الفصل الثالث والعشرون

889 20 0
                                    

الفصل الثالث والعشرون

(( حبيبتي أريد أن أدوّن إعترافي أنني صرت عاشقاً حتى النخاع .. أراكِ ترتجف أوصالي .. أذوب شغفاً إليكِ .. تهفو روحي المشتعلة بالنيران أن أصل إليكِ ، أواصل قراءة أحرفك وحفظ تفاصيلك ويكون على يدي تعليمك أبجدية العشق وتفاصيله الخافية عليكِ يا أجمل طفلة في الحب
قيصرك الجديد ))
وصلتها تلك الرسالة على هاتفها فوجدت نفسها ترتفع حدة غضبها بشكل لم تتخيله .. أخذت ترغي و تزبد وهي تحدق بكلماته المغيظة .. كأنها ترى وجهه و هو يراقص حواجبه ، أخذت نفساً عميقاً تهديء أعماقها لكن مع الأسف لا تهدأ .. فهاهي كلماته تتراقص أمامها بخيلاء تتمنى لو تدس أنفه بالثرى و تمحو تلك الإبتسامة من على وجهه ، كانت واقفة أمام المشفى فأخذت تتلفت حولها بغيظ بإنتظار سيارة الأجرة المبجلة لتقلها إلى المنزل عندما وقعت عينها على سيارة لامبورغيني بيضاء غاية في الأناقة .. تلمع بشدة مبالغ فيها تبدو كنجم ساطع وسط باقي السيارات التي فقدت بريقها بجانبها ، وجدت نفسها تبتسم بمتعة و تشفٍ فَرِحة بقرب الإنتقام ثم كزّت على أسنانها بحنق يواكب غيظها الدفين فنظرت لعبوة الآيس كريم ذات الحجم العائلي التي تتناولها .. ضاقت عيناها وسجلت رسالة جديدة رداً على رسالته :" انظر الطفلة ماذا تفعل يا من تتخيل نفسك قيصري !" وأسرعت تنفذ ما طرأ على مخيلتها لتلتقط بالنهاية صورة لنفسها وهي متموضعة جانب سيارته بفخر ثم هرولت بسرعة على بُعد مناسب من مسرح الجريمة لتشاهد ردّ فعله فبدت كطفل مساكش حقاً بتلك اللحظة ..
تسلم الرسالة وهو يتلاعب بحاجبيه ، تبدلت نظرته بفجعة للصور المتتالية بطريقة أسقطت نظارته الطبية على طرف أنفه متعاضدة معه بالدهشة وصار يضحك بعد ذلك يهرول :" مجنونة " ويتحدث من بين أنفاسه اللاهثة من تأثير السرعة :" لو تمكنت منك سوف أقلم أظافرك وأكسر عنقك يا طفلتي العنيدة " إبتسامته هي ما أثارت حيرته فقد كان يستشيط غضباً إذا اقترب آخر من أدواته أما الآن فهو يضحك على ما اقترفته يداها من ذنب ، خرج من المبنى بل من المشفى كله .. وجدها .. ليست هي بل سيارته الحبيبة التي أضحت حمراء بنكهة الفراولة !
تلفت حوله يحاول أن يجدها لكن بلا جدوى ، كاد أن يستدير لولا أنها ظهرت فجأة من خلف شجرة عملاقة على مسافة قريبة منه تسير بخيلاء عمداً لتوقف سيارة أجرة و تقف بجوارها ببطء لتبتسم له إبتسامة مغيظة وصرختها تصله بحرفين شكلا قمة السخرية : " طـــظ " ثم قفزت بداخل سيارة أجرة بسرعة البرق .. الموقف كان يسير ببطء كأحد مشاهد السينيما و قد أسرته بسيرها المتهادي و رسمة شفتيها وهي تمطها لتقول كلمتها الوحيدة لكنه سرعان ما تغير و قد تسارعت أحداثه بينما تقفز داخل السيارة .. حقيقة تلاعبها به جعلته يتقافز كألعاب نارية مشتعلة وأصر على أسنانه :" اللعب .. أهذا ما تريدين ؟؟ حسناً "
قفز داخل سيارته الجديدة البيضاء متجاهلاً كتل الآيس كريم الملوث لزجاجها الأمامي ومقدمتها وذات الحرفين بإصبعها الصغير يحفران ممرات داخل الآيس كريم ، وجد نفسه يقف بعد قيادة مطاردة سريعة أمام السيارة التي تستقلها بطريقة كادت تنتج حادث مهشماً للسيارتين لولا حكمة السائقين ومهارتهما فتجنبا الإصطدام ، تجاهل السائق الشاب الذي هبط من السيارة واتجه إلى بابها وفتحه وجذبها من معصمها وهي تحاول أن تضرب يده فلم تقدر وهو يصرخ بتحذيرللسائق الذي حاول أن يتصدى له :" إنه خلاف بين خطيبين فلا تقحم نفسك فيه " عندما نظر إليها السائق ولم يجد منها إنكاراً قرر قبول كلمته كأمر مسلم به وقبل تلك الورقة المالية التي ألقاها رامز باتجاهه ورفع كفه ملوحاً وانصرف .. في حين مالت هي على يد رامز وهي تنشب أظافرها القصيرة داخلها فلم تجد منه سوى الإصرار على خطواته الثابتة تجاه السيارة الملونة كلوحة سيريالة بكل الألوان ، أوقفها بجوار السيارة وهو يهمس :" حان وقت أن تنظف طفلتي ما لوثته .. ولن أختار الطريقة ، أريد سيارتي مغسولة كما كانت منذ دقائق " وقفت بحالة نزق تهز ساقيها وتضم يديها بقبضات متوترة وهي تنظر إليه رافضة لمعاملته لها كطفلة وهو يتسلى بها ومشاغباتها ويؤكد لذاته .. هذا ما يحتاجه .. طفلة تعيد إليه طفولته الهاربة بوحدته يشعر معها شعور الطفل الذي يلوث بيديه الغاضبتين كل ما يطاله ، حتى هو لم يكسر كوباً أو يمترد على والديه فيفسد شيئاً .. ربما حان وقت المتعة !
وجدته يأخذ قبضات من الآيس كريم الملوث للزجاج الأمامي ويلقي به على الزجاج الخلفي والجانبين وهي تصرخ :" رامز هل جننت ؟؟ أم تعاقبني بأن تجعلني أنظف السيارة كاملة " ضحكاته وصرخاته أثارت تعجبها وهو يقول :" التدمير متعة حقيقية " واقف أمامها يهتز بسعادة طفولية وبراءة روح طفل وجد متعته .. أخرجت مناديل ورقية لتمدها له وهو يتجاهل يديها الممتدتين ويلوح بأصابعه :" العقاب " أدركت أنه يريد أن ينظف يديه فيها .. تراجعت تتلفت حولها وكأنها تبحث عن شيء ما في هذا الشارع يساعدها على اتخاد القرار ، لم تجد شخصاً واحداً يمكنها أن تعتمد على وجوده ، لعنت نفسها فهي من أمرت السائق أن ينحرف عن الطريق العمومي ولم تكن مدركة أن رامز قادر على متابعتها .. وهاهو يقترب .. قررت أن تقاتله بكل ما أوتيت من قوة ، أمسكت حقيبتها من منتصف يدها الطويلة وقررت أن تقترب منها فستؤرجها بدورة كاملة وتصيبه بوجهه المبتسم ذلك وعندما خرجت من تفكيرها لأرض الواقع وجدته يمسح كفيه بالمناديل التي التقطها بعد سقوطها أرضا .. اقترب منها كفهد ضاحك بدا أصغر عمراً .. طفلاً يهوى الشقاوة ، وضع يديه حولها يعانقها وهو يهمس بتهدج :" طفلتي أعدتِ إليّ طفولتي " أثارت كلماته خجلها وداعبتها بطريقة حسية .. فقررت أن تعاقبه على تكرار لفظ طفلتي ، دفعت بجسده وهي تصرخ :" لستُ طفلة أتفهم ؟؟" نظرته المتلاعبة بأعصابها تحولت لنظرات جديدة عليها لا تعرف كيف تتعامل معها أو تفك شفرتها وهو يقترب أكثر :" أعرف أنكِ لستِ طفلة بل امرأة رائعة بتصرفات طفولية بريئة وهذا ما أريده أن يكون الأمر بيننا " تراجعت خطوات .. أدرك أنها تخشاه فتوقف ليحادثها :" ما رأيك بوجبة غداء كإتفاق أولي بيننا على المعرفة ؟؟ حاولي أن تتعرفي عليّ ثم أحكمي " وأردف هازلاً :" هناك نصيحة دائمة سيدتي .. لا تحكمي على الشيء قبل أن تجربيه " وجدت نفسها تضع كفيها على شفتيها وهي تضحك بطريقتها العفوية الطفولية التي هزته من الداخل فمد يديه جانبيه كجناحين .. بدأت تتحرك أمامه وهي توافق :" ربما فنجان من القهوة يفي بالغرض "
وجدته يتبعها بقوله :" ريثما نضع السيارة بإحدى أماكن الغسيل من تلويثك لها يا طفلة " استدارت وهي تدفع سبابتها في صدره :" ماذا تريد من طبيبة أطفال ؟؟ أنا أعترف أنني أحب أن أظل طفلة مدللـة ، ما رأيك يا مشاغب يا مجنون .. رجل بحجمك ويلوث باقي السيارة هكذا أكبر دليل على جنونك " همس من خلفها وهو يفتح لها باب السيارة الذي يجاور السائق :" ربما طفل حُرِم من كل المتعة فلم يعرف غير جدران غرفته " التفت له وشهقت لرؤيتها ذات النظرة الضائعة الحزينة .. التي جذبتها إليه .. وجدت يدها تمتد خلسة متجاوزة كل المحاذير داخلها لتربت على وجنته بحنان وتفهم ، أدار وجهه ليطبع قبلته على راحتها وهو يدفع كتفها لتدخل السيارة :" هيا نبدأ مشروع التعارف " لا تعرف لِمَ أطاعته بعد تلك الكلمة المبطنة .. تخاف أن يكون ممن يجيدون التلاعب بالقلوب طالما حذرتها والدتها :" إن مقتلك في قلبك " قررت منذ رأته أنها له وهو قيصرها .. لا تعرف لماذا ولم تهتم بأن تعثر على إجابة هو فقط من ملك قلبها منذ سنة كاملة !

الفجر الخجول(مكتوبة)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن