#الجزء_7
وكلّما تضيق الدنيا بي وأحسّ بخوفٍ واضطراب لِمَا سيؤول إليه مصيري تلوح في الأفق أمامي كلماتُ الإمام زين العابدين (ع) التي كنت كثيراً ما أقرؤها في دعاء أبي حمزة الثمالي فأقتبس نورَ الأمل منها خصوصاً عندما يقول :
🙏🏻《فأعطِني من عفوك بمقدار أملي ولا تؤاخذني بأسوأ عملي، فإنّ كرمك يجلّ عن مجازاة المذنبين، وحلمك يكبر عن مكافاة المقصّرين..》
أو عندما يقول :
🙏🏻《إلهي إن أدخلتني النار ففي ذلك سرور عدوك، وإن أدخلتني الجنة ففي ذلك سرور نبيّك، وأنا والله أعلمُ أنّ سرور نبيّك أحبّ إليك من سرور عدوك .》ذات مرةٍ إستحضرتُ هذه الكلمات في قلبي و أسكنتُها فيه فأحسست بشيءٍ من الراحة والطمأنينة، وكأنّ جيوش الرحمن قد حلّت ورايات الأمل أضاءت..
حينها حملت مرتضى وذهبت إلى البيت إذْ ساد الظلام وظهرت النجوم مضيئةً في وسط السماء، فتركت مرتضى داخل البيت وخرجت إلى الحديقة الأمامية لأستنشِقَ الهواء، وإذا جرس التلفون يدّق،
أسرعتُ إليه، ورفعت سماعته لأسمع صوت مدير الشركة وهو يقول بعد أن حيّاني بتحية الإسلام :
🔹مهندس سعيد أردتُ أن أسألك عن السقف الخامس للمبنى رقم 60 هل هو حاضرٌ للصب غداً ؟
🔸هناك نواقِصٌ قليلةٌ فيه، لكن يمكن إصلاحها غداً إن شاء الله، وسأكون قبل الظهر هناك لِأُشرِف بنفسي على إتمامها .
🔹 يعني هل يمكن التوصية على الصبّ بعد غدٍ ؟
🔸 يمكنُ لك ذلك .
أ أ .. مهندس أرجو أن لا تقطع الاتصال.
🔹 تفضّل هل هناك شيء؟
🔸نعم إنّ لديّ حديثاً معك بشأن مهندس جمال، وقد يطولُ الكلام فيه ولا يمكن طرحُه عبر الهاتف.. فهل تسمح لي باليسير من وقتك للتحدث بشأنه ؟
🔹هل تريد أن تأتي غداً الساعة الرابعة عصراً إلى المكتب ؟
🔸 أنا أودُّ أن يكون الحديث سرّياً، إذ أنّ موضوعه يتطلب ذلك، وأُفضِّل أن يكون ليلاً تجنباً لتعثره بسبب كثرة المراجعين لكم .
🔹 لا بأس بذلك، يمكنك أن تأتي الساعة التاسعة ليلاً إلى بيتنا وسأكون بانتظارك غداً هناك .
🔸وماذا لو كان اللِقاء هذه الليلة، يعني الآن ؟
🔹الآن ؟! ولماذا كلّ هذه العجلة فهل الأمر يستوجب ذلك ؟
🔸نعم يستوجبُ كثيراً .
🔹حسناً سأكون بانتظارك من الساعة التاسعة إلى العاشرة .
🔸أشكرك وفي أمان الله .يبدو أن الوقت سيدركني، فعليَّ تحضير العَشاء لمرتضى فقد بدَت عليه علامات الجوع، وليس من الصحيح أن يبقى هكذا .
على كلّ حال وصلتُ في الوقت المناسب إلى بيت مدير الشركة، وتمّ اللقاء في بيته، وبدَت عليه علامات التعجب والتأسف كثيراً لما كان يسمعه بشأن جمال، وبدأ يضرب أخماساً بأسداسٍ عندما تكشَّفت له أمورٌ كان غافِلاً عنها وبأدلةٍ لا يمكن حملها على أمرٍ آخر، فأحسستُ بثِقلها عليه كلّما صارحتُه ببعضها، وفي المقابل كنت أحسّ بخِفَّة الثقل عني شيئاً فشيئاً وكأني أرفع صخرةً بعد أخرى من على ظهري، لِأضعها على عاتِقه وأُلقِي بمسؤليتها نحوه..
توقفتُ عن الكلام، وذهب في تفكيرٍ عميقٍ رفع رأسَه بعدها وقال :
🔹لكن لماذا لم تصارحني بذلك قبل هذا الوقت ؟
🔸كنتُ أتأمل منه أن يعود إلى رشده ويعيد الأموال إلى محلِها كما كان يعِدُ بذلك بين مدّة وأخرى، ويلمّح على أنها قرض لا أكثر، وله صلاحية التصرف بها .
🔹إنّه سيأتي غداً قبل الظهر إلى المبنى رقم 60، أرجو أن لا تكلمه بشيءٍ عن حديثنا هذا، فإنّي أعلم كيف سأتصرف معه.#يتبع
#تحت_أجنحة_البرزخ