الفصل الحادى عشر
لحظة ضعف عصفت به في غير آوانها فان هو وقع انهارت خلفه عائلة بأكملها .. نظر بوهن لساقيه الممدتين علي الارض النافرتين عن بعضهما و شعور بغيض تملكه حين عجز عن تحريكهما .. يداه ايضا ثقيلتين كثقل الجبال شعوره بهما ضعيف و كأن أحدهما فصلهما عن جسده .. ازداد نهيج أنفاسه .. و هو يري والده يجوب الارض امامه ينادي علي الحراس الذين اقبلوا عليهم ليروه جالس علي الارض مستندا بظهره علي الباب الخلفي لسيارته .. ثني اثنين منهما جذعهما وساعداه في النهوض من مطرحه ليدخله أحدهم الي المقعد الخلفي للسيارة ، أما الأخر فتولي هو أمر القيادة .. ركب بجانبه ايضا والده ..لينطلقوا به باقصي سرعة الي المشفي ..
ذلك كله تحت أنظار "نرجس" المترقبة خوفا لما أصابه .. فلم يكن "شاكر " وحده من ينتظر عودته .. نزلت دموعها رغما عنها خوفا عليه .. دلفت الي غرفتها مرة اخري و اغلقت باب الشرفة خلفها تحتمي من برد الشتاء القارص تستفرد بحزنها ، كل ما فعلته وتفعله لأجله هو ..
جلست القرفصاء أمام باب الشرفة المغلق و غطت وجهها بيدها لتدفن فيهما دموع حبها المفرط له و قلبها المتصدع من كثرة الردع .. لما لا يرغب بها .. ؟! لما لا يراها كأنثي مرغوب بها كما رأيها ناصف ؟!
عادت بذاكرتها لتلك الليلة التي قضتها في المشفي بحجة اقدامها علي الانتحار .. نعم لقد خدعتهم جميعا .. فقد كان الأمر مدبرا شاركتها في خطتها الوضيعة تلك والدتها و الطبيب ايضا بعد ان قبض ثمن تكتمه و كذبه..
تذكر حين غادرت الغرفة لتذهب الي المرحاض ، و حين عادت لم تجد أمها بل وجدت رجل عريض المنكبين أسمر البشرة طويل الساقين قد استبطن غرفتها في غيابها..
وجدته يجلس علي المقعد الوثير الماثل أمام فراشها بعدة سنتمترات واضعا قدم فوق اخري بتعجرف و تعال ..ينفث دخان سكارته ليصنع به هالة من الضباب تحيطه لتزيده غموضا و تزيدها اختناقا..
صاحت فيه تسأله عن هويته : انت مين ؟! و بتعمل ايه هنا؟!
انزل السكارة عن شفتيه و هو يتفرسها بمزيد من التأن .. نهض عن المقعد و سار اليها علي مهل .. غموضه و سترته الجلدية السوداء و قفازاته الجلدية اثارت الريبة في نفسها دفعتها لرجوع الي الخلف باتجاه الباب و قبل ان تفتحه و تصرخ كان قد كمم فمها بيده و سحبها للداخل أكثر ليصطدم ظهرها بالحائط حين اسندها عليه .. همس لها بهمس يشبه فحيح الأفاعي : مش غريبه ان واحده منتحره امبارح و معمول لها غسيل معدة تبقي بالجمال ده و وشها منور كده ..
عادت من تلك الذكري حين تذكرت كلماته المسممة لسمعها و تذكر الاتفاق الذي عرضها عليها و كيف أغواها و جعلها تريها فرصة لقطع ألاف الأميل في ميل واحد و تزداد تقربا لابن عمها و الفرص الحسنة لا تأتي الا قليلا..
ها هو "عاصم" قد ابتعد عنها ألاف الكيلو مترات ..رددت اسمه بحنق : ناصف المراكبي ..
استقامت مكانها لتقف و هي تنظر بشر للاشياء من حولها .. رغبة ملحة اجتاحتها في التشاجر معها لتبدأ معركة ضارية بين الغضب بداخلهاو بين كل ما تطوله يداها .. استغرقت خمس دقائق فقط لتحطيم كل ما يثير غضبها..
أنت تقرأ
عَروس مع وقف التّنفيذ
Romanceو لكن عيناها تحجرتا في مقلتيها و ارتعشت أوصالها رعبا مما رأته في المرآة.. كان أبشع شىء ممكن أن تراه في حياتها.. عادت للخلف مرتعدة تصرخ بصوت عالٍ مُرتعب تناديه بإسمه رغم أنه يقف خلفها مباشرة : عـ..عااااااااااااصم.. فزعت هاربة بعيداً عنه عندما اصطدم...