.
.
توضيح هام : جميع أحداث الرواية بمافيها الأزمنة و الأماكن وأسماء الشخصيات و الوقائع التاريخية والسياسية من نسخ الخيال ولاعلاقة لها بالواقعقضية الوطن.. عبارة عن قضايا متجمعة بتولد حاجة وحدة كبيرة و مشتركة ، في ناس بتعاني من الفقر وناس بتعاني من العطالة و ناس من العنصرية و ناس من المرض و ناس من انعدام الأمن ، كل واحد بطلع و ينادي يطالب بحقو ويرفع صوتو في سبيل الحاجة البعاني منها لكن في الأخير الهدف واحد و الناس كلها اتجمعت عشان تعرف الحقيقة عشان تصلح بلدها و كل واحد مشكلتو تتحل… علا لمن وصلت الجسر و شافت جموع الناس أطفال و نساء و شباب و القرية كلها واقفة وقفة وحدة و بتهتف بصوت واحد ينادو مطالب مختلفة شعرت إنو قضيتها لازم تتسمع و مشكلتها لازم تقيف هنا ، العبرة خنقتها و دخلت وسط الناس و هي بتهتف بشعار المطالبة بالعدل و الحرية ، الحقوق المنتهكة و الظلم و الخوف و السكوت….. لأول مرة تحس إنها لقت المكان الوحيد الممكن تطلع فيهو الصوت المخنوق جواها سنين رغم إنها عارفة الضاع ماحيرجع لكن يمكن حاجات تتغير و الحصل فيها ما يتكرر في أطفال غيرها….
.
.
بريق كانت بتعاين للساعة و هي بتحسب الزمن الباقي لغاية فجر بكرة و متوترة ماعارفة إذا كان وليد حيجي ولا لا ، و كمان ماعارفة حتقدر تصل المكان داك ولا تتقبض ولا يحصل شنو لكن كل الكانت عارفاهو إنو البتفكر فيهو لازم يتنفذ بأي تمن….
الوقت ده كان هناك الجسر مقلوب ، الناس كل شوية بتزيد و شمس العصر بقت حارة و الأطفال تعبو من الوقفة ، و الجوع والعطش… في الوقت ده جا واحد من تجار السوق سايق بوكس فيهو موية و عصاير وبقى يوزع للناس ، بقو يدو الأطفال و النسوان.. وبعدها جو مجموعة بنات معاهم كمية من الأوراق و الأقلام ووزعوهم و قالو كل زول يكتب الحاجة العندو و طبعا كتير من الناس مابعرفو يكتبو ، بقو طلاب المدرسة يساعدو الباقيين و خلال زمن وجيز كان أغلب الناس شايلين لافتات فيها مطالب مختلفة و أغلبها بتتمثل في فتح الجسر و توحيد المنطقتين……
علا كانت بتفتش على وليد وسط الزحمة ، و أخيرا لقتو قدام.. كان واقف وحوالينو مجموعة و بشرح ليهم عن الحاصل و التجربة المر بيها والقصص السمعها عن القرية و سبب الانفصال ، و كل شوية المجموعة تتغير عشان الكلام يصل لأكبر قدر من الناس…..
- علا ، جيتي هنا كيف
- تعال دايراك
طلع من وسط الدائرة و قرب منها و قال بزعل :
- الجابك هنا شنو ؟
- في الأول جيت عشان دايراك في حاجة مهمة لكن لمن وصلت هنا لقيت الناس ديل ما أحسن مني في شي ، و إنت زاتك لو شايف جيتي هنا غلط معناتا ده كلو غلط
وليد لقى كلامها منطقي ، وقال :
- طيب في شنو مهم جابك؟
علا ردت بهمس :
- في وحدة اتصلت علي من رقمك و قالت إنت قتلت عجوز و عندها دليل ولو ماجيت قابلتها قبل الفجر حتبلغ فيك
وليد استغرب و تاني قال :
- دي حتكون بريق ، أكيد….
- مافاهمة حاجة أنا ، وليد أوع يكون كلامها صح!
- معقولة أنا أقتل زول ده كلام شنو بس ، الزول ده قتلتو الحكومة عشان عارف قصص كتيرة عن الجسر ده
-يا حراااام… لكن يا وليد أنا مستغربة ليه من الصباح للعصر الشرطة خلت الناس كده
- ماعارف لكن الحكاية دي مقلقاني بصراحة خايف على النسوان و الأطفال ديل
- كدي خلينا في المهم ، حتعمل شنو مع البت دي
- حأمشي.. أشوف وراها شنو
- ولو طلعت عاملة ليك كمين؟؟
- يا علا يا أختي أي زول عندو قضية بعمل أي شي في سبيل إنها تنجح و لازم يجازف
علا اتخنقت من كلمة أختي رغم إنها بتتقال كتير و رغم إن الموقف نفسو ما بسمح بالأفكار دي لكن وليد نفسو وقف على كلمتو دي ، والاتنين بقو ساكتين…..
…..
….
في الوقت ده ، في معتقلات الأنفاق
- ما تتلفت علي
الزول كان بغسل وشو في الحوض بعد الغدا الجماعي للمساجين ، و لمن سمع الجملة دي قال بدون ما يتلفت :
- في شنو و إنت منو ؟
- ما مهم أنا منو ، لكن الريس بتاعي بقول ليكم خليكم جاهزين.. في مخطط كبير لو نجح كلكم حتطلعو من هنا خلال الفترة الجاية ، لو طلعتو حتكون وجهتكم الجسر أوع تمشو يمين ولا شمال…
الزول لقى نفسو ماقادر و غصبا عنو اتلفت جهة الزول البتكلم عشان يشوفو منو ، لكن اتفاجأ لمن لقاهو مافي زي كأنو الأرض انشقت و بلعتو…..
….
….
في مكان الاعتصام ، مدخل الجسر.… بعد المغرب
الناس بدت تتكلم بعضهم قالو الصغار لازم يرجعو بيوتهم عشان ياكلو و يرتاحو و بعضهم قالو لا هم البضمنو ليهم إنو الشرطة ماتتعرض ليهم ولو رجعو ممكن يضربوهم ، حصلت نقاشات كتيرة اتحسمت لمن ظهر فوج بتاع نسوان كل واحدة شايلة صينية فوق راسها…. رغم انو ظاهريا الأكل أقل من عدد المتظاهرين لكن لمن كلهم قعدو وأكلو مافضل زول جعان ، هنا اتجدد الأمل جواهم و جوة وليد بالذات الكان شايف إنو حلمو شبه اتحقق و قريب الجسر حيتفتح و كل الدايرنو يحصل……
دخل نص الليل و المكان بقى أهدأ ، الناس بعضهم نامو على الأرض و بعدهم بقو يتونسو و يتداولو القصص السمعوها من وليد وهم حاسين إنهم زي الكانو في سبات عميق و فاقو منو
قبل الفجر بساعة وليد وقف و قال لعلا :
- أنا ماشي أشوف بريق دايرة شنو مني ، لو ما جيت راجع لغاية بعد الشروق بساعة يبقى ماراجع تاني ، خلي بالك من أمي و من روضة و من نفسك…
علا دموعها جرت :
- بلاش يا وليد ، نحن كلنا مستندين عليك
وليد اتذكر موضوعها داك وقال :
- لو حصل لي شي دايرك توعديني بشي ، أوعك يوم تخافي من الحقيقة يا علا… أوعك تخافي ، فاهمة
- حاضر ، بس خليك ما في داعي تمشي
- الله معاي طول ما أنا مع الحق ، فتك بعافية….
و طوالي بقى ينطط بين الصخور والحواجز بخفة تختلف عن أول مرة يقطع فيها الجسر ، ولمن قرب لنهايتو بقى ماشي على الحافة وهو مدنقر عشان مايتشاف لغاية ماقطعو كلو بقى يفتش عن الشجرة ولقاها قريبة منو ، قعد على الأرض وبقى مترقب ماعارف مصيرو شنو… ولمن انتظارو طال وبريق ماظهرت ولا ظهر أي شي تاني فكر يحفر ويشوف الصندوق القالو ليهو عليهو أول… شال حجر من الأرض وبقى يحفر حوالين الشجرة ، لغاية ما اتصدم بشي قوي طلعو لقاهو صندوق حديدي صغير… فتحو لقى فيهو ورقتين ، الوقت داك الشمس بدت تطلع بقى يقرا لقى في الورقة الأولى مكتوب :
- مادام وصلت هنا إذن إنت الشخص الوحيد الممكن يكمل ، نحن لازم نتحد ، حتلقى ورقة تانية فيها مخطط كامل للمدينة مداخلها و مخارجها و فيها أسماء ناس من جوة الشرطة ديل مستعدين يقيفو معاك ، أنا لغاية هنا دوري انتهى الباقي عليكم إنت و بت أختي و ربنا معاكم.. شدو حيلكم و رجعو لينا بلدنا بلد وحدة….
..
…
يتبع
رحمات صالح
الجسر