الفصل السادس عشر(part 2)

8.1K 323 52
                                    

الفصل السادس عشر
Part (2)

كان يقف أمام المرآة الكائنة في  أحد جوانب  غرفته يعقد ربطة عنقه حين فتحت "وداد " الباب باندفاع دون طرقه و دخلت إليه بـ وجه تكسوه علامات السئم و الضيق .. 

 رآها في المرآة أمامه تجلس علي طرف فراشه متأففة فـ سألها و هو يحشر الطرف العريض لـ ربطة عنقه في آخر عقدة صنعها :

- مالك يا أمى .. زعلانه ليه؟!

انبثقت الكلمات ثائرة من فمها كـ آلة عتيقة الطراز أعادها صاحبها للعمل بعد هجرِه لها مدة من الزمن :

- بص يا عاصم .. أبوك دا ..(عضت علي يدها بغيظ ثم أعقبت قائلة بحرقة) ..  بص أنا خلاص فاض بيا .. و معدتش هستحمل اكتر من كدا خلاص .. 

دلكت قدمها المهتزة بحركة لا إرادية منها ... ثم تابع قائلة بتذمرو صوت متهدج :

- بس ارجع و أقول أنا اللي غلطانه .. الحق عليا انا .. انا مكنش ينفع أقل من نفسي .. و اجي علي كرامتي  ابدا ..

دنا منها"عاصم" و نزل جاثياً أمامها حين رأى توترها و لمسه في كلماتها .. ثم أخذ يربت علي ذراعيها مملسا عليهما بلطف عله السبيل لتهدئتها ..ثم قال بهدوء :

- اهدي بس يا ست الكل .. وفهميني ايه اللي  حصل ؟!

 خرجت الكلمات من فمها مختنقة بغصات البكاء المختنف  و هي تجيبها قائلة :

 -رغم أن هو إلا مزعلنى .. روحت أكلمه عشان خاطرك .. و علشان مشورنا يقضي علي خير .. يقوم هو يكسر بخاطرى.. و قدام عمتك ..

كانت كلمة " كسر" التي أقرنتها ب "خاطرها" بمثابة المفتاح لانهمار دموعها الحبيسة ..

ضمها "عاصم" بحنان بالغ اليها بعد أن لثَمَ رأسها  في محاولة منه لتطيِّب  خاطرها المنكسر ثم اعتذر منها قائلا :

-حقك عليا أنا يا أمي ..أنا أسف ..أنا اللي اجبرتك علـ....

لم يكمل قوله بسبب مقاطعتها له قائلة : 

- متتأسفش يا نور عيني .. أبوك اللي  غلطان مش انت ..

مسحت دموعها المنسابة علي وجهها و هي تحاول رسم البسمة علي ثغرها كي لا تحزنه في يومٍ كهذا  .. ثم راحت تمسح بحب و لطف علي شعره و وجهه وصلا الي  منكبيه قائلة : 

- ماشاء الله .. الله أكبر عيني عليك برده .. زي القمر يا حبيبي ..

ابتسم  علي تدليلها  له و الذي لم يزول حتي بتقدمه في العمر .. ثم قبَّلَ يدها قائلا : 

- صورة منك يا ست الكل .. ربنا يخليكى ليا و يبارك لي في عمرك ..

- و خليك ليا يا حبيبي .. يلا بينا عشان منتأخرش علي الجماعة أكتر من كدا ..

شد قامته  حين استقام واقفا علي قدميه من جديد ثم أغلق زر سترته السوداء قبل ان يمد يده نحوها لـ يساعدها في النهوض .. 

عَروس مع وقف التّنفيذحيث تعيش القصص. اكتشف الآن