الجزء ٦

76 10 1
                                    

#الجزء_6

فهل يا تُرى كان يقصد سفر الآخرة ؟!
نعم، لعلّه كذلك وإلّا فما معنى وصيته بأنّ خير الزاد التقوى..
وهل التقوى تكون مَتاعاً لغير الآخرة؟
نعم إنّه كان يقصد ذلك ويؤكّده قولُه ( فاسعَ لتحصيلها هذه الأيام )

😭 آه الويلُ لي! إذاً أيّامي في الدنيا قليلة، آه .. كيف بالصكوك التي لم يصل وقتها؟! وكيف بحساب العمّال الذي كلّه في دفتري الخاص ولا يكتبه ويقدمه للشركة أحدٌ غيري؟! أم كيف بالأسرار التي في صدري والتي طالما تردَدْتُ في كشفها متأمِلاً أن يعود جمال لرشدِه ويتوب من أعماله، إنّها أسرار سرقاته من الشركة وقد لا يعلم بها أحدٌ غيري، أم كيف بـ .. ؟!

😨 أحسست بصداعٍ في رأسي، فقمت من مجلسي وقررت الذهاب إلى بيت جدِّ مرتضى لِجَلبِ مرتضى منه، فلعلَّ برؤيته وملاعبته تسكُن نفسي وتهدأ أعصابي، فأستطيع التفكير بما يجب عمله.

ما أن وصلتُ حتى حملت مرتضى وذهبت به إلى إحدى الحدائق العامة ذات الخضرة الجميلة وتحت السماء الزرقاء الصافية، حينئذٍ أعطيته كُرَته لينشغل باللعب بها، أمّا أنا فقد أخرجتُ ورقةً وقلماً لأكتب ما يجب فعله من أجل الخلاص من المتعلقات المتشابكة التي طَوقتُ بها عنقي..

فكان من ضُمن ما قررتُ عليه مصارحةَ مسؤول الشركة بما اطلعتُ عليه بشأن جمال، كذلك بيع ما زاد عن الحاجة في البيت لتسديد الصكوك، وغيرها من الأعمال التي قررتُ إتمامها غداً إن شاء الله، عندها قلتُ في نفسي ما أحسن أن يكون الإنسان خفيفٌ ثِقله مستعدٌ لسفره من هذه الدنيا ليكون ثقيل الميزان في الآخرة..
فلو جاءني الموت هذه اللحظة بماذا أجيب ربّي، ومن يقضي عني ديوني؟؟

ووسط هذه الأفكار وإذا بصوت مرتضى ينادي:
🔹 بابا، بابا لقد تعبت من اللعب.
🔸 تعالَ هنا ياعزيزي.

أسرع راكضاً نحوي وضمَمْته إلى صدري.. ثم ذهبنا للصلاة في مسجدٍ قريبٍ من الحديقة العامة، وبعد أدائِها أحسست أن صلاتي هذه المرة تختلف عمّا قبلها..
فتساءلتُ في نفسي لماذا انقضى عمري وأنا لم أحسّ بطعمها إلّا هذه المرة، أتُرى أنها كانت غير مقبولة عند ربي؟
أم أنها لم تكن كاملة؟

😭 فيا ويلاه ماذا عن صلاتي السابقة!! وهل هي في محل قبولٍ عند الحق تعالى، أم أنها مردودة على رأسي ؟

من هنا بدأَتْ دوامةُ الفكر تحوم فوقي وتجرّني يميناً وشمالاً، فحاطَتْ بي وملأَتْ خاطري..

و تساءلتُ مرةً أخرى : إذا كانت صلاتي هذه المرّة صلاةَ مودعٍ للدنيا، فلماذا لم تكن كذلك قبل هذا الوقت ؟
ألم أكن أعلم أنني مودّعٌ لها يوماً ما؟! فإن لم يكن اليوم فغداً أو بعد غد!

هكذا كان حالي، وكلّما قيّدتني أفكارٌ كهذه بحبائلها أبعدْتُها عني بإقناعِ نفسي أنّ الله غفورٌ رحيم، وهو القائِل في كتابه :
( قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ )

#يتبع
#تحت_أجنحة_البرزخ

#قصة_تحت_أجنحة_البرزخحيث تعيش القصص. اكتشف الآن