الفصل الثامن والعشرون

697 18 0
                                    

الفصل الثامن والعشرون

دخلت فراشهما بطريقة عادية ككل يوم بذات الجمود بعد أن ارتدت إحدى مناماتها القطنية التي تشبه منامته بإختلاف الألوان .. جلس على أطراف السرير ليخلع حذاءه وجواربه وكان قد ألقى سترته على إحدى المقاعد وفتح قميصه تماماً يسير بأقدامه العارية ليجلب منامته من خزينته ، رمى قميصها بالخزينة واكتفى بالبنطال كعادته.. نظراتها المسبلة الجفون تتابع بجنون كل تحركاته أمامها .. وجدت دمعتها تنساب لتهبط على وسادتها ، دخل الحمام لينهي تبديل ملابسه بأطول وقت قد يتخذه إنسان لا يريد أن يحتك بها فهي ترفض وجوده وهو لا يستطيع أن يفرض وجوده عليها وحالتها النفسية بذلك السوء .. لقد بدت غريبة أمام جميع عائلتها اليوم لدرجة أن فارس وهو في قمة إنشغاله كونه العريس سأله عن حالها .. فذكره أنه مازال تحت حصار مراقبته وأنه لم يجدها سعيدة !
يغلي صدره من ذلك الدخيل وهي لا تمنحه فرصة كلما اقترب منها وجدها تنهار أو تتجمد ، خرج من الحمام وهو يمسد شعره بفوطته بغرض تجفيفه من ذلك الحمام البارد الطقس اليومي لهجرها له .. توسد الفراش بعد أن أغرق الغرفة بالظلام .. نظرت لظهره العريض العاري فهو كل ما تراه منه من ذلك اليوم الذي انهارت وعاملها كطفلة صغيرة .. ربت عليها وسط إتهاماتها ومن يومها لا تجيبه إذا تحدث ، اعتمدت ذلك الجمود الذي يكرهه .. تتقلب عدة مرات بقلق مزعج لمشاعره يتمنى أن تكون قلقة من أجل إشتياقها له .. صدمت فيه عدة مرات وهي تتقلب كمن توسد جمراً متقداً وهو لم يعلن عن تبرمه سوى بزفرات أطلقها بصوت فحيحي .. أعصابها مشدودة كوتر فمشاهدة فارس ومريم وملامحهما السعيدة جلبت لها البؤس وتذوقت طعم المرارة فضاعف شعورها بالذنب حيال نفسها ، حبست أنفاسها عندما اخترقت أذنيها زفراته .. وقلبها صار يضرب كمطرقة غير منتظمة الضربات .. ظهره العاري وقطرات الماء مازالت تتلألأ على شعره الأسود وعلى بشرته السمراء .. استدارت لتوليه ظهرها وهي تهمس :" يالك من شيطان فاتن " وعادت تتقلب مرة أخرى لتقع عيونها الزيتونية في تشابك ضارٍ بعيونه العسلية الناعسة كل نظرة هي عناق حميم .. وجدت نفسها تقترب منه أكثر و جعل توترها يختنق بغصة ، وجدت نفسها تهمس باسمه بدعوة مبطنة :" غـ..يث " وجدت نفسها أمام ذلك الإنتفاخ بزاوية فمه المعذب لمشاعرها وتلك النظرة الدهشة في عينيه وإرتفاع الحاجبين دليل صارخ أمامها .. ارتفعت إحدى يداه وأمسك ذقنها وهو يتمتم أمام شفتيها :" سناريا .. لقد احترقت " أغمضت عينيها وإبتسامة النشوة ارتسمت على شفتيها .. وجدت أعصاب معدتها ترتجف و لم تجد بداً سوى أن تهرب من حصار عيونه الكاسحة لدفاعاتها فأمالت رأسها لأسفل لتصطدم بصدره القريب جداً لدرجة مكنتها من سماع ضربات قلبه القوية .. أطلقت تنهيدة عميقة في محاولة منها إستجماع قوتها لتبتعد وقد بدأ إحتقارها لذاتها يطفو مجدداً بقوة على سطح مشاعرها .. تواصل جسدي بسيط أحدث دماراً في نفوس محترقة تلاقت ذبذبات التجاذب لتسحب أرواحهما لتلاقٍ كاسح لكل ذرات التعقل ، وجدت يديه تتحركان على ظهرها تشعر بدفء بشرته من خلال قماش منامتها .. لم تعد تحتمل ، انتفض جسده يخشى عليها .. لا بل على نفسه .. إن ألمه يتضاعف كلما تجمدت أمامه .. ولكنها اليوم هي الساعية إليه !
صار يخاف أن يخذلها فيتسبب لها بألم أكبر .. كان جائع لملمسها .. لشعورها بين يديه ، كانت ضائعة في عطره ممتزجاً برائحته الرجولية .. ملامحها الرقيقة وهي تتوسد صدره جعلته يشدد عليها ذراعيه ساحباً إياها بقوة و أكملت الصورة الحميمية عندما لفت ذراعيها حول خصره وضمت نفسها إليه أكثر وجهها يتمرغ في صدره .. انتفضت خلايا جسده مسافرة إليها بقوة ، رفعت وجهها إليه وتجمدت نظرتها لكنه لم يقرأ ملامحها المتجمدة .. قبلاته الغازية أمام تجنب سقوط شفتيه ليلتهم شفتيها .. هبوطه على قاعدة عنقها تشعل حدة الغثيان داخلها .. نفسها المتقطع اللاهث ومحاولاتها المستميتة لتدفعه عنها هي كل ما استطاعت فعله وهو قد فارق حدود خطوطه منذ تحركت إليه .. صرخة واحدة ندت من فمها :" ابتعد !"

الفجر الخجول(مكتوبة)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن