الفصل الثالث
#عروس_مع_وقف_التنفيذصدع صوت الشيخ و هو يتلو خواتيم سورة "طه" في المذياع أمامه لـ يرج صوته أفئدة الحاضرين في العزاء و الوجوم مطبوع علي وجوههم ...
توافدوا بالمئات لتأدية واجب العزاء في الفقيد ، بعد أن صلوا عليه صلاة الجنازة صباحا ً في المسجد و تزاحمت الحشود في تشيع جثمانه الي مئواه الأخير...أما هو فكان يقف علي قدميه في صدر المأتم يتلقى العزاء في عمه الفقيد ، مُتجهم الوجه، حزين الروح ، لا يكل ضميره عن تأنيبه ، ان أستمر هكذا حتما سيهلك .. كل ذلك لأنه من أصر علي عمه الراحل في المجىء معه و ترك بيته و عائلته ..
يقف و عقله مشغول بـ جده الذي تدهورت حالته الصحيه لـ أسوأ بتلقيه خبر مقتل ابنه الحبيب... اعتصر عينيه متمنياً من الله أن تأتي العواقب سليمة.. فهم يكفيهم ما يكفيهم ..
بينما يقف بجانبه والده و الأفكار تتطاحن داخل عقله لا يصدق أن الذي شيعوا جثمانه صباحا هو نفسه شقيقه الأصغر الذي كان يتسامر معه بالأمس ... كم تمني لو تيبس علي قراره و عزم علي ان لا يأتي..نظر بطرف عينه الي الصورة المصغرة لأخيه .. و التي تقف بجانبه..
"شهاب" ابنه .. كان يقف مثله كـ مثل التمثال الهش الذي تملأه الشقوق... بانتظار من ينفث فيه و يتحول إلي رماد .. حالته لا يرثى لها..عقله ما زال لا يصدق أنه لن يرى والده مرة أخرى ، لولا أن البكاء عار علي الرجال لبكي وانتحب الي أن تبيض عيناه ...مازالت ذكري تلقيه الخبر المشؤوم تدور في فلكه .. و بلاهته حين وافدهم ابن عمه "عاصم" بمفرده ، تكسو ملامحه غبار الحزن و الألم ... تشخصه أمه بنظرات مترقبه ... تتفحص ملامحه باحثة عن إجابة تنفي بها شكوكها المميته..
يذكر أيضا صدمته التي زلزلت كيانه حين تلقي الخبر من فم المقبل ..يذكر لطمات أمه المتكررة علي وجهها قبل أن تهوى علي الأرض كورقة فارقت غصنها في الخريف ...
كانت صدمة مدويه عصفت بهم فجأة دون إنذار مُسبق ...لا يدري كيف وصل إلي هنا مع أمه و شقيقته و لا يدري كيف السبيل للعودة بالزمن لحظة ذهاب والده ليته رفض ذهابه..
شعر بيد تربت علي ظهره بحنان و لكنه تجاهلها فهو لم يكن يعنيه من صاحبها .. ثم أنه سيتلقى الكثير منها في الفترة القادمة فقد ذهب سنده و حاميه و تركه عاري الظهر .. تتقازفه ايدي المارة..أما "سعد" توأم "سالم" لم يكن يعلم أن روحه سوف تنخلع منه هكذا حزنا علي وفاة شقيقه .. شعر بـ خواء رهيب داخله ..
وجد نفسه يربت علي ظهر ابن أخيه الماثل بجواره ؛ يواسيه في مصيبته .. كأن روح أخيه خرجت منه لـ تتلبده هو فـ شعوره القوي بالشفقة و العطف اتجاه ابناء أخيه منذ أتو لا ينفك عنه أبدا .. ماذا لو كان هو مكان أخيه؟! .. ماذا كان سيحل بابنه و ابنته؟! ...
ربت علي كتف ابنه "رائد" راجياً من الله أن يطل في عمره قليلاً لـ يكمل تربيتهم و يطمئن عليهم ...
أنت تقرأ
عَروس مع وقف التّنفيذ
Romanceو لكن عيناها تحجرتا في مقلتيها و ارتعشت أوصالها رعبا مما رأته في المرآة.. كان أبشع شىء ممكن أن تراه في حياتها.. عادت للخلف مرتعدة تصرخ بصوت عالٍ مُرتعب تناديه بإسمه رغم أنه يقف خلفها مباشرة : عـ..عااااااااااااصم.. فزعت هاربة بعيداً عنه عندما اصطدم...