الجزء ١٩

55 9 0
                                    

#الجزء_19

وبينما أنا في تلك الدوامة من الفكر الذي إختلط به أنين الألم، وإذا بصوتٍ مرعبٍ مهولٍ يملأ القبر، فهو كصوت الرعد في السماء!

😨 نظرتُ إلى صاحبي الذي كنت أتحدث معه فإذا به مبهوراً من ذلك وإتخذ جانباً من القبر مع رفقائه ليراقبوا ما سيحدث، أما أنا فكنت أكثر إضطراباً عندما رأيت كائنَيْن دخلا القبر بهيئةٍ ذات ملامح عجيبةٍ غريبةٍ وهيبةٍ عظيمةٍ مخوفةٍ توحي إلى عِظَم شخصيتهما، فلم أرَ مثلهما مخلوقاً قَطْ في عالم الدنيا، كانت أبصارهما كالبرق الخاطف وأصواتهما كالرعد القاصف!

بادرني أحدهما بالسؤال قائلاً :
🔸- أجِبنا من ربّك ؟

تذكرتُ ماقرأته سابقاً في الكتب عن الملكيْن منكر ونكير، وأنهما يختصّان بسؤال الميت عن عقائده، حينها سألتهما :
🔹- هل أنتما منكر ونكير ؟

قال الآخر :
🔸- نعم ولا بدّ لك من الإجابة على أسئلتنا كي نعلم صحّة عقائدك، وأنها نابعة من الإيمان القلبي، لا من تقليدٍ ولقلقة لسان.
والآن أجب عن السؤال الأول دون تأخير:
🔸من ربك ؟

كان سؤاله للمرّة الثانية بغضبٍ أكثر وصوتٍ أعلى، حينها أسرعتُ بالإجابة فقلت :
🔹- ربي .. ربي ..

❗️يا إلهي إنّ لساني غير قادرٍ على نُطق ما أردت نُطقه ! بل نسيت ما نوَيت قوله ونوَيت الإجابة به، فأصبحت أنظر إليهما تارةً وإلى الكائنات المنيرة تارةً أخرى لعلّ أحدهم يُسعفني، وبدلاً من ذلك رأيت شخصاً أسود اللون كالقير، قبيح الشكل، موحِش المنظر، قد برزَت أنيابه فزادته قباحةً فوق قباحته وبدَت منه رائحة كريهة زادتني نفوراً منه.

بدأ يقتربُ منّي حتى إستقرّ أمامي وقال :
▪️- أراك كَلَّ لسانك عن النطق وتعثرت في الإجابة، ولكن لا بأس عليك فسوف أنقذك من مأزقك، قُل إنّ ربّي أنتما الملكين، وكلّ شيءٍ بيديْكما، ألا ترى قوتهما وتسلطهما عليك! فلو شاء أحدهما أن يحرقك الآن لفعل.
▪️وعلى فرض أني أكذبُ عليك كما تظن، ففي جميع الأحوال إن أجبتَ بما قلتُه لك، فسوف تنجو منهما لأن أي شخص تمجّده وتمدحه فسوف تغمره نشوة الكبرياء والسلطة، وسوف يعفو عنك، بل قد يكرمك ويكافئك على تمجيدك إياه.

😥 كنت متحيراً في أمري بين كلام هذا القبيح الأسود، وبين ما كنت أؤمن به من توحيد الله، فتساءلتُ مع نفسي لماذا لا يبرز هذا الإيمان بهيئة جوابٍ للملكين ؟ فهل إنّ توحيدي لله لم يكن خالصاً في الدنيا ؟ أم أنه كان سطحياً لم يتوغل في أعماق قلبي ولم يُعجَن مع روحي التي لم تفنَ حين موتي ولن تفنى حتى الأزل.
إذ أنّ ضُعف الإيمان والتوحيد تجسّد بهذه الهيئة من التعثرات في الجواب، وبينما أنا في تلك الدوامة من الفكر وإذا بأحد الملكيْن يصرخ في وجهي :
🔸- لماذا لم تجب حتى الآن عن سؤالنا ؟ ألم تعلم من ربّك ومن كنت تعبد ؟!

😰 وقبل أن أبدأ كلامي المتعثر من جديد سمعتُ أحد الكائنات النورانية ينادي :
✨- قُل ربّي الله، قُل ربّي الله الذي لا إله إلّا هو.

بعدها نادَت جميع الكائنات النورانية بصوتٍ واحدٍ منتظم :
✨قُل ربّي الله، قُل ربّي الله الذي لا إله إلّا هو.

وبعد أن سمعتُ كلامهم قلَّ إضطرابي واطمئن قلبي وانطلق لساني، فقلت :
🔹- ربّي الله ربّي الله الذي لا إله إلا هو الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر.

تنحى القبيح جانباً وكأنّه فشِل في مهمته السيئة، وبَقِي ينظر إليّ بنظرات حِقدٍ وشرّ منتظراً فرصةً أخرى يتدخل بها.

#يتبع
#تحت_أجنحة_البرزخ

#قصة_تحت_أجنحة_البرزخحيث تعيش القصص. اكتشف الآن