#جزء_16
أحسست بشيءٍ ما يجرني نحو بدني، فدخلتُ القبر معه ولم أستوحش منه بالرغم من إحساسي بألم الفراق وضيق الآفاق، وذلك لِعلمي بقرب مؤمن، وأنسي بقراءة القرآن..
مضَت ساعةٌ على هذه الحالة حتى غادرني مؤمن وغادر النور معه، وبقيت وحيداً في منزلي!
وازدادَت ظلمة قبري وعَظُم خوفي ووحشتي،
وإذا بالنداء يأتي من فوق القبر ومن تحته وعن يمينه وعن شماله، فأطرَق سمعي وشغل فكري وهو يقول :
《أنا بيت الوحشة أنا بيت الغربة》
😰أصابني هول شديد ووضعت يدي على رأسي وصرخت بأعلى صوتي :
من المنادي؟
ومن أين هذا الصوت الذي أرعبني؟
عاد الصوت مرة اخرى ولكن بشدة اكبر وصدى أكثر، ثم أضاف ألا تعرفني من أنا؟انا بيت الوحدة والغربة! انا بيت الوحشة والدهشة!
🔹أنا القبر الذي دُفن فيه بدنك.
قلت :
عجباً وهل القبر الذي كله جماد يتكلم؟
قال:
نعم (أنطقنا الله الذي أنطق كل شيء)
ولا تتعجب فإن كل شي في هذا العالم حيّ ينطق كما نطقت لك، ويشهد عليك بما فعلت! ولكن الذين بقوا في الدنيا لا يعلمون ذلك،
فهم يستخدمون الجمادات ولا يعلمون انها سوف تشهدُ عليهم، وترى بعضهم يصنعون السِياط ووسائل التعذيب ليؤذوا بها المؤمنين وهم لا يعلمون أن نفس السياط سوف تشهد عليهم وعلى ظلمهم!سكت قليلاً ثم عاد ليقول :
🔹إنك سوف ترى العجائب والأهوال عندي أولها ضغطتي عليك!قلت مع نفسي : بسم الله هذا ما أخبرنا به الرسول والأئمة الأطهار عليهم السلام، فكم قرأت في دنياي عن ضغطة القبر وأنها شديدة تُخرج زيت البدن منه وتُهشِّم العظام وتكسر الأضلاع و و ؟
😭آه آه والويل لي كيف سأتحملها أم مَن يُنقذني وينجيني منها ؟ وبدوامة الأفكار هذه كاد يُغمى عليّ لولا أملي بالنجاة، وتذكري مقامي في الجنة الذي رأيته عند الإحتضار، لذلك عزمت على سؤاله فقلت له :
وهل هناك سبيلٌ للنجاة من ضغطتك هذه؟؟قال:
❗️الآن كلا كان السبيل لديك في الدنيا فلماذا أهملته ولم تعمل بما قرأته يوم ذاك؟؟؟؟سمعت ما قاله وتذركت أني عملت بما قرأته في دنياي، فسألته متعجباً:
🔸 لعلك نسيت إذ أنني عملت بها، فهل ترغب بتذكيرك إياها!
👈🏻نعم كانت الأولى #كفران_النعم، وقد سعيت واجتهدت في شكر نعم الله ما استطعت،
👈🏻والثانية #إجتناب_النجاسات وقد إجتنبتها،
👈🏻والثالثة #الغيبة_والنميمة وقد تركتها،
👈🏻والرابعة #سوء_الخلق مع الأهل وقد كنت حسن الخلق مع زوجتي وطفلي فماذا تقول في ذلك ؟أجابني بصوته الخشن :
🔹صحيحٌ ما تقول، ومن جعله الله شاهداً عليك لا يخطئ ولا ينسى، ولكن شُكر النعم الذي تقول إنك أديته، إنما الكثير منه لقلقة لسان فقط فعندما كنت تقول الحمد لله لم تكن تستحضر في قلبك ذلك، ولم يختلط معه الخشوع والذلّ بمقابل المحمود عندما تحمده، أما مع انسان آخر مثلك فعندما يقدِّم لك خدمة صغيرة تشكره وفي قلبك إحساسٌ بمِنته عليك وكأنك تستحي منه وقد تشعر أن شُكرك إيّاه لا يعادل خدمته لك، فتنوي منحه هديةً ما، أو تجازيه بخدمةٍ أخرى..
والآن قل لي هل كانت كل هذه الأحاسيس لديك عندما كنت تقول (الحمد لله)؟؟تحيرتُ في إجابته وماذا عساي أن اقول له! لذا التزمت الصمت ولم أجبه فعاد مرةً أخرى ليقول :
ولايكفي ما ذكرته! لأن شُكر النعم لا يكون كاملاً إلا بأداء حقّها العملي!
فمن رزقه الله المال عليه التصدق ومراعاة الفقراء وأداء الحقوق الشرعية المترتبة عليها (كالزكاة والخمس)...
ومن رزقه العافية فعليه صرف قدرته وعافية جوارحه في الله ومن أجل الله وفي خدمة الدين والناس...
ومن رُزِق الجاه والمنصب فعليه العدل بين الناس وأداء حقوقهم بما يتناسب مع منصبه ومنزلته...😐إلتزمتُ الصمت مرةً أخرى، فليس عندي شيء أدافع به عن نفسي، وأصابني اليأس من النجاة منه، ولكن في هذه الأثناء تذكرت أنني قرأت ذات يومٍ في كتاب منازل الآخرة أذكاراً تخفّف على الإنسان ضغطة القبر، وقد إلتزمت بها وداومت عليها فلعلّها تشفع لي الآن..
حينها رفعت رأسي قائلاً:#يتبع
#تحت_أجنحة_البرزخ