الفصل الثلاثون
تحركت أهدابه لتظهر عيونه الناعسة بعسلها المسال وتلك البسمة القلقة تتوسد شفتيه عندما تأكد من حدسه أنها غائبة عنه.. خلف رأسه عقد ذراعيه المعضلة بقوة التي كانت تذوب بينهما سناريا عشقاً منذ عدة ساعات ، يفكر ويوازن الأمر بينه وبين ذاته .. تذكر أمس بعد عدة ساعات من نومها العميق أعادت إليها حيويتها وصفاء ذهنها وتضرجت بشرتها بلون أحمر أضفى سحراً على بشرتها الذهبية .. لقد فضل أن يمتع نفسه برؤياها خلسة من بين أهدابه بدون شعور منها .. عندما استيقظت أخذت تناظره بمزارع الزيتون داخل عيونها المتفحصة له وتلك البسمة الشبقة تتحرك بكسل على شفتيها ، يشعر بمقاومتها لمشاعر غاضبة غامضة من وجوده بفراشها يريدها أن تفتعل أي خلاف حتى ينهي حالة السلام البارد بينهما .. ولكن النتيجة جاءت محبطة لقلبه فقد خرجت من الفراش لتتوجه من فورها للحمام .. بمجرد إختفاءها خلف الباب الزجاجي ..
تنهد بعمق واضجع على جانبها ساحباً يده تحت رأسه والأخرى بين ركبتيه .. وهمس :" هل تظن أن تلك العنيدة ستكون لك بسهولة ؟! هيا نل قسطاً من الراحة حتى تستعد لمعركة جديدة غداً " صوته لم يحمل يأساً بل تصميماً على الوصول إليها.. تاه في غياهب الكرى على صوت تساقط المياه في الحمام كعملات ذهبية رنانة جلبت أصواتها النعاس للجسد المرهق ..
أجفل بعد فترة وتحسس وجهه المبلل ، فتح عيونه وجد تلك الساحرة وهي تميل عليه تاركة المجال لشعرها الأسود يتساقط بثقل الماء داخله على وجهه .. لم يدرك الوقت وهل ما يحدث هو حلم بشهوة سافرة داخل نفسه .. أدرك أنها الحقيقة ، صرخ عقله وقلبه كاد يخرج مبهوراً من سعيها إليه وهمسها :" غيث " كفاه حروفه التي خرجت كحرير ناعم من بين شفتيها .. لم يسيطر على شفتيه وهي تخرج كلمة تاقت لها بتلك الطريقة طويلاً
" أحبك .. أحبك " كفيه المطوقة لوجهها كانت تبلغها رسالة شوق وجد نفسها يقطع عابراً كل الجراح وسنوات الحرمان بقبلة كانت هي عود الثقاب الذي ألقي به وسط حقل زرع هشيماً ما إن تنسم رائحة النار احترق كاملاً .. إبتسامة متلاعبة ندت على شفتيه بعد إستعادته لذكرى ليلة امتلكها و وسمها برجولته برضا منها لم يتوقع أن تهرب من مواجهته اليوم .. أدرك سبب هروبها عندما وجد بقعة حمراء قانية على فراشهما .. أدخل يده في شعره قائلاً :" بدلاً من إعلان بداية شهر العسل تهربين يا أجبن من رأيت .. لا بل أجمل من رأيت .. لن أفقدك مرتين " رمى بالمفرش الملتف حول ساقيه وخرج من الفراش وبعد فترة وجيزة كان يرتدي حذاءه وقبل أن يغادر .. وجد أمه تبتسم بخبث وعيونها تبرق فهمس لها وهو يقبلها :" لم نرك أمس ، أين كنت ؟" ابتسمت إبتسامة لها مغزى :" لقد ضجت نفسي منكما معاً .. فقد كان صوتكما مرتفعاً منذ أسبوع وبالطبع وصلني .. قررت ترككما لغباءكما حتى تقعا منهكين من التعب بحضن بعضكما .. وأظنه قد حدث ..أليس كذلك ؟" أمسك ذقنها بخفة وهو يبتسم :" يالك من فضولية حكيمة يا نونا !" ضحكتها الرقيقة ودعته بحنان فاستدار مشيراً للحقيبة بيده :" لا تنتظرينا فقد بدأ شهر العسل وسأجبر تلك الصغيرة على الإمتثال لقواعدي " لوحت له بكفها بعد أن ألقت إليه بقبلة في الهواء وهي تهمس بحنان :" أخيراً بدأ شهر العسل " رنت نظرة منها لصورة حب عمرها المعلقة على الجدار الكبير تبادلها إبتسامة ظنت أنها ترتسم على شفاه رجلها المهيب الغائب داخل صورته !
أنت تقرأ
الفجر الخجول(مكتوبة)
Romanceنظرية الحب هو الدوران داخل فراغ ثلاثية متوازنة من ثلاث محاور متساوية هي ألفة و شغف وإلتزام فيقع المحب في الترقب والحيرة والإنتظار ثم تأتي مرحلة التنافس من يستطيع جذب طرف خيط المشاعر تجاهه ليتملك الآخر .. ولكن الماضي والحاضر والمستقبل كلٌ له دوره فى...