#امــــل
.
#الحلقة
.
.
قضت ايات ليلتها في المشفى بعد ان اخبرتهم الطبيبة بضرورة ملاحظة حالتها الى حين استقرارها وظلت حوراء برفقتها .
وفي منتصف الليل رنَّ هاتف ايات فقد عاود عامر الاتصال بها :
_ الو عزيزتي ايات انقطع الاتصال ظهراً .
دمعت عينا حوراء فقد كانت مشتاقة كثيراً لسماع صوت اخيها :
_ انا حوراء يا عامر .
بذل جهده ليبدو صوته طبيعياً فقد آلمه سماع صوتها الحنون الدافئ :
_ حبيبتي حوراء كيف حالك ياعزيزة اخيك ، اشتقت لك كثيراً ايتها الغالية .
بكت حوراء بصمت :
_ عامر حبيبي ستصبح اباً وسأصبح عمة ، مبارك يااخي .
دمعت عيناه من شدة الفرح ولكنه اخفى ذلك مراعاةً لمشاعرها :
_ الحمد لله على رزقه ونعمته ، اشكرك يااخيتي .
ولكن اين ايات ؟
_ لقد اصابها الاعياء بعد ان حادثتها ظهراً ونقلناها للمشفى لترتاح قليلاً وغداً نعود للمنزل بأذن الله لا تقلق ياعزيزي ستكون بخير .
_ حوراء كوني بخير ارجوك .
شعرت حوراء بالغصة تخنقها لم تستطع الكتمان اكثر فعامر مستودع همها مذ كانت صبيةٌ صغيرة :
_ عامر ، اشعر بالجمود كلُّ شَيْءٍ من حولي يبدو جامداً لايتحرك في داخلي فراغ ، منذ يومين لم يتصل جهاد وانا قلقة عليه اعلم بأنكما مشغولينِ جداً ولعله يرزح تحت ضغط العمل ولكن انقطاعه اقلقني ويتوجب عليَّ دوماً الخضوع للظروف والانتظار والقلق يتآكلني عليه .
كان عامر يصغي وقلبه ينبض الماً لكلام صغيرته ، استجمع قواه واجابها بهدوء :
_ هو فعلاً مشغول ايتها الحبيبة وعندما اراه سأخبره بضرورة الاتصال بك .
ودعها على عجالة واغلق الهاتف فقد شعر بأنه على وشك الانهيار .
وضع رأسه بين يديه وظل يبكي الى ان دخل عليه احد رفاقه واخبره بأن الحاج يطلبه :
_ الحاج يريد التحدث معك ياعامر .
كفكف دمعه وسارع الى غسل وجهه :
_ حسناً ، سألحق بك في الحال .
تنفس بعمق لعدة ثواني ثم توجه الى حيث مكان الحاج المسؤول :
_ السلام عليكم ياسيدي .
_ وعليكم السلام اجلس ياعامر اود ان احادثك بشأن جهاد .
لقد تم الاعداد لعملية خاصة من اجل الولوج الى مخابئ العدو والبحث عن جهاد ، تطوع بعض الاخوة باداء هذه المهمة .
قاطعه عامر على الفور :
_ سأذهب معهم .
_ لا ياعامر ستعود الى منزلك غداً .
_ ولكن ما الذي تقوله يا سيدي كيف لي ان اعود في ظل هذه الظروف ؟
_ عامر انها الاوامر وعليك تنفيذها .
_ ولكن ياسيدي ارجوك ، قاطعه الحاج بصرامة :
_ عامر بدون ولكن ، لن نضحي بأثنين من عائلة واحدة ياعزيزي نعلم بوضعك في المنزل لديك ثلاثة نساء لامعيل لهن سواك ، اذهب واستعد للسفر هيا .
خرج عامر من الغرفة والحسرة تملئ قلبه لم يتوقع ان يأمروه بالعودة ، ولايدري كيف عساه يواجه اخته اذا عاد الى المنزل .
..
كان الرجل يراقب بصمت من الثقب الصغير الموجود في جدار منزله المتهالك فقد ايقظه صياح مجموعة من الرجال من نومه ، اوقفوا سياراتهم بجانب خربة النفايات القريبة من منزله وانزلوا من صندوق احد السيارات جثة لرجل يرتدي زياً عسكرياً ورموها وسط النفايات واخذوا يكيلون له الشتائم ويركلونه باقدامهم وداسوا على رأسه بقوة ثم فتشوا جيوبه وافرغوها مما فيها واخذ احدهم من جيب سترته صورة نظر اليها ثم بصق عليها ورماها بجانبه ، كان الرجل يرتجف خوفاً مما يشاهده :
_ مالذي تفعله يارجل ؟
اجفل من شدة خوفه ونظر خلفه واذا بزوجته تحمل شمعة صغيرة فهمس من بين اسنانه بفم مرتجف :
_ ماذا بك هل جننت كاد قلبي ان يتوقف فزعاً .
تركها وعاد ليراقب من الثقب فرأى ان السيارات ابتعدت و بعد ان اطمئن ان الشارع خلا من وجودهم خرج الى حيث تقبع جثة الرجل ، وضع اذنه على قلبه فوجد انه لايزال حياً ولكنه ينبض بضعف فاتسعت ابتسامته واخذ يسحب الرجل بهدوء الى منزله .
كانت زوجته المرعوبة تراقب من الباب المتهالك لمنزلهم وعندما اصبح بالقرب منها همست بغضب :
_ هل جننت يارجل ماالذي تفعله ، هل تريدهم ان يعتقلونا ؟
_ هيا ساعديني بسرعة دعينا الان من كلامك هذا ، هيا بسرعة .
ساعدته في ادخال الرجل الى الدار واغلقت الباب .
كان السيد صالح و زوجته احد قاطني هذه المنطقة التي احتلها الاعداء وفرضوا سيطرتهم عليها واصبح السكان المحليين تحت رحمة سلطتهم الظالمة :
_ لقد رأيتهم يرمون به في وسط النفايات وظننته ميتاً وعندما ذهبت اليه وجدته حياً وفيه رمق فهل ادعه ليموت خارجاً .
_ وماذا عسانا ان نفعل له ونحن وحيدينِ في هذه الخربة ولانملك شيئاً وهو يبدو جريحاً .
_ أنت بارعة في المداواة بالاعشاب وقد ورثت عن جدتك وامك المهارة في معالجة الجروح والتقرحات ، يمكنك مساعدته ياامرأة هيا .
قربَّ الحاج صالح الشمعة من وجه الرجل وتمعن في ملامحه الملطخة بالتراب والدماء رأى ضربة عميقة في رأسه واضحة للعين :
_ تعالي وانظري لوجهه كم هو وسيم رغم الجراح والغبار يبدو وسيماً جداً ، هيا اسرعي وافحصي جراحه اعتبريه الابن الذي لم تنجبيه هيا ياامرأة لاتظلي واقفةٌ هكذا كالصنم .
تحركت زوجته وجلست بجانب الرجل واخذت تنظر لوجهه فرقَّ قلبها على الفور ودمعت عيناها لرؤيته لاتدري ما الذي اصابها لرؤيته مغمض العين والدماء تلطخ وجهه و همست :
_ يا حاج انه ليس وسيماً فقط لا ادري وجهه فيه شيئاً يسرق القلب .
_ حسناً الان سأجلب لك بعض الماء وباشري بعملك .
_ احضر لي قطعة القماش تلك .
واشارت الى الخزانة في اقصى الحجرة
واردفت :
واحضر صندوق الاعشاب ايضاً.
اخذت تلقى نظرة على جراحه التي لم تكن عميقة جداً ولكن بسبب نزف الدماء الكثير فقد قدرته على الحركة ففقد وعيه و لحسن حظه ظنوا انه ميتاً وتخلصوا من جثته .
كان الحاج صالح يراقب زوجته ويفكر ما عساه يفعل بعد ان يستيقظ هذا الرجل وكيف يواجه عصابات الارهاب اذا قاموا بحملات التفتيش والمداهمات المفاجئة والتي يقومون بها بين الحين والاخر ، ثم فطن الى الصورة التي رماها الرجل فسارع الى الخروج والبحث عنها .
عاد الى منزله وجلس بالقرب من الشمعة واخذ ينظر الى الصورة كانت متسخة ولكنه استطاع تمييز وجه فتاة جميلة جداً ترتدي العباءة وفي يدها وردة بيضاء ، قلب الصورة فشاهد رقم هاتف بالكاد يُقرأ واسفل الرقم عبارة ( جهاد وحوراء عشقٌ في الله ) .
.
.
أنت تقرأ
امــــل
General Fictionتحكي قصة التضحية والجهاد والتوكل على الله والتوبة والانابة اليه.. امل قصة بزوغ فجر الامل بعد ليالي العتمة الطويلة .. تابعونا فبكم نستمر ونمضي .. للكاتبة ندى يعرب