#جزء_15
😥ساعةٌ مضَت من العذاب وكأنّها سنين، هناك أطلّت إشراقة صديقي مؤمن وهو يدخل المسجد وبيده قرآنه الصغير..
فتنفستُ الصعداء عند رؤيته، وتوجهَت أنظار الوحوش نحوه فتعجبتُ من عدم خوفه منهم وجلوسه جنب التابوت وقد أحاطوا به لكن ما إن فتح قرآنه وبدأ يتلو ما تيسر منه حتى لاذت الوحوش بالفِرار من كل جانب، ولم يبقَ أحدٌ منهم..🍃زالَ الألم عنّي بتلاوة القرآن ورنين آياته فقمتُ وجلست بجنب مؤمن وسلّمتُ عليه وكلمته مرةً وناديته أخرى، لكن لا جواب!
عندها قلت لنفسي يبدو أنك لا تريدين القبول بأنك خرجت من دار الدنيا وكل آدمي لا زال فيها لا يسمع كلامك ولا يرد جوابك!
حينها تمنيتُ العودة للدنيا لا لشيء الّا لأشكر صديقي مؤمن وأمسح دموعه التي تنزل من عينَيْه وتجري على خدَّيْه، وأقول له إني ما زلت بخيرٍ على الرغم من غموض المسير وجهل المصير..🌤أشرقَت شمس الصباح، وبدأ الناس يجتمعون في المسجد الواحد تِلوَ الآخر حتى حان موعد الرحيل، فحملوا النعش مسرعين ومنادين ( لا إله الّا الله محمدٌ رسول الله عليٌّ وليّ الله) وقد حلَّقتُ فوقهم..
حتى وصلوا المقبرة، فدخلوها واستقروا بجوار حفرةٍ قد هيئوها بعد أن وضعوا النعش بجنبها.😰كان خوفي عظيماً وفكري مشغولاً بظلمة القبر ووحشته وغربته ووحدته، وما هي إلا ساعةً تمضي وكل هذا الجمع العظيم سيغادر المكان، ولا يبقى غيري أنا وبدني داخل هذه الحفرة الضيّقة، وتحت هذا التراب الذي سيصَّب فوق رأسي ولا أدري ما يجري بعدها لا أدري!!
🕳 إكتمل حفر القبر وتعديله فحملوا البدن مطوياً بكفنه، ترافقه أصواتهم بالصلاة على محمد وآل محمد، ووضعوه في محلِّه ومأواه الأخير، حينها بدأ المُلقِّن بالتلقين وكلّما نطق بكلمةٍ أعدتُها خلفه وكلّما نادى "يا عبد الله" أجبتُه قائلاً "نعم إني أسمع ما تقول".. حتى انتهى من كلامه ونادى الحاضرين بالصلاة على محمد وآل محمد مرةً أخرى..
🥀وما إن أكملوا صلاتهم حتى بدأ إثنان منهما بإلقاء التراب على البدن المسكين ولم يتركوه إلا بعد أن إمتلأ ما فوقه وتساوَت الأرض معه ونثروا الزائد من ترابه هنا وهناك..
بدأ المشيعون بمغادرة المكان الواحد تِلوَ الآخر جمعاً وفُرادى وأنا أنظر إليهم وأسمع كلامهم..
ذهب الجميع ولم يبقَ غير صديقي مؤمن إذْ قال لهم إني سأبقى معه ساعةً أخرى، كي لا يستوحش سعيد في أول دخوله قبره ولأُعيد عليه تَلقين الشهادتَيْن مرةً أخرى حتى لا يكِّل لسانه بنُطقِها ولا يتردد في جوابها عند سؤال الملَكيْن إيّاه...#يتبع
#تحت_أجنحة_البرزخ