الفصل التاسع والعشرون

788 20 0
                                    

الفصل التاسع والعشرون


أخذت أمنية تمسح على ذراع رامز وقميصه برعب بحثاً عن أية جروح لكن همسه وصلها وهو يساعدها على الصمود بصوته المطمئن :" لست أنا ، إنه شخصاً آخر المصاب " تجمدت لحظة واحدة لتفيق بعدها فتفتش برامز وهي تلهث بالشكر لله لتنتبه إلى الدماء على رأسه فمسحتها وهي تضحك بهستريا :" لست مصاباً قيصري !" إبتسامته الرائعة هي كل ما ندت منه :" نعم أمنيتي قيصرك ليس مصاباً ، أنا بخير " التفت لأمه ولأول مرة يجدها تحمل إبتسامة رضا على وجهها .. نظرت أمنية لبنطال المصاب ذي اللون البني هو ما يظهر من تجمع الناس حوله ، اقتربت وهي ملتاعة تتوجس مما قد تجده :" أيعقل أن يكون هو ؟" اقتربت أكثر وهي تقول :" رضا الحايك " وقفت تتساءل بلهفة وهي تصرخ :" مَنْ قتله ؟؟ أجيبوني مَنْ قتله ؟؟" جاءها الجواب من إحدى الجارات المتجمعات : " إنه عمك تربص به الحايك ليأخذ نقوده وكان معه تلك المدية فما كان من عمك سوى أن دفعه للخلف فسقط عليها وشق قلبه ".. اقترب رامز وهو يضع يده على كتفها :" لقد مات ، أنا حاولت إنقاذه ولكنه كان انتهى " همست بين يديه بهدوء :" تلك نهاية متوقعة وعادلة له ولعمي .." و التفتت إليه بإرتجاف طفيف :" ألن أحرجك يا رامز بتلك الخطوبة ؟؟" أدارها وهو يجذبها :" هل ستظل السيدة عصمت الدويني بالشارع وقتاً أكثر من هذا ؟ هيا بنا خطيبتي الجميلة " قادها أمامه وصعد ومعه أبويه .. وجدا تلك أنوار الطيبة لتبدأ الحياة الحقيقية لابنتها ..

*****

تجلس يومياً على شرفة المساء تنتظره تمد يدها لتريد الإمساك بتلك البقايا الهاربة من الليل .. فتسربت البرودة من مسام جلدها لتتزاحم داخل نفسها تطفيء جمرات العشق المستيقظة بدمها من سنوات هي كل سنوات العمر

التقت تلك البرودة بالجمرات لينبعث دخاناً كثيفاً .. خافت أن تنطفيء جذوة العشق فأوصدت كل ثغرة من جسدها المريض بالعشق لذلك الغيث وكأنها غافلت ليلها وصارت تجمع الجمرات الموقدة التي تشعل روحها ورصتها في كومة من الأزهار الزرقاء هي المساء الذي تسبح فيه بغربة كل ليلة .. وجدت اللهب الأحمر مع اللون الأزرق للسماء تشكلان لوحة بها اسمه هو
" غيثها الذي لا تريد سواها " ما إن همست بكلمتها .. وكادت ترفع هاتفها لتتصل به وتتواصل مع العشق وهي تجبر جسدها على التحدي :" ألم تتربى على المثل داوني بالتي كانت هي الداء ؟" وعقلها يبتسم وقلبها يرحب :" نعم يا غيث أنا منك إليك .. لا مهرب ولا ملجأ منك سواك ".. صرخت بهلع وهي تنظر للباب الذي فتح بغتة وهي تضيق بالداخل :" ماذا هناك ؟" أدركت بتلك الصرخة التي تخالف بها ذوقها أنها تقف على حافة التوتر فخفضت صوتها :" أعتذر يا رجاء لقد جفلت مع فتح الباب بغتة بتلك القوة " ابتسمت الممرضة المتمرسة :" لقد طرقت الباب يا دكتورة وعندما لم أجد إجابة دخلت .. أنا التي تعتذر إن كنت سبباً في إجفالك ، الدكتورة مها تطلب من سيادتك موافاتها بغرفة الكشف حالاً " نظرت لهاتفها ووضعته داخل حقيبتها ببؤس وهي تعلم أنها كانت الفرصة المتاحة عندما هزمت جبنها من مواجهته .. تدرك أن الفرصة لن تتكرر قريباً .. بل ستكون بعيدة المنال بُعد السماء عن الأرض ، أخذت سماعتها بقبضتها وخرجت تتبع رجاء ..

الفجر الخجول(مكتوبة)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن