#الجزء_3
بقِيَ جمال متحيراً وبقيتُ أنا أنظر إليه منتظراً جوابه، فحينها أحسستُ الحيرة على وجهه، فهو لا يستطيع الإجابة بأنها قد انشطرت من تلقاء نفسها و تكونت بهذا الشكل، لأنه قد نفى إمكانية حصول ذلك قبل قليل .
لم يطل صمته كثيراً وإذا به يجيب :
🔹لابدّ أن هناك فريقاً من المهندسين نجهلهم تعاونوا على صنع هذا الكون وإدارته.
🔸بالطبع، و هؤلاء المهندسين ليسوا مثلنا لأنَّ كَوْناً بهذه العظمة يحتاج إلى مهندسين فوق عظمته بالتصميم والتنفيذ كي لا يكونوا كالعامِل عبد الله بالنسبة إلى العمارة ذات الطوابق السبعة .
🔹نعم .
🔸هل تذكر يوم عقدنا اجتماعاً في مبنى الإدارة المحلية وذلك لتشكيل لجنة تصميم وتنفيذ مشروع المجمّع السكني ( الأنصار ) ، وكنتَ أنت أول مَن خالَف فكرة اللجنة المشتركة، وكنت تقول إن المشروع يجب أن يكون تحت إمرة وإدارة شخص واحد وإلَّا فمِنَ اليوم الأول سنُبتلَى بمشكلاتِ الاختلاف في الآراء ؟
🔹صحيح، كان ذلك في العام الماضي، ولو عمِلوا بالرأي الذي قُلتُه لهم لما تأخر المشروع ثلاثة أشهر حتى تمّ تعيين مدير له .
🔸إذاً كيف تقول الآن أنّ فريقاً من المهندسين صنعوا هذا الكون وتعاونوا على تدبيره وإدارته، وأنت ترى أن الكون منذ آلاف بل ملايين السنين باقٍ على نظامه ودقته في الحركة والتناسق، إذن من المؤكّد أنّ صانعه ومدبّره هو مهندس واحد قدرتُه في التفكير والتنفيذ فوق قدرتنا وقدرة الكون، وهذا المهندس نحن نسميه《الله》.كأنّه أراد أن يقول شيئاً لكنّه لم ينطق به حينها أراد أن يشعرني بأنه مشغول بقيادة سيارته فقال :
🔹إنّ الأطفال يحتاجون إلى إنتباهٍ خاص إليهم، خصوصاً عند اجتماع عدد منهم، فإنهم يتجرءون على العبور أمام السيارات و إن كانت تسير بسرعة كبيرة .كنتُ أنظر إليه بدقة، فجأةً يلتفتُ إليّ وكأنه تذكر شيئًا وقال :
🔹إنك لحدّ الآن لم تثبت لي الموضوع الذي بدأ حديثنا من أجله .بدأنا شيئاً فشيئاً نقترب من الشارع الرئيسي الذي يؤدي أحد فروعه إلى بيتنا، ولذلك أحسست أن عليّ أن أُثبِتَ الموضوع بأقصر وقت وإلّا سيكون حديثنا ناقصاً لم يحقق الهدف الكامل الذي قصدته، فأجبته بقولي :
🔸صحيح ما تقول، لكن لديّ سؤال أجبني عنه .
🔹لم أمنتع عن إجابة أي سؤال لك حتى الآن .
🔸ما هو هدف خلق الإنسان على هذه الأرض ؟تمَلْمَلَ قليلاً، ثم قال :
🔹ممكن أن يكون لتعمير الأرض وبنائها وإيصالها إلى مرحلة من العمران قد تكون فوق ما وصلت إليه الآن .
🔸لكن العلم الحديث أثبت أن الأرض تسير نحو الفناء، إذ سيأتي يومٌ تعادِل فيه درجة الحرارة ولا تكون هناك طاقة للتحرك، وتنعدم الحياة، ولا تبقى حينئذٍ جدوى من إعمارها كما تقول، كما أنّ الإنسان في كلّ جيل لا يشهد عمران الأرض الذي سيشهده الجيل التالي، فلا يتحقق الهدف إذن لا للجيل الأخير ولا للأجيال الحالية فضلاً عن الماضية.
🔹إذن بنظرك ما هي غاية خلق الانسان؟
🔸الغاية يجب أن تكون أبدية ولكي تكون كذلك يجب أن يكون الإنسان أبدياً، أي لا يفنى عند موته، بل ينتقل إلى عالم آخر وآخر، فهل رأيت مهندساً يصمم مبنى لينهدم بعد عشرة أو عشرين عاماً؟! أم هل رأيت شخصاً يصنع لوحةً نفيسةً وجميلةً ثم يكسرها ويحطمها؟!
🔹حتى وإن سلّمنا أن الإنسان ينتقل بعد موته إلى عالمٍ آخر، فكيف نثبت أنني أسير نحو الهلاك والخسران، كما تقول، وما علاقة هذا بذاك؟#يتبع
#تحت_أجنحة_البرزخ