الجزء ١٤

53 11 0
                                    

#جزء_14

قال :
🔹 قُل ما عندك .
قلتُ :
🔸كنّا في الدنيا نخاف حتى من إسمك، ونتصور أنّك تأتي لتقبض الأرواح بقسوةٍ شديدةٍ وصورةٍ موحشةٍ، أمّا ما رأيته الآن خِلاف ذلك.

🔹إنّ ما تقوله صحيحاً، بل أشدّ قسوةً ووحشةً ممّا كنتَ تتصورَه، ولكن هذا حين وصول أجَل الكافر و #العاصي.. إذ آتِيه بهيأةٍ وحشةٍ ومرعبةٍ، فيكون ذلك أول عذابه حين موته، وأنزع روحه بسيخٍ من نار، فيصرخ ويستغيث ولا مغيث له..

ثم فارقني فأحسست بغربةٍ ووحشةٍ شديدةٍ حتى رأيتُ الجنازة قد حملوها بعيداً عني فأسرعتُ للّحاق بها..

🚐كانت السيارة تسير بسرعةٍ بالغةٍ بعد أن وضعَت الجنازة فوقها وإستقلَّت عدداً من الناس داخلها كان مؤمن أحدهم، وقد سررتُ كثيراً عند رؤيته وهو مشغولٌ بقراءة القرآن والدعاء حتى وصلنا المقصد، وهو مكتبٌ للفحوصات الجنائية فحملوا الجنازة إلى إحدى الغرف الخاصة، حيث تمّ إجراء الفحوصات اللازمة عليها، وبعدها أعطوا الإذن بحمل الجنازة لدفنها..

حملوها وأعلنوا أن مراسيم التشييع ستكون الساعة الخامسة بعد الظهر بعد أن أخبروا أقاربي بِما حدث واتفقوا معهم على موعدٍ ومكانٍ للتغسيل والتكفين والتشييع..

كنتُ أحسُّ بعلاقةٍ غريبةٍ تشدّني إلى جنازتي، وأينما كانوا يحملوها أسرِع معهم للّحاق بها.. ورغم ذلك لم تغِب عن مُخَيلتي أنوار المعصومين والجنّة التي تمثلَت لي، وقدح ماء الكوثر الذي تذوقته عند الإحتضار حتى نسيت ضغطة القبر التي تنتظرني، لذا كنت أنادي بمن يحمل جنازتي أن عجِّلوا بي إلى مثواي وغايتي!

إنتهت مراحل التغسيل والتكفين على هذا البدن المسكين الذي كانوا يُقلِبونه يميناً ويساراً ويلقُون عليه الدلوَ تِلوَ الآخر من الماء، بعدها طُوِيَ بالكفن الأبيض والناس على ذلك بين مدهوشٍ ومبهورٍ وبين مَن يستعجل الإنهاء ليلحق بعمله ويغرق مرةً أخرى في دنياه، وكأنّ الموت كُتِب على غيره دونه!

⚰وضعوا الجنازة مرةً أخرى في التابوت وأرادوا حملها، وإذا بشخصٍ يأتي مُسرعاً ليُخبِر الحاضرين بأنّ الدفن أُجِّل إلى غدٍ لحصول مشكلةٍ في شراء أرض القبر وتحديد مكانه..
و أُمِرَ بحمل الجنازة إلى مسجد المحِّلة لِتَبيتَ هذه الليلة فيه..
🕌 حَمَلوها وتَبِعتُهم وحَلَّقتُ فوقهم وقد أصابني قلقٌ واضطرابٌ شديدَيْن ممّا سيؤولُ إليه مصيري، وكيف سأقضي هذه الليلة ومَن سيكون مؤنسي، حتى وصلوا بي إلى المسجد ووضعوا الجنازة في جانبٍ منه وبدءوا يأتون جمعاً وفُرادى ليقرأوا الفاتحة عليها..
وكثيرٌ منهم يُتمتِم بلسانه رياءاً دون قلبه، فأشمئزُ منه إذ لا تنفعني فاتحته بشيءٍ وليتَه يفسح المجال لغيره فلعلَّه يأتي من يُعِينني بنسمة أُنسٍ بقراءته!

🌌إزداد سواد الليل وبدأ الحاضرون يغادرون المسجد شيئاً فشيئاً ممّا يزيد وحشتي في عالَمِي الجديد.. حتى خلا المسجد تماماً إلّا مِن شخصٍ أجبروه على البقاء فيه، لكن أيّ شخصٍ انتخبوا! بل أيّ حيوانٍ مخيفٍ وقبيحٍ تركوه معي! وهو لا يعرف آيةً من القرآن أو كلمة دعاء !
فلم يكن فقط غير مؤنسٍ بل إزددتُ وحشةً وخيفةً منه!
غطَّ هو بنومٍ عميقٍ، أمّا أنا فجلست في زاويةٍ من المسجد كنت أخلو فيها وحيداً لقراءة القرآن في عالَمِي الدُنيويّ فأحسستُ بإطمئنانٍ وسكونٍ أكثر فيها ..

نظرتُ إلى جنازتي وإذا بوحوشٍ مخيفةٍ مرعبةٍ قد إقتربَت منها وأحاطَت بها وتهيأَت لإفتراسِها.

😨يا إلهي! ماذا أفعل وليس لديّ سلاحٌ فأتجرأ به على الإقتراب منهم وإبعادهم، وكلّما دنَوْت منهم توجهوا نحوي وألقُوا عليّ نظراتٍ مخيفةٍ أكاد أذوب من هَولِها، وكلّما وضعوا أنيابهم على جنازتي أحسّ بألمٍ شديدٍ لا يُطاق وكأنّهم يقطعون روحي ويمزقونها وليس بدني المُلقى في التابوت.. فلا أدري ما هذه العلاقة بيني وبين بدني بعد إنفصالي منه..
ولم يكن هناك معينٌ أستعين به، ولا ناصرٌ أنتصر به أو ألوذ إليه.. فبدأت أصرخ وأستغيث بصوتٍ عالٍ، وهذا الذي انتخبوه لِمَبيت المسجد لا ينهضُ من صراخي!

#يتبع
#تحت_أجنحة_البرزخ

#قصة_تحت_أجنحة_البرزخحيث تعيش القصص. اكتشف الآن