امــــل

16

#امــــل
.
#الحلقة 16
.
.
شعر جهاد بالاضطراب فقد اوجعته نبرة عامر الحزينة كان همسه يقطُر ألماً ، ظل واقفاً وقد اعطى ظهره لجهاد واسترسل في همسه :
_ كنتُ مرتبطاً يا جهاد ، تقدمت لخطبة احداهن و كانت السعادة تحيط بقلبي لقد احببتها كثيراً و لكنها لم تستوعب طبيعة عملي و ذات يوم وبينما انا في الواجب اتصلت امي واخبرتني بأن خطيبتي في المشفى و لابد من حضوري فقد كانت مصابة بمرض السكر وكلما شددتُ رحالي الى الجبهة كانت تصاب بازمة نفسية تجعلها في وضعٍ لا تُحسد عليه ، اخبرت امي بأني لا استطيع ترك العمل والحضور فقد كنا في حالة هجوم وطلبتُ منها ان تمهلني ليلةً واحدة فقط  .
صمت عامر ليتلقط انفاسه المتقطعة وقد عادت به الذاكرة الى ذلك اليوم الذي وصل فيه الى المشفى و وجد الجميع في حالة بكاء وعويل فقد فارقت خطيبته الحياة نتيجة هبوط مفاجئ وحاد في السكر ، فخطفها الموت  وهي لا تزال في مقتبل العمر ولم يتمكن عامر من رؤيتها او توديعها ، لام نفسه ودخل في قوقعة الحزن الشديد واعتبر نفسه مسؤولاً عما حدث للفتاة واخذ عهداً على نفسه ان لا يقترب من اي فتاة مجدداً .
نهض جهاد واتجه اليه وعانقه بقوة فتساقط دمع عامر بصمت كان يرزح تحت وطأة الشعور بالذنب وقد شعر جهاد بذلك فهمس له :
_ عامر حبيبي ارجوك هدئ من روعك انا اسف جداً لما تشعر به ولكن ياعزيزي انه امر الله وقضائه الاعمار بيد الله فلا تلم نفسك هكذا .
همس من بين دموعه ورأسه على كتف جهاد فبدا كطفلٍ صغير :
_ لولا خوفها عليَّ وتفكيرها المفرط بسلامتي وعودتي اليها ما حصل كل هذا لقد كانت ، لم يكمل عبارته :
_ ما الذي يحصل هنا ؟
كانت حوراء تقف على مقربةٍ منهما حاملةً صينية الشاي ولكنهما لم يشعرا بها .
ابتعد عامر عن جهاد وكفكف دمعه ، توجه جهاد الى حوراء وتناول منها الصينية :
_ لا شيء يا عزيزتي لاشيء نحن نتبادل اطراف الحديث فقط .
اشارت الى اخيها مستهجنة :
_ عامر يبكي يا جهاد وتقول لي لا شيء ؟
اسرعت اليه :
_ عزيزي مابك ، انت شاحب جداً ما الذي حصل ، لم كل هذا البكاء ؟
امسك بيدها يطمئنها بصوت ضعيف منكسر :
_ لا شيء ياحوراء ارجوك انا فقط احتاج ان اذهب الى المنزل .
لم يستطع عامر التحمل اكثر فأستأذن منهما و دخل الى الصالة :
_ امي هيا فلنرحل انا لست على مايرام .
رحل برفقة والدته وذكرياته التي عادت تواجهه من جديد بعد ان ظن انه تخلص منها الى الابد .
.
.