الجزء ٢٤

55 8 0
                                    

#الجزء_24

تركني وحيداً وذهب..
وذهب بريق كلّ الأشياء، وساد الظلام، فما عدتُ أرى شيئاً، ولا أسمع صوتاً، وغمرتني وحشةٌ شديدةٌ، وتحيرت إلى أيّ جهة أقصد، وإلى أيّ طرف أخطو، لقد كان الحال مَهُولاً والمستقبل مجهولاً، ولعلّ هذا مقدمة العذاب ...

😰 إنجلَى الظلام وأقبلَ عليَّ كائنان عملاقان أسودان كسواد القير، لا يُرى منهما شيء غير شراراتٍ تخرج من عينَيْهما وحلقَيْهما، وشراراتٍ أخرى تخرج من عصايتهما الملتهبتَين.
دَنَيا منّي حتى وصلاني وأنا في حالة خوفٍ شديدٍ، فمسكني أحدهما من رأسي والآخر من قدمي وحملا بي سريعاً كالبرق إلى وادٍ كبيرٍ عميقٍ يصعد منه دخانٌ أسودٌ عظيم .
لقد كان الوادي عظيماً لدرجة أنّ له سُوراً ضخماً لم أتمكن من تمييز حدّاً لنهايته لا من أعلى ولا من يمينٍ ولا من يسارٍ!
إقتربنا منه، فانفتح لنا بابه الذي لو إجتمعَت آلافٌ مؤلّفةٌ من البشر لِفتحه ما تمكنوا منه .
دخلنا، وإذا بأصوات صراخٍ وعويلٍ لنساءٍ ورجال.. وغمرَت مشامي رائحةٌ كريهةٌ نتنة! فقلتُ للمأمورين معي :

🔹ما هذا المكان الذي جلبتُمَاني إليه ولعلّكما إشتبهتما في شخصي ؟
قال أحدهما :
🔸نحن ملائكة الغضب، لا نشتبه بأحدٍ قَط، وفوقنا رقيبٌ نأخذ منه الأمر، ورقيبُنا عليه رقيب حتى يلي الأمر إلى الجليل الأعلى، ألَمْ تقرأ في القرآن الكريم {لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ}

أمّا الآخر فقال :
🔸وهذا وادي خُصِّص لعذاب العاصّين، ولا بدّ لك من قضاء بعض أنواع العذاب فيه حتى تنقى من ذنوبك .

قال كلامَه وضربني بعصاه على رأسي فاشعل ناراً، وصرختُ صرخةً عظيمةً، وضربني الآخر على بطني فالتهبَت هي الأخرى .

ذهبا عنّي وبقيت أتَلَوى وأحشائي تحترق حتى بدأت أسمع توَغُل النار فيها..
😭بأي حالٍ سيئةٍ كنتُ وأيّ آلام تحملت، بل أيّ صراخٍ صرخت وما من مجيب، واستغثت وما من مغيث .
🔥لقد كان إحساسي بحرارة النار إحساس من حضر فيها فهو داخلها لا من أخبروه عنها فهو يتخيلها.. وشتّان بين الإثنين!

بقيت بهذه الحالة ساعات شغلني ألمي فيها عمّا حولي ، فلما هدأت النار وعاد جلدي كما كان نظرت يميناً و شمالاً فرأيت وادياً ليس له حدود قد انتشر فيه آلاف من ملائكة الغضب بأشكال مختلفة مرعبة يحملون سياطاً مختلفة منها الغليظ والنحيف، وبعضها من نار وبعضها من مواد أخرى أجهلها، وهناك مجاميع أخرى تحمل مقامِع من حديد مُحمّر..

قَدِم عليّ ملكان ظهرا فجأةً فلا أعلم من أيّ جانب أتَيَا! إقتربا مني وحملاني إلى غرفةٍ مليئةٍ بصفوف الملائكة الذين اصطّفوا بشكلٍ مرتبٍ ومنتظم، وهم ينظرون إلى ملك عظيم الخلقة قد تصدَّرهم وتقدَّم عليهم، ويبدو أنه زعيمهم...
ألقياني أمامه وتحدثا معه بحديثٍ لم أفهمه وخرجا وبقيت أنظر إليه كالذليل بين يديه أرتجف خوفاً منه .

أومَأ إلى ملكين آخرَين فأتيا سريعاً وحملاني إلى غرفةٍ أخرى، إذ جاءنا فيها ملك يحمل لوحاً علّقه في عنقي وقال :
🔺إنّ هذا اللوح يحمل أعمالك السيئة صغيرها وكبيرها سوى ما تُبتَ منه، مع توضيح جزاء كلٍّ منها من العذاب ونوعه ودرجته ومدّته، كما يحوي صفاتك وملكاتك السيئة التي لم تزل باقية بسبب عدم اقتلاعها من جذورها في الدنيا..

أجبته قائلاً:
🔹 وهل يمكن لي معرفتها ؟
🔺نعم يمكن لك ذلك

حملني إلى غرفة أخرى، ودخلنا فيها فرأيت ملكا قد وضع أمامه لوحاً عظيماً، فلما رآني قال للمأمور معي :
ما اسمه؟ ما رمزه ؟

ذكر المأمور إسمي الكامل ورقم طويل تتخلله أحرف وكلمات لم أفهمها، بعدها خاطبني الملك قائلاً:
🔺اجلس هنا!
وأشار إلى كرسي كان في الغرفة فجلست عليه وقال :
🔺 هل ترى هذا الكتاب ؟

#يتبع
#تحت_أجنحة_البرزخ

#قصة_تحت_أجنحة_البرزخحيث تعيش القصص. اكتشف الآن