الفصل العاشر
وقفت سناريا في وسط غرفتها تنظر لنفسها في المرآة الطويلة التي تغطي أحد أبواب خزانتها ، بدت جميلة بشكل يبهر الأنظار , عيونها تنطق بالدهشة لمرأى التغير الحادث على نفسها ، ابتسمت بحنان :" آه يا مها كم كنت محقة بإصرارك أن أشترى ذلك الفستان والذهاب إلى مزين الشعر المحترف ذلك .. ليتك كنت معي لو ترين النتيجة ستصعقين " عادت تتأمل جسدها داخل ذلك الفستان الذي اختارته بلون زيتوني يتمواج بالبني الذي يتحول للذهبي المموه كلما تحركت.. مغطى بالكريستالات اللامعة بذات اللون بشكل كامل في نصفه العلوي مع جزء كبير من تنورته ، صدره ضيق يفصل جذعها بإيحاء أنثي تمتلك أسباب الجمال .. كُمّان طويلان بإتساع مذهل وطولهما يكاد يماثل طول الفستان يبرقان كلما حركت يدها بفعل القماش والكريستالات المتناثرة عليه برحابة تنورته تتسع تدريجياً حول ساقيها حتى تلامس الأرض مصدرة نغمة خاصة بالحرير كلما تحركت كأنها موسيقى حالمة ، ظهره مغطى بالشيفون المطرز ، وقفت تنظر بعد دقائق بضيق تفكر كيف حتى ستخلعه إن أرادت تبديله فقد بدت أول الأمر مشكلتها الوحيدة بالسحاب الذي لم تتمكن من إغلاقه بنفسها ، حاولت وحاولت لكن باءت جميع محاولاتها بالفشل حتى أدركت أن السحاب تشابك مع قماش الفستان ، تكاد تكون جاهزة لكنها تأخرت بسبب هذا السحاب اللعين ، حملت حقيبتها الأنيقة الذهبية وارتدت حذائها الذهبي اللامع واتجهت نحو غرفة أمها تبحث عنها تلوم نفسها :" كيف نسيت معاناة مها حتى تغلق ذلك السحاب اللعين ونحن نختاره؟! .. مؤكد هناك خطب بسحابه منذ البداية " ظلت تنادي :" نونا أين أنت ؟" لكنها جفلت عندما أتى صوته من خلفها وهو الذي تتجنبه منذ أمس حتى أنها لم ترد على اتصالاته الهاتفية بل عندما أرسل إليها رسالة بأنه آتٍ ليقلها للمنزل خرجت سريعاً لتعود للمنزل بسيارتها بدون أن تبلغه برسالة ولولا زفاف أميرة لظلت بالمشفى :" وأخيراً قررت الأميرة المتوجة التنازل بالعودة للمنزل !" دارت على عقبيها لتواجهه ، رطبت شفتيها ذات الطلاء العسلي الناعم بطرف لسانها وعضت على شفتها السفلى وصوتها متكسراً بتهدج من أثر إرتباكها .. قررت تجاهل كلمته :" أين ماما نونا ؟" ارتفع أحد حاجبيه إستنكاراً من تجاهلها المتعمد الرد عليه ، صار يعشق نظرة الغضب بعيونها :" لماذا لم تنتظريني كما أرسلت لك ؟ أستظلين دائماً عنيدة ؟! ألم يصلك تحذير من قبل ! بأن رجل البيت قد عاد " نست وضعها واقتربت حانقة وبأصابعها الرقيقة بدأت تحل الزرين العلويين لقميصه الأبيض وسط دهشة عيونه العسلية : " ماذا تفعلين ؟" كتفت يديها أمام صدرها فور أن أعادت إحكام غلق قميصه :" كنت أبحث عن الصديري البلدي الذي يرتديه الرجال تحت الجلباب .. فيبدو أنك ترتديه لكن داخل عقلك " كانت ترتجف من ردة فعله على كلماتها ولكنها سرعان ما ارتاحت أساريرها عندما وجدت نظرته المتسلية سبقت ضحكة عالية مستمتعة بما وصله :" هل أنتِ جاهزة لنذهب ؟؟ ماما خرجت مع أميرة منذ إختفاءك بغرفتك فهي على ما يبدو لي أم العروس !" صرحت بتلعثم فاضح :" أممم .. يبدو أنني لن أذهب .. فقد كنت أبحث عن ماما لأكون جاهزة فعلياً " لاحت تلك النظرة المتسلية المغيظة بعينه كأنه يعلم سبب ما تفكيرها بعدم الذهاب :" استديري حتى أغلق لك ذلك السحاب المزعج لننتهي من هذا " احمرت وسرت موجة من تيار كهربائي في جسدها عندما أدركت أنه رأى ظهرها العاري كاملاً ، همست بخجل ووجنتيها تزدادان إشتعالاًً و إرتباكاً وتماوجت حمرة الخجل بسائر بشرتها فزادتها سحراً :" أغمض عينيك أولاً قبل أن أستدير " ادعى التململ والتأفف :" هل هذا وقتاً مناسباً لتلك الألعاب ؟! هيا استديري كيف سأغلق السحاب عن طريق اللمس فقط كيف سأهتدي لطريقه بسرعة ؟ " اتسعت عيناها رعباً لمجرد أنه سيرى ويلمس ظهرها ولكن أن تمر يده على ظهرها ببطء كما أوهمها فذلك عذاب بطريقة أخرى .. وعندما طال إنتظاره لإجابتها لم يمهلها وقتاً إضافياً للتفكير بل وضع كفيه ليأسر خصرها وجذبها إليه و أدارها ، تأملها لحظة وهو يسحب نفساً قوياً نفثه ببطء ألهب بشرتها عندما اصطدم بها فوصلها حرارته وبدأ يجمع أطراف الفستان المتهدلة ليجمعها إلى بعضها ثم أغلق الزر الوحيد بأعلى السحاب ووضع يداً أسفل خصرها بطرف السحاب فأثار رجفة بعمودها الفقري وصلته فابتسم متأملاً تلك المنكمشة أمامه وأمسك بمجرى السحاب باليد الأخرى وأنزلها لأسفل ثم سحبها لأعلى مغلقاً إياه , تعامل بخبرة مع السحاب لينقذ قماش الفستان الرقيق من التمزق تحت مجرى السحاب الضاغطة عليه وتجمعه داخلها ، ما إن أنهى إغلاقه كانت تائهة في لجة مشاعر أثارها في داخلها فلم تنتبه لإنتهاء عمله فهمس بجوار أذنها مما يدل على إنحناءه ليصل إليها :" لقد انتهيت ، هل أحصل على مكافأتي بنفسي ؟" تحررت سريعاً منه و استدارت لتجد تلك النظرة الساخرة والإبتسامة المتسلية ترتسم على شفتيه كأنها تعترف أنه ذو خبرة هائلة بالتعامل مع النساء .. أمثالها لا يعنين له بشيء ، يداه الماهرتان المثيرتان وتحركاته بثقة مما يفعله جمدت قلبها .. إنها ليست الأولى التي يلمسها تخيلت حالها لو داعبتها تلك اليد الخبيرة لا تعلم لحظتها هل ستستطيع الوقوف على ساقيها التي ستتحول لهلام ؟ أكدت لنفسها .. نعم لن تصمد أمامه..
أرسلها صوته الأجش بنعومة لشرود أعمق تتحرق بنار الغيرة :" ألستُ أفضل من أمي .. في غلق السحاب ؟؟ فأنا الأول بمجالي " هزت رأسها مأخوذة بمشاعر أذابت عقلها فلم تدرك صوتها وهو يقر له :" نعم.." وسرعان ما أدركت إجابتها فأردفت بسرعة وبدت له كلماتها متلازمة :" هيا بنا نخرج لنرى الطابور الذي يقف ينتظر خبرتك " نظر إليها بإستفسار فردت :" نعم طابور النساء اللواتي ينادينّ لتغلق لهنّ سحابهن " ضحك بقهقة في حين فقدت هي مزاجها الجيد و دخلت بوجوم تام مما أعطاه مجالاً ليتفرس بجمالها الآخاذ الذي أصبح يثير فيه رغبات تملكية خالصة .. هز رأسه نافضاً أفكاره :" هيا بنا حتى لا نتأخر " لحقت به نحو باب الشقة ولديها رغبة بالبكاء .. إنه ليس رجلها ! لن يكون لها يوماً .
شعور يائس ملأ كيانها ..
أنت تقرأ
الفجر الخجول(مكتوبة)
Romanceنظرية الحب هو الدوران داخل فراغ ثلاثية متوازنة من ثلاث محاور متساوية هي ألفة و شغف وإلتزام فيقع المحب في الترقب والحيرة والإنتظار ثم تأتي مرحلة التنافس من يستطيع جذب طرف خيط المشاعر تجاهه ليتملك الآخر .. ولكن الماضي والحاضر والمستقبل كلٌ له دوره فى...