أمي قالت لي مرة بأنك تُشبه الرّبيع لكنّني خالفتُها وكانت المرة الوحيدة التي أُخالف أُمي بها، لشدة الوَلع داخلي، فكّرت حينها وفي كل مرة كنتُ أناديكَ بها بأنّ إسمك كان خطئاً فادِحاً قد أُرتكب، لأني منذُ أن عرفتك، منذُ أن لاقيتك، لم أرى سِوى الربيع الرَحب، الربيع الأخّاذ، الربيع الدافئ، لعلّهُ كانَ إعجاباً طفيفاً مِثل بداية خَدش، الذي لم أظُن يوماً بأنه سيُصبح جُرحاً عميقاً أخافُ من لمسه، لعلّ حِدّة حاجباي ولساني في ذلك الوقت كانت غِيرة، لقد صرختُ عليها، تخيّل؟ صرختُ على عالَمي وراحتي وملجأي من أجلك،فمن يجرؤ أن يراكَ كما أراكَ أنا!
لكنها كانت تضحك بالمُقابل، مثلك تماماً، تضحك طوالَ الوقت رغم الحُزن الذي يملأ عيناها، رغم صدمتها مني، رغم علمها بأنّ هُناكَ من يفوقها حُباً داخلي، أذكر توسع عيناها حينما قُلتُ بأنك الربيع ذاته، لا تشبهُ شيئاً ولا شيءَ يشبهُك، مِثلَ صبيٍ أحمق متسرّع، مُشتعلٌ بالغيرة لأول إعجابٍ حقيقي وآخرِ حُب، صرخت، أنظُر لكَ تتأمل السماء بأكبر ابتساماتِك، والرياحُ تلفحُ شعركَ البُني، كأنك قِطعةٌ من الطبيعة، ما زلتُ أذكر نبضَ قلبي القاسي وهو يطرق صدري بقوة في ذلك الوقت وأنا أتأملك، حينما شعرتُ بالإحتراق، حينما شعرتُك تركض فيني تفترس كُلّ دواخلي بغضب، بجشع، تستند على كل جُزء تراه مُناسباً للعيش، رُبما سبب بقائي على قيد الحياة إلى الآن هو أنت.
كلما أرتفعت وجنتاك للأعلى، كلما التفتَ تنظر إلي وفي عيناكَ حياةٌ لا تموت، في عيناكَ من الجمال والدهشة والبراءة ما يرمي قلبي نحو السماء ويضرب به الأرض في ثانية واحدة، شعرتُ بروحي تنتعش، تضحك، تُسلب وتُسحَب، تأخذني مني كما لو كنتُ حبلاً طويلاً تشده إبتسامتك وعيناك، أكثر، أعمق، حتى أنتهي مني دونَ أن أنتبه.
كُنتُ أحبك ومازلتُ أفعل، وكيفَ أنكر من هزّ عروقي، من تأجج داخلي كبُركان، من يثورُ فيني طوالَ الوقت!
أنا سيّء، جداً إلى حدٍ لا أُطيقُ به نفسي، فكيفَ تحبني؟
كيف تحب من يعلم بألمك لكنه صامِت، لا يُحاول؟
بحقْ.. توقّف عن هدرِ صفاءِك لي!
قلتُ بصوتي الجاف وليتَ بيدي المقدرة لجعله حنوناً لأجله، فها هي دُموعه تتساقط أكثر، ليتَني أجمعها قطرةً قطرة في كف يدي وأحتضنها عميقاً نحو صدري تايهيونق، لكنّ داخلي ما يُعيقني، داخلي قَلِق، مكتئب، حَزين، غيورٌ بشدة، داخلي قَبيح، جداً.. جداً.قُل شيئاً! قل أنك تكرهني رُبما سيكرهني قلبي أيضاً وسأرحل حينها بعيداً عنك، إلى الأبد!
كيفَ أكذب؟ علّمني كيفَ أكذب بحقيقةٍ لازمتني طوالَ العُمر وسأفعل، أجل، أُريدك أن تكرهني رُغم ولعي الشديد بك، أُريدك أن تتركني رغم أني أُحبك، أُريدك أن ترحل، حينها رُبما سأبكيك، سأنزلك كدمعة وسأحرص جيداً ان لا تجف على وجنتاي، سأحرص جيداً أن أتحرر منك ومني ومن كل شيء، سأحرص جيداً أن اموت حينما أُدرِك بأني أصبحتُ لا أحبك اخيراً، وبأنك لن ترمي على قبري ورداً ودموع، بأنك لن ترمي نفسكَ خلفي!
أنت تقرأ
ليالي الرَّبيع|TK
Romanceكل تلك السنين كنت أتساءل إذا ما كُنتُ حقاً أُحبك، كانَ غباءً مني أن لا أعي أنّ هذا المرَض مُزمِن. تمّت في ٢٠٢٠/١٠/١٠