الجزء ٤

88 9 0
                                    

#الجزء_4

بدأ جمال يخفّف من سرعة سيارته شيئاً فشيئاً لقرب وصولنا إلى محلنا السكني،
حينها أحسستُ بوجوب تدارك الوقت واستثمار الفرصة بأسرع ما يكون فأجبته قائلاً:
🔹لا يمكن للعقل أن يقبلَ تساوي مصير الطلّاب وقبولهم في الجامعات مع اختلاف درجاتهم، ولا يمكن قبول تساوي الظالِم والمظلوم أو السارِق والمسروق، بل العقل يحكم بوجوب أن يأخذَ الظالِم والسارِق جزاءَهُ بالسجن أو الغرامة وما شابه ذلك..
فإذا سلَّمنا بهذا كلّه، فهل يمكن للخالق أن يساوي بين خلقه بعد موتهم دون أن يعذب السارِق والظالم وأمثالهم؟! وأنت ترى أنّ كثيراً ممّن أكل حق الناس ومضى في ظلمِهم لم يأخذ جزاءه في هذه الدنيا!

فتحتُ باب السيارة بعد توقفها وشكرته على إيصاله إيّـاي، ولا أعلم إن كان قد فَهِم كلامي الأخير ومقصده أم لا..

طرقتُ باب البيت، وإذا بصوت أقدام مرتضى يطرق سمعي وهو يركض بسرعةٍ حتى وصل الباب وفتحه، نظرتُ إليه لأرى وجهه مرتبكاً ولونُه مصفراً ودموعه جارية:
● بابا! بابا! ماما خرجَت وقالت: الآن أذهبُ وأعود، لكنها لم تعد لحدّ الآن!!
■ متى ذهبت؟ و إلى أين؟
● بعد الصلاة قالت لي: سأذهبُ لأشتريَ شيئاً من الدكّان الذي في رأس الشارع، فلا تخرج من البيت وسأعود فوراً.
لكنّها لم تعد.
■ أمسكتُ بيد مرتضى الذي لم يتجاوز سنينَه الأربع، و ذهبنا معاً إلى الدكّان الذي عادةً ما نشتري منه إحتياجاتنا، وما أن وصلتُ إليه وسلّمت على صاحبه حتى رأيتُ الإرتباك على وجهه، وبدأ يتَمَلْمَل في كلامه، فعلمتُ من ذلك أنّ أمراً ما قد حدث..
فسألته مستغرباً :
🔹هل أتتكم أم مرتضى قبل ساعتين ؟
🔸نعم .. نعم .. و ..
🔹وماذا ؟!!

كان مضطرِباً في كلامه، فقال :
🔸بعد أن اشترَت ما تريد أرادَت عبور الشارع إلى الجهة الأخرى، فلم تكد تخطو خطوةً حتى أتت سيارة بسرعة عالية و..
🔹وأين هي الآن ؟!
🔸نقلوها الى المستشفى المركزي .

إنتابني أسفٌ وحزنٌ عميق , وإسترجعتُ في نفسي وقلت :لاحول ولاقوة إلا بالله , والحمد لله رضاً بقضائِه وصبراً على بلائه.

إتصلتُ بسائق سيارةِ أجرة أعرفه، وطلبت منه القدوم لِيَقِلني إلى المستشفى، ثم تقدمت خطواتٍ نحو مكان الحادث فرأيت آثار دماءٍ متفرقة لا تزال باقيةً هنا وهناك! وسيارةً وسط الشارع بصورةٍ غير اعتيادية قد لُطِّخت مقدمتها بدمٍ مبعثر، حينها أحسستُ أن الحادث كان شديداً قد لا يُبقِي على حياتها..

👦🏻 بابا أين ماما؟! لنذهب لرؤيتها .
🧔🏻 حسناً يا ولدي سنذهب إليها عن قريب .
👦🏻 بابا.. بابا! هذا عمّو جمال .

لم ينتظر مرتضى جوابي له، وذهب مسرعاً نحو جمال بعد أن رآه قد نزل من سيارته، وقبل أن يصل إليه عاد ليمسك بيدي ويجرّها نحوه وهو يقول :
👦🏻 بابا هذه سيارة عمو جمال لنذهب معه .

تقدم جمال نحونا وهو يحاول إظهار تأسف وحزن مصطنع على ما حدث بعد إطلاعه على الموضوع من الأطراف فقال :
🔹يؤسفني ماحدث لزوجتك، أرجو أن تكون بحالٍ أحسن الآن ولا يكون الضرر كبيراً، لنذهب بسرعة إلى المستشفى فسيارتي بخدمتك .
🔸 أشكرُك فإني قد اتصلت بسيارةٍ لتأتي بعد قليل .
🔹 اتركها!! سيأتي ويعود وهل في ذلك شيء ؟
🔸 نعم، فحين استأجرته يجب إعطاؤه حقّه وإرضاؤه ولا يجوز الفِرار من أجرته.

لم تتأخر سيارة التاكسي كثيراً فقد جاء مسرعاً وكأنه يعلم بالحادث، فركبت معه وتحرك بينما أعيُن جمال كانت تلاحقُني بنظراتٍ ثاقبةٍ وأعين ساخطة...

#يتبع
#تحت_أجنحة_البرزخ

#قصة_تحت_أجنحة_البرزخحيث تعيش القصص. اكتشف الآن