الفصل الرابع عشر
بدا الحفل في القاعة غاية في الأناقة والرقي ببساطة متناهية حرصت ناهدة على كل شيء.. وجود أخوالها الثلاثة أسعدها و فارس الذي بدا شديد الجاذبية ، تعرَّف غيث عليهم جميعاً جلس وعروسه معهم حتى رنّ هاتفه فخرج من القاعة ليتمكن من الإستماع لمحدثه
" مبارك لك يا عريس .. أتدعو الجميع وتتجاهلني ؟" حك ذقنه الناعمة بإبهامه متلهياً بها حتى لا ينفجر بذلك السخيف :" أهلاً مازن ، شكراً لك ذوقك !" هتف الآخر بقهقة مقصياً كل كلمة سمعها ووصلته عن أذنيه كأن لم يسمع كلمة :" رغم من أنك لم تدعوني لحضور زفافك إلا أنني كصديق عمرك أتيت لأكون معك بهذا اليوم الغالي على نفسي .. وأتعلم من أيضاً معي ؟؟ داليدا "
" مازن ..اسمع " قبض على الهاتف يريد تحطيمه وهو يهمس بحنق :" أيها الوغد .. أنت وتلك الحقيرة " لكن صوت إغلاق الهاتف قطع عليه كل ما كاد يقول .. شعر أنه حيوان تم ربط ورقة حمراء بذيله يتبعها ليهاجمها فلا هو يصل إليها ولا هي تنتظر هجومه
( لو رأتها سناريا سترحل عن حياتي ) هتف عقله فرفع هاتفه يعيد الإتصال بصديقه ، ثوانٍ أحرقت أعصابه إلى أن فتح مازن بوجهه قائلاً برنة كسولة :" ماذا تريد ؟"
البرودة التي اكتسحته كانت شديدة فكال له من صقيع كلماته :" اسمعني مازن ، أنتَ تعلم أنكَ مرحب بكَ و إن كُنت لا أفضل ذلك لكنك صديق على أي حال .." و صمت ثانية ثم أكمل بشراسة :" لكن أن تأتِ تلك الوضيعة معك فهذا ما لا أقبله نهائياً لذا فقط .. احذر ، وداعاً يا .. صديقي !" و هذه المرة هو من أغلق بوجهه !
" ما بك سيد غيث ؟ إنك تتعرق بشدة " إبتسامته الشاحبة جعلتها تدرك أن هناك مصائب بالطريق .. ولكنها أعادت تفكيرها :" أيكون ذلك الضخم متوتر من الزواج ؟" ابتسمت وأرادت أن تعود للقاعة فقد تبعته فراراً من تلك العيون البنية بلون الشيكولاتة التي وضعتها داخل حصارها حتى كادت تختنق ..
" مريم هل تسدين لي خدمة ؟" توسله الغريب عليها أوقفها ، كادت تضحك ساخرة :" أين ذهب الصوت الآمر الذي لا تملك غيره ؟ بل أين اللسان السليط ؟! ليت عروسك تشذبه .. فتقتص منه عدة أمتار "اندهشت عندما أتى صوتها جاد بشكل طبيعي :" نعم سيد غيث إن استطعت سأفعل !" اقترب ليهمس بأذنها .. ابتعدت خطوة بعد لحظة وهي تصفع صدرها براحتها وصوتها المؤنب يعلو متخطية حدودها ولكنها دائماً متهورة بكلماتها وقد تندم عندما تفقد وظيفتها مثلما حدث سابق عدة مرات :" أي حثالة تصاحب ؟؟ أهؤلاء بشر ؟" كتمت شفتيها بأطراف أصابعها المطلية بعناية .. ثم ضيقت عيونها وأشارت بسبابتها للخلف بصوت مستفسر :" هل مازن هذا ؟" وتحركت قبضتيها أمام وجهه بحركات ضاربة في الهواء .. حرك غيث رأسه باسماً :" نعم " فأردفت :" وتلك الداليدا ذاتها هي " فأتت حركة مؤكدة من رأسه بنعم مرة أخرى .. جاء دورها بإيماءة خفيفة ورفعت حاجبها الأيسر وصوتها الجاد :" نعم .. سأتصرف معهما حتى لا تطلق على تلك الشمطاء كلب الحراسة مرة أخرى .. سأريها ماذا يستطيع كلب الحراسة أن يفعل ؟" ربت على كتفها .. شاكراً بلسان يلهج بالدعاء أن يمر اليوم على خير بدون منغصات لفاتنته ضاحكاً داخله من مريم التي وضح له أنها تتلصص على إجتماعاته ولكنه لم يغضب بل هو سعيد بها فقد كان شعورها تجاهها شعور أخوة بحتة .. أوقفه صوتها عن الحركة :" سيد غيث .. ما سأفعله ليس لأجلك وإنما من أجل عروسك فهي لا تستحق أن ترى تلك المناظر التي تعكر نيلنا لمجرد أنهم يشربون منه .. فما بالك بتلك الرقيقة ؟" حرك رأسه شاكراً وتركها خلفه .. برعاية العيون البنية التي خرج صاحبها من خلف لوحة عملاقة استطاعت أن تواري ضخامة جسده وقامته المديدة ، ابتسم وجهه على تلك الكلمات المندفعة التي تبادلتها تلك النحيلة حادة الكلمات متسلطة على مخدومها لا تخشى بالحق لومة لائم ..
أنت تقرأ
الفجر الخجول(مكتوبة)
Romansaنظرية الحب هو الدوران داخل فراغ ثلاثية متوازنة من ثلاث محاور متساوية هي ألفة و شغف وإلتزام فيقع المحب في الترقب والحيرة والإنتظار ثم تأتي مرحلة التنافس من يستطيع جذب طرف خيط المشاعر تجاهه ليتملك الآخر .. ولكن الماضي والحاضر والمستقبل كلٌ له دوره فى...