الفصل الأول

44.3K 926 120
                                    

الفصل الأول

#عروس_مع_وقف_التنفيذ

...لا تدع القراء تلهيك عن ذكر الله...

في احدى محافظات مصر تحديداً احدي قراها التي تمتاز ببساطة أهلها و هدوء طبيعتها الريفية ، داخل قصر الغرباوى الذي يخص أكبر عائلات المحافظة..
كان الجميع يلتفون حول جدهم الكهل الذي يفترش سريره الوثير بلا حول ولا قوة، يغطي نصف وجهه قناع طبى يُزوده بـ الأكسجين ..

بلغ ذاك الرجل من العمر أرذله إذ لم يره أحد إلا و أجزم من وضعه الصحي المتدني أنه علي فراش الموت ..

كان يجلس بجواره طبيب العائلة يفحصه كالمعتاد .. تحت أنظار الجميع المترقبة لما سوف يفصح عنه لسانه بخصوص وضعه الصحي بعضهم متأمل في تحسنه و الاخر يرجو خلاصه ...

كانت تقف كنتهم الصغري بجوار ابنتها في أحدي زوايا الغرفة و الإمتعاض ينهش جنباتهم علي عكس الآخرين الذين كساهم القلق .. مالت علي أذن ابنتها لـ تهمس بضيق :
هو الرجل دا مش هيموت و يريحنا من مجية الدكتور كل يومين و وقفتنا دي ؟!

جالت الأخري بنظرها في أرجاء الغرفة خشية أن يسمعهم أحد الموجودين ،و عندما تأكدت من انشغالهم عنهما؛ عقدت ذراعيها أمام صدرها مكممة فمها بأحد يديها لتجيب والدتها بضجر :
شوفي هو جدي اهو .... بس قلبي مش مخلوع عليه زي بنت عمتي حُسنية و ابن عمي شاكر ..أصل احنا مش هنعيش يعني أد ما هو عاش ... دا قرب يقفل القرن ..

أكدت الاخرى علي حديثها قائلة: معاكي حق يا بنت...

صمتت هي لبرهة ثم هتفت بمكر :
بس انتي عارفه يا ماما دا ذنب مين ؟!
ضيقت نظرها و هي تستفسر منها عن مقصدها :
مين يا بنت يا فرح؟!
أجابتها بأعين وجسة تتطلع بـ تشتت هنا و هناك كمن يخشى امساك الناس به في جُرمِه :
ذنب عمي سالم .. من ساعة ما جدي طرده من العيلة و البلد و وقف له بكل جبروت في كل حته يروحها زي العقدة في المنشار .. لحد ما عرف أن مراته المعيوبة خلفت الولد .. و شحتفت جدي و هو بيكلم طوب الأرض عشان يساعدوه و يقنعوا عمي يرجع العيلة تاني .. و ...

بتر استرسالها مع والدتها ابن عمها الأكبر "عاصم" عندما رماها بـ سهام حارقة من عينه المتبرقة فيها .. لترتجف مكانها اثر نظرته التحذيرية و تضغط علي فمها بقوة علامة علي سكوتها التام ، لـ ينظر هو مرة أخرى إلي الطبيب الذي كان يلملم أشياءه استعدادا للرحيل ..

ملامح مُقلقة اعتلت وجه الطبيب جعلت قلب " عاصم " يرتجف وجلاً .. أشر بذراعه ناحية الباب و هو يتقدمه للخارج قائلا :
اتفضل يادكتور اتفضل.

ما أن خرجا من الغرفة و أصبحا بعيدين عن مرمي بصر الأخرين حتي أوقفه "عاصم " ليسأله بصوت أجش :
طمني يا دكتور ، و صارحني في أمل؟!

اخفض رأسه بحزن عميق و قلة حيلة ليجيبه بأسف:
للاسف الحالة متدهورة جدا يا عاصم بيه .. و لازم تكونوا مستعدين لاي حاجه..
ابتلع "عاصم" غصة مريرة كانت عالقة في حلقه منذ رأي الوجوم يكسو وجه الطبيب بعد نزعه سماعته الطبية عن أذنه بالداخل نذير على انتهاءه من فحص جده ..ثم ردد بهمس :
ان لله و ان إليه لراجعون..
استأنف الطبيب حديثه منبها : انا عاوزكم تمنعوا عنه أي حاجه تزعله الفترة الجاية .. لأن الفترة الجاية حرجة جدا....

عَروس مع وقف التّنفيذحيث تعيش القصص. اكتشف الآن