1

32.6K 291 8
                                    

الجزء الأول رواية ( حضن وجع ):

#حضن_وجع

عندما غزوت احلامي كنت تلك الفتاة ذات الخمس والعشرون عاما" ، تلك الفتاة التي ظلت تعاني طفولتها اليائسة حتى بلغت الخمس والعشرون بإستقلالية !، نعم ؟... ماذا !!.... اتممت الخمس والعشرون عاما" بالفعل !... كيف !... كيف انتقلت بين ربيعاتي تلك ولازلت احمل ضفائري بين يدي ابي !.. ابي .. الرجل الحديدي الذي ادماني قسوته وقتلني موته !

توقفت بتلك الممرات الباهتة تتأمل ظلال الموت التي تحلق حولها ، تشاهد اخوانها الاربعة وزوجاتهم في حرفية قلق مستديرة لا تفرغ ، تظل هي الاخت الوحيدة والصغرى .. الطفلة المدللة التي حرمت ملامح الطفولة منذ رحيل ام عابثة وبقايا عائلة لاتجتمع ابدا" على قلب واحد !،

ظل هو لها كل شيء ... ظلت هي له كل شيء ايضا" !، هو الاب الحنون الذي عاشت تحت ظله حتى ادركت اليوم للتو انها غدت امرأة ... انثى حقيقية جميلة وفاتنة !، ملامحها الطفولية لم تشعرها ابدا" بمدى تقدم سنواتها .. تلك العفوية والبراءة تقدمت بها طفلة في سن النضج .. طفلة لم تفك اضافرها بل بقيت تنعقد كل يوم بيد اب حنون تستند الى قلبه ويحملها فوق ظهره الكهل ليحميها !،

لم تكن تدرك ان عالمها الموحش بالخارج يقف بينها وبينه ظهر اباها !، لم تعي قيمة تلك الفجوة التي تحيطها لتصد اعين القلوب المعتمة عن خطاها !، والدها هو المنبع لكل شيء .. هو ذلك الصدر الذي يعبر بها محيط بارد ومظلم ليغرق فيه هو وتصل به الى بر الامان فلا تجده فجأة !
واليوم لا تجده !.. لا تجده ابدا" ، اليوم سقط الظهر وحلت وثائقة .. اليوم سقطت الى ارض الواقع خلف احلامها الملونة ونقوشاتها البناتية الزهرية لتشاهد وجوه اخوانها الاربع وتقرأ الشقاء ....عانت طوال حياتها من نظرة الانانية .. من نظرية التنافس وقوة الابتعاد !،

تلك الفتاة الرقيقة لم تجد في قلوب اربعة اخوان ايه رحمة او اخوة ... والدها الذي اتى بها الى ذلك العالم لتكون اخر هداياه للحياة واحمقها ايضا" اتى بها لتخلف اربعة ابناء من امرأة فارقت الحياة منذ وقت طويل ... امرأة لم ينساها اخوانها يوما" بفعل امومتها لهم !.. ولم تنساها والدتها التي اصبحت زوجة لأبيهم بفعل كرههم لها !،
تارا .... السندريلا الباهتة .. ابنة المرأة التي شاهدت من القسوى ما يكفي لتبتعد ... المرأه التي تركت كل شيء خلفها لتهرب الى اقصى ما يمكن الهرب اليه .. تاركة خلفها وطن ناقم وعائلة لا تحتضن وزوج ضعيف امام ابنائه ... حتى هي ... هي المتروكة الضائعة الصغيرة !
ابنتها الوحيدة .. تركتها خلفها لترحل الى رجلا" اخر محاولة بناء حياة جديدة !

شعرت تارا يوما" بكم وحدتها .. كم اصبحت شيئا" غير مرغوب فيه الى ذلك الحد الذي حرمها امومة واخوة معا"!، لم تعلم ما هي جريمتها لتلقى كل تلك القسوة والجحود من المرأة التي اتت بها الى تلك الحياة ثم تركتها !... اي احساس امومي فج الكفوفية امتلكتة والدتها لتضعها ضمن الاغراض الكامل الاستغناء عنها وترحل لتبني اسرة اخرى في مكان ما بعيدا" جدا" عن التذكر !!،

"حضن وجع"🍁حيث تعيش القصص. اكتشف الآن