#الجزء_23
فإذا بها تقول :
🔹 إنّ كل ما تراهُ هنا هو تجسُّم لأعمالك في الدنيا، وأنت بحاجة إلى نقاءٍ أكثر حتى ترقى إلى مَوضِعٍ أفضل ممّا أنت فيه..
أجبتُها متسائلاً:
🔸حتى أنتِ وهذا السرير الذي جلست عليه هو تجسُّم لأعمالي ؟
🔹 نعم
🔸 بالله عليكِ أخبريني أيّ عملٍ تجسَّمَ بصورتك هذه؟
🔹 أمّا أنا فقد خُلِقتُ منذ وقتٍ طويلٍ على أثر ذكرٍ وتسبيحٍ وتهليلٍ كان بتدبّرٍ وخُلوصٍ لله، وكذلك هذه الأشجار التي تراها والمتباينة في الشكل والجمال، إنّما هذا التباين يتبع التفاوت في درجة أذكارك .
🔸 لَم تخبرني عن السرير الذي كنت جالساً عليه.
🔹 أمّا السرير فهو تجسيمٌ لإيوائك مسافر ذات يوم أدخلته ساعةً في بيتك فوقيته حرّ الظهيرة.أصابتني الحسرة والندم على أوقات عمري التي انقضَت ولم أملأها بذكر الله لكنّ الحسرة والندم لا يُجدي!
تمعنتُ جيداً في ثمر هذه الشجرة، فرأيته أشبه بالتفاح، لكنّه بألوانٍ متعددة فنَويتُ الطلب من بعضها ولكن قبل أن أتفوَه بكلمةٍ واحدةٍ رأيتُ الثمر يتساقط أمامي واحدة تِلوَ الأخرى وبعدد ألوانها، فتحيَرتُ بأيّها أبدأ!
🏞تجولتُ في أنحاء الحديقة فرأيت الطيور المضيئة بألوانها الزاهية وتغاريدها المطربة تطير بين الأشجار ومن مَوضِع إلى آخر، ورأيت الأنهار تشقّ الحديقة بشكلٍ هندسيٍّ رائع لتَجري وتشكِّل شلالاتٍ جميلة امتزجَت أصواتها فتَكَونَت نغمة موسيقية عذبة..
لم تكن الأنهار من نوعٍ واحدٍ، فكان الأول نهر ماءٍ عذب، والآخر لبَنٌ ناصِع البياض مُصفَّى، والآخر تُسمى مادته خمراً لكنه بأيّ طعمٍ لذيذٍ ورائحةٍ عطِرة كان! إنّه لا يشبه خَمْر الدنيا سِوى إسمه.بينما كنتُ أتجوَل وأنظر يميناً ويساراً مبهوراً ممّا أراه، وإذا بشخصٍ في غاية الجمال والبياض يتقدم نحوي ويسلِّم عليّ فأجبته :
🔸وعليكَ السلام
أحسستُ براحةٍ كبيرةٍ عند رؤيتِه، وبدأتُ الحديث معه وعرضتُ أسئلتي عليه فقلتُ له :
هل يمكن أن تخبرني مَن أنت؟ وماذا تفعل هنا ؟
قال :
🔹 أنا خلاصة أعمالك الحسنة، قد كنت معك في الدنيا، وسأكون معك على طول مسيرتك في عالَم البرزخ .
🔸 لكنّي لم أرَكَ قبل هذا الوقت !
🔹 إنّ الإنسان في الدنيا لا يرى سِوى ظاهر عمله، غافل عن باطنه وحقيقته الملكوتية التي هي مرافقة له لحظة الأداء ولا تَظهر له إلا بعد كشف الغطاء عنه .
🔸وماذا بعد البرزخ؟
🔹وبعد البرزخ سيكون لي دورٌ يتناسب مع عظمة الحِساب والأهوال يوم ذاك..
🔸 إذاً قد فُزتُ ونجوَتُ .
🔹كلا إنّ أمامَك الكثير من الأهوال والمصائب وأنواع العذاب سوف يُصَبُّ عليك! وكلّه آثار أعمالك السيئة! وكل عذابٍ يُصيبك في البرزخ سوف يطهّرك أكثر وأكثر حتى تنقَى .🔸وماذا سيكون دورك في كل ذلك؟ وأين رفقتك لي في تلك الأهوال والمصائب ؟
🔹 إنّ لي حداً محدوداً في مرافقتك والسعي لنجاتك إذ أن لديك ملَكَاتٌ فاسدةٌ ومعاصي إرتكبتها ولم تَتُب منها ولا بدّ لكَ مِن أن تذوق عذابها، وفي ذلك كله سأكون بعيداً عنك حتى تطهَر منها..
🔸وماذا عن العقرب الذي في قدمي وكيف الخلاص منه ؟
🔹 إنّ هذا أمر متعلق بالشخص الذي يَطلِبُك مالاً ولم تؤدِه إليه، وسوف لا يزول عنك حتى تؤدي دَيْنه أو يُبرِئُك منه .
🔸وماذا بِوسعِك أن تساعدني في هذا الأمر؟
🔹سوف أبذل قُصَارى جُهدي لمساعدتك ونجاتك منه إن شاء الله والآن لا بدّ من مفارقتك على أمل اللقاء مرةً أخرى..#يتبع
#تحت_أجنحة_البرزخ