظرك… سلام
.
.
.
وليد طلع من المزرعة بي هم زي الجبل على قلبو ، كان حاسي بنفسو في حتة أضيق من خرم الإبرة والدنيا كلها ماسايعاهو لكن في ده كلو كان بقول لنفسو إنو سماح من حبها لعلا و حرصها عليها عملت ده كلو وجات كلمتو بالحاصل عشان هو يتصرف و يطلعها من المصيبة دي و ده الصاحب الحقيقي لمن يشوفك في أزمة بعمل أي شي عشانك ، و ده ذكرو عادل و وقفتو معاهو لمن رضى يمشي معاهو وهو مامقتنع بس عشان ما يخليهو براهو ، وهو قصر معاهو استسلم للحالة الكان فيها و ما شافو تاني و لا سأل عليهو ، طوالي غير طريقو و مشى عليهو…..
لمن وصل دق الباب و جاتو رعشة في قلبو وهو بتذكر اليوم داك بتفاصيلو ، فتح ليهو أخو عادل و لمن لقى إنو ده وليد زح من الباب بدون مايسلم ، وليد اتحرج و سأل على عادل قال ليهو يدخل ليهو جوة… لمن دخل شاف عادل قاعد على كرسي متحرك و مقبل عكس ، جرى عليهو و قال :
- عادل ، حاصل عليك شنو مالك؟
عادل لمن شافو ابتسم بحزن و سكت ، وليد عاين ليهو لاحظ مكان رجلو اليمين فاضي ، بسرعة شال الغطى المغطي بيهو رجلو لقى رجل في و التانية مبتورة ، وليد لقى نفسو ماقادر يقيف قعد قدامو على ركبو و بكى بحرقة ، وعادل قال بهدوء غريب :
- أنا ما زعلان على رجلي الاتضررت بسبب التعذيب و أوردتها تلفت و بتروها … أنا زعلان على الاعتبرتو صاحب و رفيق وما سأل علي ، كنت خايف عليك قلت يمكن في حاجة حصلت معاك  ، سألت عليك رغم مرضي و ظرفي مانسيتك لكن قالو صحتك كويسة… و هدا قدامي ماعندك أي شي…. ههههه والله دنيا
وليد ما قدر يتكلم ماعرف يرد ، كان حاسي نفسو قاعد على أرض بتدور بيهو بسرعة…. عادل ربت على كتفو وقال :
- الدنيا دي مافيها شي نخسر بعضنا عشانو و أنا مازعلان منك ولا لايمك و العفو والعافية ياصحبي
الجملة دي وجعت وليد أكتر من عتاب عادل ، قام على حيلو وطلع بدون مايقول شي… كان ماشايف قدامو و دموعو بتجري و بشهق زي الطفل الصغير ، كان في شي جواهو بقول إنو لازم يعمل المستحيل ، الظلم و القهر و الكبت و الحرمان و كل الحاجات البتحصل دي لازم تتشال ، حتى لو خسر حياتو بسبب المحاولة دي المهم يعمل شي……
وقف شوية و أخد نفس عميق و بسرعة رتب أفكارو و مشى على السوق و تحديدا موقف القلابات… لقى هجو التركي بتاع قلاب الرملة قاعد في نفس مكانو اللقاهو فيهو قبل شهور ، و هجو من شافو اتخلع و قام و بقى مهرول بسرعة ، وليد جرى وراهو وحصلو ومسكو وقال :
- جاري مني مالك ؟
- يا زول لا جاري منك لا بعرفك أختاني بس
- أنا داير أتكلم معاك ساي
- ماعندي أي كلام ، أنا زول غلبان و وراي عيال جاري في أكل عيشهم
وليد بدا يفهم و قال :
- انت خايف عشان مصيى عمك سيف العجوز الله يرحمو لكن ما هو براهو الاتظلم ، أنا كمان اتسجنت و اتعذبت و شفت الويل ، خمسة شهور ضقنا فيها كل أنواع التعذيب النفسي والجسدي و أهلنا ماعارفين عننا حاجة ، و المعاي فقد رجلو 
-  يعني إنتو الشباب الكانو مختفين ديلاك ؟ و القرية كلها تفتش عليهم
- أنا ما داير أبهدلك معاي بس داير أتأكد من قصة كان حكاها لي قبل مايقتلوهو و بعدها تاني وشي ماحتشوفو
هجو قال :
- قصة شنو؟
- العجوز حكى ليك قصة فاطمة السمحة ؟ الأبو ليها بولد خالتها و عرسو ليها ولد عمها وقامت بيناتهم الحرب
- اي دي وحدة من القصص القالها لي إنو المدينة بهناك دي حاليا ساكننها أحفاد أولاد الأعمام ، و القرية بي جاي أحفاد أولاد الخيلان… خال الولد الاترفض ده كان هو البادي الحرب ، الحكومة قبضتو هو والمعاهو و كانو ناويين يحرقوهم حيين لكن تاني الجودية قعدو معاهم وقالو كده بتقوم حرب أهلية ما بتنطفي تاني و اتوصلو لإنو ينفوهم كلهم من المدينة و على راسهم خالهم ده… وياهو جو بي جاي و الحال هدأ لكن تاني في ناس حاولت تشعل النيران فبقت الحكومة تتخذ إجراءات قاسية ضد أي زول يفتح الملف ده لمن الناس خافت و شوية شوية الموضوع اتنسى….
وليد همس وقال :
- ده حامد منفي
هجو سأل :
- حامد منو ؟
- لا إنت لغاية هنا و كتر خيرك… ماقصرت
وخلاهو و مشى وهو بفكر ، حيدخل المدينة تاني كيف ؟ حيقنع ناس القرية إنو كلهم لازم يطلعو معاهو كيف ؟ حيقود حملة ضد الظلم و يوقفو كيف ؟ حيفتح الجسر بين الطرفين كيف ؟ حيرجع الدم والرحم الاتقطع كييييف ؟؟؟ في اللحظة دي ماعارف كيف اتذكر بريق.. كلام عادل على الحصل معاهو بأكد إنها غدرت بيهم و خانتهم و سجنتهم… لكن من جواهو ماقدر يصدق ولا قادر يشوفها بالسوء ده ، جاتو فكرة جنونية فيها مجازفة مميتة ، إنو يصلها بأي طريقة يشوفها و يواجهها و يتكلم معاها ، بس كيييف ؟؟؟؟؟ فكر و فكر لغاية ما وصل لخطة جهنمية ممكن تنجح و ممكن تفشل و ممكن يروح فيها ، بس قرر ينفذ و زي ماتجي تجي….
.
.
في بيت الخالة نوال :
علا كانت بتغسل و هي بتغني بحزن في أغنية جات ببالها :

في ناس كتيرة بتتهمني ف حبي ليك
قالو عشت بهمل نفسي و أنا بهتم بيك
و أنا اللي تاه بعدك وأنا برضو اللي بيدور عليك
نسياني ليك صدقني مش ح أقدر عليه
و إنت مقاسمني ف كل حلم حلمت بيه
وأنساك بإيه و إنت مصاحبني ف مية طريق و أنا ماشي فيه
فكرة إنك رحت مني مش قابلها
شوف نهاية أنا و إنت غير دي نستاهلها
ده إنت لو ح تقول نسيت و أسمعها منك
برضو ح أعتبرك كأنك مش قايلها

أثناء مابتغسل الخاتم شبك في خيط ، لفتو عشان تطلعو بس خدشها شوية… خافت يكون يتكسر بقت تقلبو تتأكد منو ، انتبهت إنو في كتابة صغيرة باللغة الإنجليزية منقوشة من جوة ، دققت فيها وبقت تقرا رغم إنها ما اتعلمت في مدرسة لكن عرفت تستهجى حرف حرف t o  f a t i m a  w i t h  l o v e

.
.
يتبع ، مع تحياتي
رحمات صالح
الجسر

الجسرحيث تعيش القصص. اكتشف الآن