الفصل الخامس

309 12 2
                                    

نظر اليها وقلبه ينزف دما لكونه السبب في عذابها.. اراد الاقتراب منها واقناعها انه في لحظة جارفة نسي كل شيء.. وانه لم يتعمد فعل هذا ابدا... انه لم يقصد ان يفتح جرحها من جديد... فهي حبيبته وهو مستعد للتضحية في سبيل اسعادها...

همس بألم باسمها الا انها لم ترفع رأسها فسمحت لشعرها الاسود ان يخفي معالم وجهها عنه... فاقترب منها بهدوء وجلس على ركبتيه امامها وقال بحزن اراد ايصاله لها:" حبيبتي السمراء.... ارجوك سامحيني انت تعرفينني جيدا وتعرفين انني مستعد للموت في سبيل اسعادك لتنسي ماضيك وجراحك القديمة.... انا احبك اكثر من اي شيء في العالم ولن اقوى على التسبب لك باي معاناة... لكنني نسيت الامر فعلا وبكل بساطة... ما ان عانقتك بين ذراعيّ لم ارغب سوى بمبادلتك الغرام فقد اشتقت اليك بصورة لا تصدق... كان بإمكاني تجاهل الامر واقناع نفسي ان مرة واحدة غير كافية على جعلك حبلى.... لكن علاقتنا لطالما تسمت بالثقة والصدق ولم اكن قادرا على اخفاء الامر عنك".

رفع كفيه ليبعد شعرها الاسمر الناعم عن وجهها فلاحظ كيف تعض على شفتها السفلية لتمنع نفسها من ان تذرف الدموع.... تمعن بصره في ملامح وجهها الصغيرة.. عينيها البنيتين ترويان مشاعر متناقضة أربكته , تارة تحدثه عن غضب يتخيله و تارة أخرى يعبرهما طيف ذنب لم يفهمه .. غاص في عمق دفئهما يحاول استشاف إجابة ترضيه ....

"حبيبتي السمراء؟؟".

همس صوتها بخفوت وحزن شديد قائلا:" اتركني بمفردي.... ارجوك؟".

كان يدرك من اعماق قلبه انها تحاول بناء حاجزا بينهما ويدرك ان ابتعاده عنها في هذه اللحظة بالذات غلطة لا تغتفر وانها غلطة لا يمكن ان يسامح نفسه عليها ابدا... لكن ما كان باليد حيلة فهو فعلا قد سبق له ان دمر اهم شروط زواجهما وان رفض تركها بمفردها الان سيكون له عواقب شديدة...

فخرج من الغرفة بخفي حنين وهو يدرك انه السبب في معاناتهما .. فقد بدأ كل شيء في الوقت الذي سمح لجارتهما ان تدخل حياتهما.... فأول خيانة لعهود زواجهما كان التحدث عن الماضي والذي احدثته تلك الجارة....

عاد لتذكر ماضيه مع زوجته الفاتنة فقد تزوجا منذ ما يقارب اثني عشرة سنين حوالي لكنهما في الحقيقة يعرفان بعضهما البعض منذ تسعة عشرة عاما...

لقد توفيت عائلته في حادثة غرق حين كان مجرد طفلا رضيعا وبسبب عدم وجود اقارب له وضعته الخدمات الاجتماعية في الميتم... ورغم التناقض الا ان عيشه تحت جناح الام ماتيلدا من افضل ايام حياته...

وقد ادخلت هي نفسها في الميتم.... كانت فتاة تصارع المجتمع الذي تعيش فيه... كانت ضعيفة وقوية في الوقت نفسه... كما كانت تعاني من حالة جسدية سيئة ومن الجوع ايضا وكما يبدو انها قد تعرضت للضرب المبرح ودون ان يعرف السبب فقد وقع تحت تأثيرها بشدة وكم غضب لحالتها...

لطالما احببتك حيث تعيش القصص. اكتشف الآن