#الجزء_11
إزدادت حيرتي، و إسوَدَت ظلمتي، وانشلّ فكري عن التفكير، فأصبحتُ أنظر لِما حولي يميناً ويساراً، وإذا بأحد ملائكة الرحمة يقول :
🔹 أنظرْ إلى هناك، إنّها أعمالُك الحسنة الخالصة لله وأفكارك الطيبة وأوقاتك التي ملأتها بطاعة الله..
وتلك مساعداتك لإخوانك..
وتلك نفقاتك في سبيل الله ...كنتُ أنظر إلى خُلاصة أعمالي الحسنة واحداً واحداً فاستبشرت وفرحت بذلك كثيراً على الرغم من الحسرة التي لم تزل ترافقني على عدم الإكثار في كلّ واحدٍ منها..
حينها توجّه أحد الملائكة نحو ملك الموت وقال له :
🔸 لقد وجدنا في أعماله ما ينفعه في عدم العدول عن دينه وفي نُطق الشهادتَيْن.قال ملك الموت :
❓وما هي تلك الأعمال التي يمكنه الاستغاثة بها ؟🔸 لقد كان يؤدي الصلاة في أول وقتها،
ويصل رحِمه،
ويُحسن بوالديه،
وكان كثيراً ما يقرأ دعاء العديلة وسورة ياسين والصافات
ودعاء ( رضيت بالله رباً ... ) بعد كلّ صلاة،
وأيضاً كان يقرأ زيارة آل ياسين،
ويُكثر من ذِكر لا حول ولا قوة إلّا بالله العليّ العظيم .فرأيتُ الشيطان قد اشتعل غضبه بعد أن ترك لساني وقال لأعوانه :
- لا فائدة من الجلوس هنا والحديث معه، إنّ لديه من الأعمال ما لا نستطيع بوجودها تغيير عقيدته ومنعه من نطق الشهادتيْن، إذهبوا جميعاً وسوف أنتقمُ منه ...فذهبوا وحينها سمعتُ وللمرة الثالثة نداء مؤمن وهو يقول :
🔸سعيد، هل تسمعني ؟هذه المرة دون أن أقول له نعم، نطقَ لساني بقول لا اله إلّا الله محمّدٌ رسول الله، هنالِك رأيتُ الابتسامة على وجه صديقي مؤمن.. نعم حقاً إنه صديقٌ مخلص، ولم يتخلَ عني حتى في اللحظات الأخيرة من حياتي .
إقترب مني ملك الموت وسلّم بقوله :
🔹 السلام عليك أيّها العبد المؤمن .فُوجِئتُ بسلامه عليّ، ولكني تمكنتُ من جوابه فقلتُ :
🔸 وعليك السلام ورحمة الله وبركاته .
🔹إننا مأمورون من الجليل الأعلى بأخذ روحك ونزعها من بدنك الدنيوي .
🔸آهٍ، الويل لي، هل تسمح لي بأيام قليلة أعيشها في الدنيا مرةً أخرى لأستكثِر من أعمالي، وأثقِّل ميزاني، وأودِّع أحبائي ؟🔹هيهاتَ من ذلك! فالله لا يؤخر نفساً إذا جاء أجلها، وقد أعطاك من الوقت في الدنيا ما يكفي للرُقي إلى كمالات الأولياء ونيل درجاتهم، فأين كنت من ذلك ؟❗️
سمعتُ ذلك منه فجزِعت جزعاً عظيماً، وأصابتني حسرةٌ كُبرى، فبأيّ أعمالٍ سأقابل بها ربّي، وما هي إلا أعمال خمس سنين، أما ما قبلها فقد كانت محاطةً بالجهل والغفلة، محفوفةً بالشك والرياء..
استحضرتُ ذلك في نفسي فبكيتُ بكاءً شديداً، فتدارك ملك الموت حالي وقال :
🔹 على كل حال، إن كفّة ميزان أعمالك الحسنة قد غلبت على كفّة سيئاتك بعد أن أبدل الله بعضها حسنات،
وقد تقبّل توبتك النصوح قبل خمس سنين، فلا تخف ولا تحزن،
فو الذي بعث محمّداً (ص) لَأنا أبرُّ بك وأَشفَقُ عليك من والدٍ رحيمٍ لو حضرك..
إفتح عينيْك جيداً وانظر إلى هؤلاء الأنوار هل تعرفهم ؟#يتبع
#تحت_أجنحة_البرزخ