الجزء ٣٢

49 9 0
                                    

#الجزء_32

✨بينما كنّا نتحدث و إذا بثلاث وجوه منيرة أقبلت علينا، اقتربَت أكثر فأكثر فتمعنت فيها وإذا بها نفس الكائنات النورانية التي اجتمعت حولي في القبر، إنها الولاية والصلاة والصوم جاءوا ليباركوا لي نجاتي وخلاصي من نار البرزخ.. اجتمعوا حولي وتذكرتُ إجتماعهم أيام القبر الأولى ووعدهم لي باللقاء مرّةً أخرى..

💫انقضت الأيام الثلاثة فأخبرني عملي الصالح بأنه إستلم الإذن بمغادرة المكان والإنتقال إلى وادي السلام، حيث هناك مستقرّ المؤمنين، وجنّات عدنٍ التي وَعد الله عباده المتقين ...

تهيأنا للسفر وسألتُ عن كيفية الذهاب فقال :
هناك دابةٌ سوف تأتينا لنستقر على ظهرها ونرحل .

جاءت الدابة وبدأنا الرحيل أنا وعملي، إذ لا رفيق لي غيره، ولا أنيس لي سواه..

🌿سألته في الطريق عن مسائل عدّة منها عن جبل النار فقال:
🔺إن جبل النار هو تجسّم لصفة التكبّر عند الانسان ويحوي على أنواعٍ من العذاب هي تجسمات لآثار ذلك التكبر..
كما أن درجة العذاب فيه تختلف من شخصٍ إلى آخر تبعاً لدرجة تكبره ومعاصيه حتى تصل إلى المتكبرين على الله تعالى.. و أما ما كان مقرراً لك فهو من أدنى درجاته!
🔹 وماذا عن الوحوش المفترسة الجائعة في الوادي المظلم المعتم بعد جبل النار ؟
🔺 إنها حالات الغضب التي كانت تعتريك وتجعلك كالوحش المفترس لمن تغضب عليه، إذ كنت تُنحِّي عقلك جانباً ويغمرك ظلام الجهل المعتم الذي لا يسمح لك بالنظر إلى من تغضب عليه إلا بمنظار سَورة الغضب الضيقة .

✨إستمر بنا الحديث ونحن محلقين على الدابة التي كانت تسير بسرعةٍ لا توصف، أظن أن سرعتها كانت تفوق سرعة الضوء! والعجيب أننا كنا لا نشعر بتلك السرعة وكأننا في طائرة مغلقة ومكيّفة !

كان يغمرني شوقٌ كبير لرؤية جِنان البرزخ التي كثيراً ما قرأت عنها في الدنيا وشوقي للقاء أحبتي كان أكبر، تذكرتُ والدي ووالدتي و أهلي وزوجتي.. لا أدري أين مستقرّهم الآن، وهل نجُوا كما نجوت، أم مازالوا ...

💫بينما كنت غارقاً في عالَم الفكر والخيال، وإذا برائحةٍ عطرة عذبة تغمر مشامي وتُخرجني من عالَم فكري، نظرت لِما حولي فرأيت خُضرةً واسعة ليس لها حدود .
لم تمضِ دقائق حتى توقفنا عندها واستقرت أقدامنا فوقها..
إستأذنَتْ الدابة للذهاب، وحلّقَت بحناحَيْها الشفافَيْن إلى حيث يشاء الله لها..

قال عملي وقد أشار إلى أحد الجهات :
🌿 لنترجّل قليلاً إلى تلك الأشجار المثمرة حيث هناك نهر ماءٍ عذبٍ وثمار مختلفة ..
ذهبنا وأكلنا من أنواع الفاكهة التي لا عَيْن في الدنيا رأت لا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر! كانت من الألوان بما لا تعد ومن الطعم بما لا يوصف، ومن الرائحة بما لا يرغب من يشمها أن يبتعد عنها ويفارقها .

قال عملي :
🔸 إن هذا الذي تراه هو مقدمة لجِنان البرزخ وما ينتظرك أكبر وأكبر .
🔹وماذا عن جِنان الخُلد بعد يوم القيامة ؟!
🔸 أمّا نعيم جنان الخلد فلا أستطيع وصفه لك الآن لأنك لن تستطيع أن تتخيل أو تتصور ما أقوله لك!
ولكن إعلم أن كل ما تراه من جنة ونعيم وثمار وأشجار وحور وأنهار ولذة في عالم البرزخ، إنّما هي صور وانعكاس لحقيقة النعيم والجنان والحور والأنهار واللذات في عالم الأبد بعد الحشر والحساب .
🔹 وهل تعني أننا نعيش الآن في عالم الظلّ والخيال ؟
🔸 كلا، ولكن أقصد أن درجة الإحساس بلذات عالم البرزخ لو قارنتها مع عالم الأبد، لكان الفرق بينهما كالفرق بين لذّتك عندما تنظر إلى صورةٍ معلقةٍ على جدار وتحوي منظراً جميلاً فيه جبال وشلالات وورود جذابة، وبين لذّتك عندما تذهب إلى مكان ذلك المنظر وتعيش فيه بروحك وبدنك!

ثم أقبل علينا ملك في غاية الجمال فسلّم علينا وقال...

#يتبع
#تحت_أجنحة_البرزخ

#قصة_تحت_أجنحة_البرزخحيث تعيش القصص. اكتشف الآن