#الجزء_2
لكن ما إن أردتُ العبور إلى الناحية الثانية من الشارع حتى سمعت نداءً من مكانٍ قريب..
إلتفتُ و إذا به جمال يقول :
🔹 سعيد إلى أين تذهب تحت أشعة الشمس المحرقة ؟
🔸 إلى البيت .
🔹 عجباً لأمرك ألا تحس بحرارة الشمس على بدنك ؟
🔸 حقيقةً أنني لم أحس بحرارتها إلّا أن أخبرتني بها لأني كنت مشغولاً عنها..هزَّ جمال رأسه و فتح باب سيارته، لكني رفضتُ الصعود معه بشدّة ، فأصر أكثر و أخذ بيدي يجرها إليه..
حينها رأيتُ أنَّه ليس من اللائق أمام أعيُن الناس ذلك ، فقررت الصعود معه بعد أن شرطتُ على نفسي إستثمار الطريق بدعوته إلى الصواب و نهيه عما يفعله..
وما إن أغلقتُ باب السيارة حتى بدأ كلامه من جديد :
🔹 إنني كثيراً ما أفكر في أمرك و أكاد أبكي على حالِك، فكيف بمهندسٍ مثلك يعيش حياة البسطاء، ويكاد يفقد أبسط وسائل الراحة كالسيارة مثلاً ؟أجبتُه قائلاً :
🔸 بل إنني أعجبُ مِن أمرك كيف تقود سيارة ذات طراز حديث، و تعيش في بيتٍ ذي ثلاث طوابق مجهز بالتبريد و غيره وقد أُسِّس على مالٍ حرام ؟
🔹ألا ترى أنني أحسن حالاً و مالاً منك ، فأنت لا شيء عندك و أنا عندي كلّ شيء، فهل هناك عاقل يحكم بخطأ طريقتي في الكسب والعيش ؟لم أكن مهيأً للدخول معه في نقاشٍ كهذا، لذلك حاولتُ التأخير في الإجابة لغَرضِ التفكير في كيفية الاستمرار معه حتى ظنَّ أنني استسلمت إليه و لم يبقى عندي ما أقوله، فبادر قائلاً :
🔹 عزيزي إنني لا أريد إلا الخير لك و .......قاطعتُه بقولي :
🔸 مهلاً مهلاً يا جمال ! أرجو أن لا تعتبر صمتي استسلاماً لرأيك، فإنَّ من عادتي التفكير قبل كل كلامٍ أنطقُه، كما إنني أسألك بأي دليلٍ تحبُ أن أثبت لك بأنك تسير بطريقٍ آخره الهلاك و الخسران ؟
🔹 أنا لا أؤمن إلا بالعلم الحديث والكمبيوتر، و أرجو أن تدعنا من الأحاديث و الروايات التقليدية التي مُلِئَتْ بطون الكتب القديمة بها .
🔸حسناً، و أنا أعدُك أن لا أذكر لك شيئاً من ذلك، ولكن أسألك كيف تَوَصل الإنسان إلى هذه المرحلة من التطور و صناعة الأجهزة الحديثة و غيرها ؟
🔹 بالعقل و التجربة.
🔸 إذاً يمكن لنا أن نستخدم العقل في حديثنا.
🔹 لا بأس بذلك.
🔸 لو أخذتُكَ إلى عمارةٍ بسبعة طوابق، يحوي كل طابق على سبع شقق سكنية مؤثثة و مجهزة بنظام التبريد و التدفئة المركزي للهواء والماء، ولديها ارتباط كمبيوتري فيما بينها، و ذات شكل معماري خلاب يجلب إليه الأنظار، ثم أقول لك أنَّ العامِل عبد الله هو الذي كان المصمم و المنفذ و المشرف على هذا المشروع.. فهل تصدّق ذلك وأنت تعرف جيداً أن عبد الله لا يعرف حتى القراءة و الكتابة ؟
🔹 إنَّ مبنًى كالذي تقول يحتاج إلى فريق من المهندسين لتصميمه وتنفيذه ولا يمكن لعبد الله أن يتوَرَط بمثل هذا المشروع!🔸و هل يمكن أن تقول أنها صُمِمَتْ ونُفِذت دون تَدَخُّل أيّ شخص، أي أنَّ موادها من الطابوق والإسمنت والرمل وغيره قد تَجمعَّت مِن تِلقاء ذاتها و كَوَنت لنا هذا المبنى ؟
🔹هذا لا يمكن .
🔸إذاً بنظرِك مَنْ صنع الإنسان والشمس والقمر والنجوم والكواكب والمجرات بهذه الدقّة العجيبة التي أثبتَها العِلم الحديث بوسائله المتطورة ؟#يتبع
#تحت_أجنحة_البرزخ