الفصل الخامس عشر

823 23 1
                                    

الفصل الخامس عشر

التوى قلبها وهو يحترق بلهيب الإدراك الذي صرخ بعقلها ، مازال مهاجراً لم يرجع بعد ، مازالت ذكرياتهما سوية غير قادرة على الإنتصار على ماضيه وكراهيته لها التي لا تعلم حتى الآن لِمَ ؟ وما ذنبها ؟!

إبتسامة ساخرة ظهرت لصورتها بالمرآة ، الماسكرا المسالة فبدت كعيون باندا ضخمة .. شعرها المشعث مازالت تشعر بدفء يديه تتجول بين طياته بحرية وترحيب منها ، شفتاها مازالتا تحملان مذاق شفتيه الحارة وكتفيها زادت وشوم الحناء بتضرج إحمرار دموي من ضغط يديه كعلامات للحب المشتعل بينهما
تجمدت تشير لصدرها :" أهذه أنا ؟! أهذا منظر .. عروس ؟؟ بل كيف حدث ذلك معها ؟ أين ..."

شهقت باكية رغم تماسكها الشديد وقراراتها الصارمة التي كانت قد أخذتها أثناء إغتسالها بأن لا وقت للدموع وعليها أن تستجمع شتات نفسها وتتجاوز محنتها المقيمة بأقل أضرار ممكنة ، عليها أن تفكر كيف يجب أن تتصرف لا أن تنتحب على قلبها ! لكنها بمجرد أن خاب أملهما تجمد تفكيرها ووجدت نفسها عاجزة عن التصرف الصحيح بل عاجزة حتى عن النطق ..تجمد تفكيرها وشلّ عقلها ، تحاشت التفكير به.. لابد أن تنقذ نفسها وكرامتها وتستعيد كبرياءها أمامه .. وجدت نفسها وهي تخرج من حجرة الإغتسال انهارت لتدخل بموجة جديدة من بكائها الحاد رغم محاولاتها اليائسة منذ الساعة السيطرة على أعصابها والتحلي بالهدوء فتلك المعضلة حلّها بيدها ، تجولت عيونها داخل الغرفة موقنة من خلوها منه وتفكيرها صار يسترجع ما مرّ منذ قليل...

لم تتوقف دموعها عن الإنهمار أمامه ، كل ما فعلت أن انكمشت على نفسها فوق السرير مديرة ظهرها له .. قادرة على سماع صوت تنفسه الذي لم ينتظم بعد يصدر لهاثاً حاداً .. استدارت له نصف إستدارة لا تعرف لِمَ ذلك الشعور بالوضاعة والرخص ملأها فلم تقدر أن تقابل نظراته ..

وقف لحظة ينظر إليها تبكي بحرقة .. كان محلقاً معها عالياً وفجأة سقط أرضاً من علياءه بقسوة .. شعوره كان مدمراً ساحقاً ، طعم مرارة الغدر والخيانة قبع بفمه.. مسح بظاهر يده أثر شفتيها متقززاً .. جلبت لها حركته تلك شعوراً بأنها أقل من حشرة ، يكاد يختنق لو حطم كل زاوية بالغرفة بل بالفندق على رأسها ما شفى ذلك غليلة منها تراه بمقلتيها المشوشة يسحب قميصه يرتديه على عجل تاركاً إياه مفتوحاً بالكامل وبنطال بدلته السوداء أكمل الصورة الفوضوية لهما ..

مرر راحتيه على صفحة وجهه في محاولة يائسة منه للسيطرة على أعصابه الغاضبة بفورة .. كان يحاول أن يستيقظ من كابوسه الذي سحبه بالأعماق معه جالباً العار داخل نفسه ، عادت تخفي وجهها الشاحب بالوسادة تكتم شهقاتها فأتت ضحكته الشاردة المريرة وهو يقول :" لا أصدق .. أبداً.. أنكِ .." اختنق بكلمته ، فترة من الصمت مرت كل ما تشعر به هو الذل .. المهانة .. وعندما استدارت وجدت نفسها وحيدة ، تركها خلفه واختفى بدون أن يسألها حتى أو ينصت لدفاعها عن ذاتها !

الفجر الخجول(مكتوبة)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن